العلاقة بين «الجبهة الإسلاميّة» وحليفتها الأبرز «جبهة النصرة» وصلت الى مفترق طرق. بيان جديد صدر عن «الإسلامية» أمس وضع الكرة في ملعب «النصرة». وصدر البيان على مسافة أيّام من الموعد المرجح لإعلان أبو محمد الجولاني «إمارة الشام» (أول أيام عيد الفطر). وبدا موّجهاً في الدرجة الأولى إلى «النصرة»، رغم أنه لم يُسمّها.
فهي التنظيم الوحيد الذي رشحت أنباء عن اعتزامه إعلان «الإمارة»، والوحيد الذي تؤهله إمكاناته لـ«التعامل مع باقي فصائل الشام من منطلق كونه الحاكم الشرعي». البيان حمل توقيع «الهيئة السياسية» (يرأسها أبو عبد الله الحموي، زعيم «حركة أحرار الشام»)، وأكّد أن «أي إعلان على أرض الشام لخلافة، أو إمارة، أو حكومات، لا يختارها أهل الشام ولا يُقِرها أهل الحل والعقد منهم (وهم بالضرورة وفقاً لأدبيات الإسلامية قادتها) هي إعلانات باطلة. لا تترتب عليها آثارها الشرعية ولا تخص سوى أصحابها». وحظيت «حرب المفسدين» ببند من البيان، أكّد «وجوب معالجة حالات الفوضى والفساد والانفلات والمنكرات الحاصلة في بعض المناطق المحررة بحزم ورسوخ طاعة لله». لكنّ «الإسلامية» شددت على أن شن هذه الحرب هو جزء من صلاحيات «الهيئات الشرعية»، حيث «تتم تلك المعالجة عن طريق دعم الهيئات والجهات الشرعية المشكّلة بتوافق جميع الفصائل والجماعات الفاعلة في كل منطقة، ومؤازرتها بكل ما تحتاجه لإنجاح هذه المهمة». وفتح البيان الباب أمام تقسيم تلك الحرب إلى مراحل «يُفتي» بشأنها «أهل العلم». وقال «يجب الرجوع إلى أهل العلم والمؤهلين لتحديد ما لا يجوز تأجيله، ولا تأخير معالجته من تلكم المخالفات». اللافت في هذا السياق على وجه الخصوص، أنّ «حركة احرار الشام»، التي تُعتبر كبرى مكوّنات «الإسلاميّة» كانت قد فرغت للتو من مشاركة «النصرة» في السيطرة على مدينة حارم الحدودية في ريف إدلب، والتي تندرج في إطار «حرب المفسدين» التي أعلنتها «النصرة»، ووافقتها في ضرورتها مجموعات عدّة عبر بيانٍ صدر أمس الأول، وكانت «أحرار الشام» من ضمن الموقعين، رغم أن قيادة المعارك لم تكن في يد أي «هيئة شرعية» بل في يد «النصرة».

استشهاد ثلاثة
مدنيين في قصف بقذائف هاون
على العاصمة

الأمر الذي يوحي بأن تطوراً ما قد حصل في كواليس «الحلفاء»، ودفع إلى إصدار البيان، الذي يبدو ظاهريّاً رافضاً لفكرة إعلان «الإمارة»، لكنه في جوهر الأمر يُحذر من الانفراد في الإعلان. كذلك يأخذ على عاتقه وضع قواعد أساسية لشكل «الحكم» الواجب اعتماده، إذ «تؤكد الجبهة الإسلامية على أن المنظومة الكاملة للحكم والتي تشتمل على نظام متكامل لإدارة البلاد، وتوفير ضرورياتها، وإقامة الحدود الشرعية بتمامها، هو أمر لا تطيق القيام به جماعة لوحدها». ولم تكتف «الإسلاميّة» بذلك بل وضعت ما يُمكن وصفه بـ«الشرط التعجيزي»، ومفادُه تأكيدها أن جميع ما تقدّم «يجب أن يسبقه التمكين التام، والانتهاء من دفع الصائل النصيري وإسقاط نظامه». وختمت «الجبهة» بيانها ببند تصعيدي، اتخذ شكل تحذير علني «من قيام أي فصيل بالتعامل مع باقي فصائل الشام من منطلق كونه هو الحاكم الشرعي، وأن ذلك سيتسبب في فتح باب فتنة وشر عظيم...».
«النصرة» امتنعت عن التعليق على البيان بشكل فوري. وقال أحدُ مصادرها لـ«الأخبار» إنّ «الرد، في حال كان صدوره ضرورياً، سيصدرُ في شكل بيان رسمي عن الجبهة». فيما أشار مصدر آخر إلى «حركة اتصالات متسارعة انطلقت بين الجولاني وعدد من رموز الجهاد داخل وخارج سوريا إثر صدور البيان. كما انهمك الشيخ السعودي عبد الله المحيسني في اتصالات مماثلة مع قادة الإسلامية».

«الحكومات المؤقتة» مشمولة بالبيان

بدا بيان «الإسلامية» معنيّاً بـ«الإمارة» في الدرجة الأولى، لكنّه أشار أيضاً إلى أي «حكومات» يُمكن إعلانها. ومن المعلوم أن «الحكومة المؤقتة» برئاسة أحمد طعمة قد حُلّت أخيراً وأُعلن «اعتزام تشكيل حكومة بديلة في غضون شهر». وتأتي هذه الإشارة مُكمّلة لدخول «الإسلامية» على خط «تشكيل الأركان». رئيس «مجلس شورى الجبهة» أبو عيسى الشيخ كان قد أصدر قبل أيام بياناً أكد «وجوب إعادة هيكلة أركانٍ جديدة»، وأتبعه رئيس «الهيئة العسكرية للجبهة» زهران علوش ببيان أكد فيه أن إعادة الهيكلة «يجب أن تتجاوز السلبيات السابقة (...) وذلك لعدة أسباب، على رأسها التبعيات السياسية لمؤسسات لم تنل اعتراف الفصائل العاملة أصلاً». في إشارة واضحة إلى «الائتلاف» السوري المعارض.