يبدو أن التدخل العسكري الأميركي في العراق بدأ يتخذ مساره الأكثر وضوحاً بعدما تستر لأشهر طويلة بستار التدريب والخدمات الاستشارية. هذا ما تؤكده تصريحات الجنرال شون ماكفرلاند، قائد قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش". ماكفرلاند أعلن أن واشنطن تعتزم إرسال طائرات هليكوبتر هجومية من طراز (أباتشي) ومستشارين لمساعدة العراق على استعادة مدينة الموصل، وذلك في إطار بحثها الخيارات التي من شأنها تسريع الحملة على المقاتلين المتشددين وفق تعبيره.
ورفض ماكفرلاند تحديد تاريخ لتحرير الموصل، لكنه قال إن بلاده تتطلع إلى إنهاء هذا الأمر في أسرع وقت تقدر عليه. وأضاف قائد التحالف الأميركي أن "الاقتراحات التي يطرحها قد لا تتطلب بالضرورة نشر المزيد من الجنود الأميركيين الذين بقوا إلى حد كبير بعيدين عن خطوط المواجهة"، مضيفاً أن الشركاء في التحالف قد يتكفلون بتغطية هذا الجانب. وتابع ماكفرلاند قائلاً إنه "في الوقت الذي نوسع فيه عملياتنا في أنحاء العراق وداخل سوريا، هناك احتمال لا بأس به بأننا سنحتاج إلى قدرات إضافية وقوات إضافية لتوفيرها ونحن نبحث عن التركيبة الملائمة".
في غضون ذلك، واصل وفد حكومة كردستان نيجيرفان برزاني لقاءاته في العاصمة العراقية بغداد وسط أجواء إيجابية توحي بإمكانية حلحلة الأزمات العالقة بين الجانبين، وفي آخر فعاليات الزيارة التقى وفد برزاني الرئيس العراقي فؤاد معصوم في قصر السلام، حيث عُرضت نتائج اجتماع نيجيرفان برئيس الحكومة الاتحادية حيدر العبادي. وشدد معصوم على ضرورة تعزيز التواصل وتنشيط الزيارات بين بغداد وأربيل للتوصل إلى تفاهمات مشتركة، فيما دعا برزاني إلى الأخذ في الاعتبار الأعباء الاقتصادية والمالية على الإقليم، داعياً الحكومة الفدرالية "إلى تحمّل مسؤولياتها في هذه الأزمة".
وكان الوفد الكردستاني قد التقى الأحد العبادي وأجرى معه مباحثات وصفها نيجيرفان بالإيجابية، فيما أبدى المتحدث باسم الحكومة العراقية في حديث صحافي تفاؤله بالمحادثات، واصفاً إياها بالمثمرة جداً وبأنها خطوة في الاتجاه الصحيح، ومرجحاً عقد لقاءات أخرى. ولفت الحديثي إلى ضرورة الاتفاق على برنامج عمل واضح يأخذ في الاعتبار مصلحة البلاد وتأمين حقوق كردستان والمحافظات. وأشار المستشار الإعلامي في مكتب رئيس كردستان كفاح سنجاري، من جهته، إلى الاتفاق على تشكيل وفدين رفيعي المستوى من بغداد وأربيل يلتقيان دورياً لحل المشاكل وتطبيق معالجاتها. وأضاف سنجاري في تصريح صحافي أن معركة الموصل احتلت حيّزاً رئيسياً من المباحثات "خصوصاً أن بغداد تصرّ على مشاركتها في هذه المعركة، لذا كانت هناك تساؤلات كثيرة على الطاولة".
ميدانياً، لا تزال قوات مكافحة الإرهاب العراقية تواجه صعوبات في تأمين مدينة الرمادي جراء كثافة الألغام والقنابل التي زرعها تنظيم "داعش" داخل المدينة. وبحسب معاون آمر الفوج الثاني في جهاز مكافحة الإرهاب الرائد سلام حسين، فإن التنظيم هو أكثر من استخدم العبوات الناسفة والمواد المتفجرة على مدى العصور، حيث لم يترك الإرهابيون شبراً داخل شوارع الرمادي وأزقتها إلا فخخوه، ولم يتركوا منزلاً إلا وضعوا العبوات الناسفة داخله.
على خط موازٍ، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق مقتل 849 عراقياً وإصابة 1450 آخرين خلال شهر كانون الثاني الماضي، معربة عن أسفها لتسجيل حصيلة الضحايا أرقاماً عالية. وقالت البعثة في بيان صادر عنها إن "محافظة بغداد هي الأكثر تضرراً، إذ بلغ مجموع الضحايا المدنيين هناك 1084 شخصاً (299 قتيلاً 785 جريحاً)"، مضيفاً أن "عدد الضحايا في محافظة ديالى بلغ 61 قتيلاً و 79 جريحاً، وتلتها نينوى حيث سقط 55 قتيلاً و 24 جريحاً، فيما سقط في كركوك 12 قتيلاً و3 جرحى وفي صلاح الدين قتيلان و14 جريحاً".

(الأخبار، رويترز)