بعد ساعات من موافقة المجلس الوزاري المصغر على الاقتراح المصري لوقف النار، توعّد بنيامين نتنياهو قطاع غزة بمرحلة جديدة من العدوان، مهدداً حركة «حماس» بأنها ستدفع ثمن رفضها لاتفاق التهدئة. وأضاف نتنياهو، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الدفاع موشيه يعلون الى جانب رئيس أركان الجيش بني غانتس، أن «حماس اختارت استمرار الحرب وستدفع الثمن لقاء ذلك». وبرر نتنياهو موافقته على المبادرة المصرية بالقول إنه «كان يفضل حل المسألة بوسائل سياسية».
وضمن سياق تسويق العدوان الاسرائيلي، كما لو أنه «دفاع عن النفس»، مستغلاً المظلة السياسية التي وفرتها المبادرة المصرية، قدم نتنياهو موقف إسرائيل كما لو أنه لم يعد أمامها خيار آخر سوى مواصلة المعركة وتصعيدها بالقول «حماس لم تبقي أمامنا خيارات إلا توسيع الحرب ضدها»، مشدداً على «أننا هكذا سنعمل حتى تحقيق أهدافنا ــ تحقيق الهدوء وتوجيه ضربة نوعية للتنظيمات الإرهابية ــ»، في إشارة الى فصائل المقاومة.
وكان نتنياهو قد أعلن، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الالماني، أن الاقتراح المصري لوقف النار «سيمنح شرعية دولية» لإسرائيل لتوسيع عدوانها ضد قطاع غزة، مشيراً الى «أننا قبلنا بالمبادرة المصرية من أجل إعطاء فرصة للتعامل مع نزع الصواريخ والقذائف الصاروخية والأنفاق من قطاع غزة بطرق سياسية».
من جهته، شدد يعلون على أن إسرائيل «ستواصل ضرب حماس كما ينبغي، في الجو والبحر والبر». أما غانتس فأوضح أن «الجيش سيفاقم المعركة بما يتلاءم مع قرارات المستوى السياسي».
قبل ذلك، استخدمت وزيرة القضاء ورئيسة «الحركة» تسيبي ليفني اللغة والمفردات نفسها، وهددت «حماس» بتوجيه ضربة عسكرية شديدة للغاية في حال عدم موافقتها على المبادرة المصرية لوقف النار. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ليفني قولها، خلال لقائها مع وزير الخارجية الالماني، أن إسرائيل «تمنح حماس فرصة لقبول الاقتراح المصري أيضاً، وكبح سلاحها، لتمنع بذلك رداً إسرائيلياً موجعاً سينزل عليها إذا واصلت إطلاق الصواريخ». ورداً على الانتقادات الداخلية التي صدرت من معسكر اليمين، ادّعت ليفني أن إسرائيل قررت الاستجابة للاقتراح المصري «من موقع القوة وبشروطنا»، وأن «من يدعي غير ذلك هو الذي يضعف إسرائيل من الداخل ويجعل حماس تشعر بالارتياح».
الى ذلك، رأى الرئيس الاسرائيلي السابق شمعون بيريز أن «وقف النار يفتح نافذة فرصة لوضع نهاية للقتال»، ولفت الى أن «حماس عزلت نفسها، والعالم كله يدعوها الى وقف إطلاق النيران، وإذا واصلوا ذلك بالرغم من الاقتراح (المصري) فسيتسببوا بمزيد من المعاناة لشعبهم».

قدم نتنياهو موقف إسرائيل كما لو أنه لم يعد أمامها خيار آخر سوى مواصلة المعركة

وبالرغم من تأييد أغلب وزراء المجلس الوزاري المصغر لوقف النار، بمن فيهم وزير الدفاع موشيه يعلون، لم يكتف وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بمعارضة الاقتراح، الى جانب زميله وزير الاقتصاد نفتالي بينيت اللذين صوّتا ضد القرار، بل بادر أيضاً الى عقد مؤتمر صحافي رأى فيه أنه بعد خرق حماس للاقتراح المصري، ينبغي «الذهاب حتى النهاية» الى حين يسيطر الجيش على قطاع غزة، مؤكداً أنه «لا يوجد بديل آخر».
وبعد انهيار وقف النار، أعلن عضو المجلس الوزاري المصغر، الوزير غلعاد اردان، موقفاً مشابهاً لليبرمان، ورأى أن «الاستعداد الاسرائيلي لقبول اقتراح الرئيس المصري كشف امام كل العالم بأن لحماس هدفاً واحداً، قتل أكثر ما يمكن من الاسرائيليين». وأضاف أن إسرائيل «مضطرة الى تحطيم البنية التحتية لحماس، ومن الممنوع علينا التوقف الى حين استكمال المهمة، الى حين وقف تام لإطلاق النيران، ويتم تجريد قطاع غزة من السلاح والأنفاق».
أما نائب وزير الدفاع، داني دانون، فقد دفع ثمن انتقاده لنتنياهو الذي أقاله من منصبه في أعقاب وصفه الموافقة على وقف النار بـ«الصفعة على وجه جميع سكّان إسرائيل، وخصوصاً سكّان الجنوب الذين كانوا مستعدّين لدفع ثمن باهظ مقابل إنجازات حقيقية أكثر ضدّ حماس». وأضاف «ينبغي أن يكون وقف إطلاق النار فقط بعد أن تحقق إسرائيل إنجازات ملحوظة بشكل كبير، كتلك التي تمنع حماس وسائر التنظيمات الإرهابية في قطاع غزة من قدراتها على إطلاق الصواريخ على مواطني إسرائيل».
كذلك فعل الرئيس السابق لحزب شاس، إيلي يشاي، ووزير السياحة عوزي لانداو الذي رأى أن اتفاق وقف إطلاق النار يمهد الطريق لجولة قتال أخرى، محذراً من أن «حماس تدرُسنا، وسيتعلمون كيف سيتغلبون على القبة الحديدية».
في المقابل، أعرب رئيس المعارضة وحزب العمل، عضو الكنيست يتسحاق هرتسوغ عن تأييده الاقتراح المصري، مشيراً الى أنه «في حال لم تعرف الحكومة كيفية ترجمة وقف إطلاق النار إلى أساس لتحرك سياسي لإحداث تغيير، فإنها ستكون بدون قيمة ومهلة أخرى حتى التصعيد
المقبل».