دمشق | أحد أهم الطقوس التي تلازم شهر رمضان هو شراء الحلويات التي يشتهر بها السوريون، والتي كان ينتظرها الضيف قبل ابن البلد. لكن هذا العام مختلف، فأسواق الحلويات شبه خالية من مرتاديها، خصوصاً بعدما تضاعفت الأسعار. وتعرّض، أيضاً، أصحاب هذه الصناعة إلى تضرّر معاملهم كلياً أو جزئياًَ نتيجة الحرب، ما أجبرهم على تخفيض الانتاج، وبالتالي تراجع المبيعات بعد ارتفاع كبير في أسعار المواد الأولية.
في جولة على أشهر أسواق الحلويات في دمشق، يلحظ المواطن قلة الأصناف المعروضة في المحال. صاحب أحد المحال في منطقة المرجة يعترف بأنه «يمكن أي شخص أن يلاحظ أن حركة البيع لم تعد كما في السابق، نظراً إلى ارتفاع أسعار الحلويات المبيعة في الأسواق، وهذا الارتفاع يمكن تقديره بحوالى خمسة أضعاف عمّا كان عليه في سنوات سابقة».
وتعود أسباب الارتفاع الى الزيادة الكبيرة في أسعار المواد الأولية المتعلقة بتصنيع الحلويات من السمن والسكر والطحين. ورغم ذلك، لم يواجه مصنّعو الحلويات صعوبة في تأمين المواد الأولية، لكن التأثير الأشد على صناعتهم كان بسبب أسعارها، وبالتالي الفروقات في حجم المبيعات. «انخفضت القدرة الشرائية بشكل عام ونستطيع القول إن سعر علبة الحلويات الواحدة ازداد بنسبة 100% بينما انخفضت المبيعات إلى النصف وأكثر»، يضيف صاحب المحل.
ولا يمكن تحديد سعر موحّد لبيع الحلويات، إذ تتراوح الأسعار بين 1000 و4000 ليرة سورية. ويشير أحد تجار الحلويات لـ«الأخبار» إلى أنّ «اضطرار البعض إلى إغلاق معاملهم في أماكن معينة، خاصة في ريف دمشق، لم يؤثر كثيراً في العمل، لأنّ تصنيع الحلويات يعتمد على الأشخاص أكثر منه على الماكينات».
تاجر آخر في العاصمة يرى أنّه «اعتدنا في كل سنة أن نسجل ما نسميه تواصي، وغالباً ما تكون كمية كل طلب 5ــ6 كيلو، أما اليوم فحجم هذه الطلبات لا يتجاوز 2 كيلو». ويلفت إلى ارتفاع أسعار الفستق الحلبي، و«هو مادة أساسية في صناعة الحلويات، الى 3600 ليرة للكيلو بعد أن كان 1200، بزيادة نحو ثلاثة أضعاف». أما في ما يتعلّق بالجوز، فقد «ارتفع سعر غير البلدي منه من 500 ليرة في بداية الأحداث إلى 2700 ليرة، فيما سعر البلدي أغلى من ذلك». وبسبب هذه العوامل، «اضطررنا إلى التوقف عن تصنيع عدد من أنواع الحلويات مثل البرازق والغريبة، والتي تدخل في تصنيعها مادة السمسم»، يقول التاجر.
وتجدر الإشارة الى ارتفاع سعر السمسم من 300 ليرة إلى 1000 ليرة. أما السبب الآخر فهو «اضطرارنا إلى إغلاق معملنا في منطقة القابون (إحدى المناطق الساخنة)، وأصبحنا نعمل في مستودع تابع لمحل البيع، وأصبح التصنيع فيه صعوبة أكبر، إلى جانب ارتفاع تكاليف المازوت واليد العاملة». ورغم كل هذه الصعوبات التي يواجهها أصحاب محال الحلويات، «لا نقول إننا خسرنا، لكن انخفضت نسبة أرباحنا. هكذا نستطيع الحفاظ على زبائننا من جهة واليد العاملة من جهة أخرى»، يختم التاجر.