تونس | القرارات التي اتخذها رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة، لمواجهة الإرهاب، لم تلقَ ترحيباً من كافة مكونات الطبقة السياسية، حيث رأى البعض «جريمة في حق الإسلام». وكانت خلية الأزمة في رئاسة الحكومة التونسية، قد أصدرت قرارات بإغلاق المساجد الخارجة عن سيطرة الحكومة، التي يفوق عددها المئة، إضافة إلى تعليق أنشطة أكثر من ١٥٠ جمعية مشتبه في تمويلها للإرهاب وتبييض الأموال. كذلك صدر قرار بإغلاق محطات إذاعية وتلفزيونية «تكفيرية».
وأدانت عدة أحزاب هذه الإجراءات، مشيرة إلى أنها «جريمة في حق الإسلام». وفي هذا الإطار، نشر القيادي في حركة «النهضة» الحبيب خضر، رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة، طالبه فيها بالتراجع عن قراره القاضي بإغلاق المساجد. وقال إن «هذا القرار يستهدف الإسلام، كذلك فإنه ضرب من ضروب العقاب الجماعي». وأضاف أنه «ليس كل من يصلي في هذه المساجد متورّط في الإرهاب».
أما حزب «تيار المحبة» الذي يتزعمه القيادي المنشق عن حركة «النهضة» الهاشمي الحامدي، فقد استنجد برئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي، وطالبه بالضغط على الحكومة لتتراجع عن هذا القرار.
واعترض حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» و«حركة وفاء» المنشقة عنه، على هذه القرارات، فيما تحفّظ «الحزب الجمهوري» الذي قدم مشروعاً للحكومة، لمكافحة الإرهاب.
وفي السياق نفسه، أعلن حزب «البناء الوطني» المنشق عن حركة «النهضة» رفضه لهذه القرارات، معلناً رفضه لقانون محاربة الإرهاب الجديد الذي ما زال ينتظر النقاش في المجلس التأسيسي، رغم مطالبة الشارع بتسريع بتّه، حتى يتوافر إطار قانوني لمكافحة الإرهاب.
من جهتها، طالبت «حركة نداء تونس» بتفعيل قانون محاربة الإرهاب لسنة 2003.
بالتوازي مع ذلك، خلقت هذه القرارات حالة استنفار بين قيادات «النهضة»، الذين يعوّلون على المساجد ووسائل الإعلام لإدارة المعركة الانتخابية. وقد بدأ قياديون في الحركة أبرزهم إمام جامع صفاقس رضا العوادي المعروف بعدائه للنقابيين وللحركة الديموقراطية بحملة على الحكومة، معتبراً أن قراراتها تشكل «ضرباً للإسلام لم يقم به حتى بن علي».
ومع وقوف نواب حركة «النهضة» وحزب «المؤتمر» والأحزاب المنشقة عنهما ضد إمرار هذا القانون، اتهمتهم الأحزاب الأخرى بالتستر على الإرهاب ودعمه، عبر تعطيل الآلية القانونية لمحاربة الإرهاب. وفي الوقت ذاته، رأى عدد من المهتمين بالمشهد السياسي، أن قرارات جمعة مرتجلة. كذلك رأى البعض أن هذه القرارات «رغم أهميتها في الظاهر، إلا أنها ردّ فعل غير مدروس أو قفزة في الهواء».
من هنا، تجدر الإشارة إلى أنّ هذه القرارات لم تُطبَّق إلا بشكل محدود جداً، فصفحات تنظيم «أنصار الشريعة» على مواقع التواصل، التي أُعلن إغلاقها السبت الماضي، استأنفت عملها، وتواصل نشر خطابها التحريضي ضد الأمن والجيش والعلمانيين. كذلك استأنفت قناة «الناس» الوهابية البث بخطابها ذاته. أما المساجد المقرر إغلاقها، فلم يُغلق إلا عدد ضئيل منها.