توازياً مع استمرار الجهود الديبلوماسية للارتقاء بمسار التقارب السوري - التركي، تقود موسكو جهوداً مُوازية على الأرض، في محاولة لترتيب المشهد الميداني بما يلائم متطلّبات ذلك المسار. وفي هذا الإطار، تفيد مصادر كردية، «الأخبار»، بأن اجتماعاً عُقد في مدينة عين العرب (كوباني) بين وفد من القوّات الروسية، وآخر من «الإدارة الذاتية»، ناقش عدداً من الملفّات المتعلّقة بتأمين المدينة الواقعة في أقصى ريف حلب الشمالي الشرقي، والتي تقع ضمن خريطة التهديدات التركية للشمال السوري. وتَكشف المصادر أن الجنرال ألكسندر الكوس، الذي ترأّس الوفد الروسي، أبلغ ممثّلي «الذاتية» استعداد بلاده لدعم عين العرب في قطاعات الصحّة والتربية والتعليم والخدمات الأساسية، في حين ركّز الأخيرون على الواقع الأمني والتهديدات التركية المستمرّة.بالتوازي مع ذلك، تُكثّف قوّات المراقبة الروسية المنتشرة في بلدة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي الغربي، من تحرّكاتها اليومية على خطوط التماس هناك، لِما تشكّله هذه البلدة من عُقدة مواصلات حيوية على الطريق الدولية «M4»، تؤمّن ربْط مدينة عين العرب ببقيّة مناطق «قسد»، كما وإمكانية الوصول إلى المناطق الواقعة إلى الغرب من نهر الفرات من خلال جسر «قراه قوزاك» الوحيد الذي يربط بين ضفّتَي النهر. وتَلفت المصادر نفسها إلى أن الروس يدركون أهمّية عين عيسى، وضرورة حمايتها من التهديدات التركية للحفاظ على إمكانية إعادة تشغيل «M4»، بما يربط معبر اليعربية في شرق محافظة الحسكة بميناء اللاذقية. وتأتي تلك التحرّكات الروسية في وقت نقلت فيه القوّات التركية تعزيزات عسكرية من مناطق محيطة بمدينة عفرين في ريف حلب الشمالي، إلى نقاط التماس المباشر في ريف حلب الشمالي الأوسط، وتحديداً إلى تخوم «جبل الأحلام»، فيما سُجّل دخول أرتال عسكرية تركية من معابر عدّة إلى قواعد أنقرة في كلّ من إدلب وريف حلب الشمالي، توازياً مع نشْر الفصائل الموالية لتركيا تعزيزات قتالية على خطوط التماس في ريف حلب الشرقي وفي الرقة والحسكة.
يدفع «مركز المصالحة الروسي» نحو فتْح باب المصالحات في مدينة الحسكة


على خطّ موازٍ، يعمل «مركز المصالحة الروسي» في القامشلي على الدفع نحو فتْح باب المصالحات في مدينة الحسكة، بهدف تشكيل فصيل يلحق بـ«الفيلق الخامس»، ويُنشر على خطوط التماس في المحافظة، في محاولة للاستفادة من تجربة التسويات التي شهدتها محافظة درعا خلال صيف عام 2018، وأفضت إلى تشكيل «اللواء الثامن» الذي يقوده أحمد العودة. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن وفداً روسياً ضمّ ضباطاً من «مركز المصالحة» توجّه بالفعل إلى محافظة درعا قبل أيام، لمناقشة إمكانية استنساخ التجربة في محافظة الحسكة، وهو ما قد تجد الحكومة التركية فيه ما يرضي مخاوفها الأمنية. والظاهر أن سعي موسكو لاستقطاب متطوّعين من أبناء العشائر العربية في المنطقة الشمالية، يستهدف قطْع الطريق على محاولة واشنطن إعادة تشكيل «لواء ثوار الرقة» بقيادة أحمد العلوش، لنشره بدلاً من «قسد» على خطوط التماس في محافظة الرقة.