حلب | لم يتوقّف توافد الصناعيين إلى المدينة الصناعية في ريف حلب الشمالي، منذ اللحظات الأولى لتحريرها. منذ ساعات الصباح الأولى، كان الصناعي محمد جمول برفقة العشرات ينتظرون قدوم المزيد من الصناعيين الذين سجّلوا أسماءهم لزيارة المدينة المنكوبة. تنطلق السيارات التي حملت مئات الصناعيين نحو الشيخ نجار. ساعة وربع الساعة يستغرقها طريق لم يكن ليستغرق عشرين دقيقة أيام «الاستبداد»، يقول جمول متهكماً.
في مفكرة كل منهم أسماء زملائهم الذين غادروا، والذين طلبوا في اتصالات هاتفية تفقد منشآتهم. مجد ششمان، صاحب معمل لصنع الخيوط، توجه إلى المدينة لاستقصاء ما آل إليه معمل صديقه المقيم في الأردن، فيما صناعيون غيره تكفّلوا بتفقّد معامل أقاربهم.
الصناعيون سبقوا وزيرهم نحو المدينة. بعضهم يريد معرفة حجم أضرار معمله، قبل الاجتماع المرتقب الذي ستصاغ فيه جملة المطالب المتعلقة بالصناعيين، وبالأخص صناعيي الشيخ نجار.
وعلى وقع القذائف التي تنهمر على المسلحين شمال المدينة الصناعية، جال وزير الصناعة كمال الدين طعمة برفقة مسؤولي محافظة حلب على المنشآت أول من أمس. وقال إنّ حكومته «لن تدخر جهداً في إعادة تأهيل البنى التحتية وإصلاح ما دمرته يد الإرهاب، وبما يضمن إعادة عجلة الإنتاج فيها وتشغيل منشآتها لتعود من جديد رافداً للاقتصاد الوطني يوفر آلاف فرص العمل للشباب».

كثير من معامل
المدينة جرى تفكيكه بإشراف خبراء أتراك
من جهته، قال مدير المدينة الصناعية، محمد هندية، لـ«الأخبار»، إنّ «كثيراً من معامل المدينة جرى تفكيكه بإشراف خبراء أتراك. كان المسلحون يخيّرون الصناعي بين شراء معمله منهم أو تحميل خطوط الإنتاج إلى تركيا». لم يكن غريباً بقاء بعض المعامل في حالة سليمة، وبعضها استمر في الإنتاج قبل أن تستعر المعارك. والسر في ذلك هو «دفع أتاوات للمسلحين للسماح للعمال وصاحب المعمل بالعمل، تحت بند دعم الثورة»، وفق صناعي طلب عدم ذكر اسمه. الصناعي الشاب أضاف أنّ «الدولة لم تتخذ أي إجراء ضد هؤلاء، ولكن غالبية الصناعيين لم يرتاحوا لهذا السلوك». وفي كل زيارة للصناعيين، يبادر ضباط الجيش إلى التأكيد على استعدادهم للنظر في أي شكوى لصناعي حول معمله وممتلكاته، مؤكدين أن منع إخراج المواد من المنطقة هو توكيد لرغبة حكومية بعودة الصناعيين وإعمارهم لمدينتهم قبل أن يكون إجراءً لضبط العناصر المسيئين من أي جهة كانوا.