اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح أمس، بمسؤوليّته عن ارتكاب مجزرة مقبرة الفالوجا خلال معركة «وحدة الساحات»، بعد أن ادّعى سابقاً أنها وقعت بسبب سقوط صاروخ أطلقته حركة «الجهاد الإسلامي» ضمن رشقة كبيرة طالت أكثر من 58 مستوطنة، و«فشل في الوصول إلى هدفه». وكان استشهد في المجزرة كلّ من الأطفال جميل إيهاب نجم (13 عاماً)، جميل نجم الدين نجم (4 أعوام)، حامد حيدر نجم (16 عاماً)، محمد صلاح نجم (17 عاماً)، ونظمي فايز أبو كرش (14 عاماً)، إثر استهدافهم بصاروخ من طائرة إسرائيلية مسيّرة أثناء تواجدهم داخل المقبرة التي تتوسطّ منازلهم. ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية، عن مصادر في جيش الاحتلال، تأكيدها أن سلاح الجوّ الإسرائيلي يقف خلْف قصف المقبرة، بعدما كانت الصحيفة ذاتها نشرت تقريراً للصحافية الإسرائيلية، عميرة هاس، قالت فيه إن «أطفال عائلة نجم جميعهم قُتلوا بصاروخ فلسطيني»، علماً أن التحقيق الذي أجراه جيش العدو، ولم يعلَن عنه رسمياً، أكد أنه لم يتمّ رصد إطلاق صواريخ من «الجهاد» في ذلك الوقت، فيما تُظهر بيانات القوّات الجوّية الإسرائيلية أنها هاجمت أهدافاً في المنطقة آنذاك. وأضافت «هآرتس» أن الجيش الإسرائيلي اختار عدم التطرُّق علناً للهجوم، إلّا أنه جرت مناقشات حوله خلال محادثات مغلقة شارك فيها مسؤولون كبار في المؤسّسة الأمنية.
الاعتراف الإسرائيلي أغلق باباً استُهدفت منه المقاومة معنوياً وشعبياً خلال المعركة

وعلى رغم أنّ الاعتراف الإسرائيلي أغلق باباً استُهدفت منه المقاومة معنوياً وشعبياً خلال المعركة، إلّا أنه يفتح أبواباً جديدة، يرى المحلّل السياسي، أيمن الرفاتي، أنها «تهدف إلى تعزيز فكرة أن جيش الاحتلال يمتلك مساحة من المصداقية والشفافية والاعتراف بالأخطاء». ويعتقد الرفاتي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الاعتراف الإسرائيلي أكثر خبثاً من اتّهام الجهاد، فهو يتنصّل من مجزرة بعيْنها بهدف دقّ إسفين بين المقاومة وحاضنتها الشعبية حول المسؤولية عن مجازر أخرى، علماً بأن الأجهزة الأمنية في غزة شرعت في إجراء تحقيقات دقيقة حول المزاعم الإسرائيلية، ولم تُظهر تلك التحقيقات حتى اللحظة مسؤولية المقاومة عن الأحداث التي ينفي الاحتلال مسؤوليته عنها». من جهتها، اعتبرت «الجهاد» أن «المؤسّسات والمنظّمات الدولية والإنسانية والعالم كلّه أمام أدلّة ساطعة على ارتكاب الاحتلال جرائم حرب استهدفت المدنيين والأطفال خلال العدوان الأخير على غزة». وقال المتحدث باسم الحركة، طارق سلمي، في حديثه إلى «الأخبار»، إن «إسرائيل تمتلك أكبر قوّة تكنولوجية في الشرق الأوسط، وهي تمتلك القدرة على التفريق بين المدنيين والأطفال والمقاومين، وقد ارتكبت المجازر عن سبق إصرار وترصّد»، مطالِباً وكالات الأنباء التي «تساوقت مع المجرمين وقتَلة الأطفال بالاعتذار للشعب الفلسطيني لأن تقاريرهم الكاذبة ساهمت في ذبح الضحية مرّتَين». ولفت إلى أن «الجهاد شرعت في جملة من المتابعات والمراجعات لكلّ ما حدث خلال المعركة على الصعيد الداخلي».