غزة | ينطلق الصاروخ من غزة تجاه الأراضي المحتلة وتنطلق معه الذكريات والقصص عن أراضي الأجداد، وتكثر الأحاديث عن أيام غابرة جميلة. ظاهرة جديدة تحوّل الحزن إلى أمل بسيط، وسط الظلم والقهر والدمار التي يعيشها أبناء القطاع.
ومع كل صاروخ يخرج من القطاع، تعود الذاكرة ببعض الأسر والعائلات الفلسطينية التي هُجّرت من بيوتها وأراضيها في عام 1948، إلى مدنها وقراها المغتصبة.
يجلس الأهالي مع أولادهم تتوسطهم خريطة فلسطين، وهنا يبدأ الأولاد أسئلتهم عن مكان «بلادنا» وما هي تسميتها الحالية. هنا يستفيض الكبار في الإجابة، فيستحضرون التاريخ، بإخبار أطفالهم عن المكان الذي سقط فيه الصاروخ والمدينة أو القرية التي سكنها الأجداد هناك.
آلاء زوجة الشهيد أبو دجانة عبدالرحمن الذي استشهد قبل ولادة طفلهما الوحيد، تخبر طفلها عن قريتها هربيا قضاء قطاع غزة شمالاً، حيث أقام الاحتلال مستعمرة زكيم. تجلس مع ابنها البالغ من العمر أربع سنوات، وعند إطلاق المقاومة صاروخاً تجاه الأراضي المحتلة، تشرح له مكان قريتها وكيف استولى عليها الإسرائيليون من خلال القتل والتهجير، وتمنّي النفس بأن الصاروخ قد ينزل على الإسرائيليين الذين احتلوا أرضها.
بدأ الأطفال يسألون أهاليهم عن أسماء
قراهم التي تقصف


الصواريخ أتاحت الفرصة أمام الكبار نسبياً للتعرّف على قراهم ومدنهم. في هذا الإطار، يقول محمد البايض (20 عاماً)، لـ«الأخبار»: «لم أكن أعلم أننا نمتلك مدناً ذات مواقع استراتيجية، ولها تاريخ نضالي كبير، أما اليوم فبتّ أعرف أغلب مدننا المحتلة، بعد استهدافها بصواريخ مقاومتنا، التي ستعيدها إلينا في وقت قريب».
من جهته، يشكر الصحافي فتحي صباح المقاومة على إعادة إحياء الذكريات، ويقول إنها استطاعت من خلال هذه الصواريخ أن تساعد ابنه في معرفة أماكن القرى الفلسطينية المحتلة وأسمائها الأساسية والحالية بعد سيطرة الاحتلال عليها.
القرار الإسرائيلي بتهويد أسماء البلدات والمدن لم يكتمل بعد. فالإسرائيليون يسعون لتطبيق قرار بتغيير اسم القدس ليصبح أوراشاليم والناصرة لتصبح نتسيرت، أما عكا فسيتحول اسمها إلى عكو، كذلك فإن عملية شطب الأسماء ستشمل مدناً فلسطينية عدة في الضفة الغربية، من بينها مدينة الخليل التي سيصبح اسمها حيفرون، لكن صواريخ المقاومة فعلت العكس.