دمشق | لم تمضِ سوى ساعتَين على نشْر الشابّة نور عثمان، وهي مؤسِّسة مجموعة "على شو عم تدور" على "فيسبوك"، منشوراً تُعلن فيه عن مبادرتها للتبرّع بثياب وأدوية وأغطية للمتضرّرين من الزلزال، حتى تهافتت عليها الاتّصالات من سكّان دمشق تلبيةً لـ"الفزعة". وكانت الشابّة اختارت مكتبها في جادة الخطيب في العاصمة مكاناً لاستقبال المتطوّعين والمتبرّعين، فيما أعلنت الاستعداد للتعاون معها "مؤسّسةُ مشروع أحمد الإنساني"، والتي تعمل في دمشق كمؤسّسة مجتمعية مستقلّة لتأمين الخدمات الطبّية. وعلى الفور، تقاسَم المتطوّعون العمل، ما بين مجموعة تعمل على فرْز الثياب وترتيبها ضمن صناديق وأكياس، وأخرى تشتغل على استقبال المتبرّعين، وثالثة تتناوب على استقبال المكالمات والردّ عليها. وفي حديثها إلى "الأخبار"، تقول عثمان، وهي مؤسِّسة المبادرة: "لم أستطع أن أبقى عاجزة ومكتوفة اليدين أمام هوْل الفاجعة التي لحقت بأهلنا في المناطق المنكوبة، الصور التي تداولها ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي كانت تُدمي القلب: نساء ورجال وأطفال تحت الأنقاض، وناجون بثياب ممزّقة تحت المطر والبرد... لذلك، تأمين ثياب وأغطية وأدوية لهم هو الحلّ الإسعافي المتوافر لدينا كسكّان دمشق". وتصف العثمان الزلزال بـ"الفاجعة السورية"، قائلة: "نحن لسنا ناجين لأننا لم نتضرّر مادّياً أو لم نخسر منزلاً، كلّنا مفجعون، فألمنا واحد في سوريا". وتَلفت إلى أنه عند "الساعة الثالثة عصراً من يوم الإثنين، بدأ الناس بتقديم تبرّعاتهم كثياب وأدوية، متحدّين الظروف الجوّية القاسية في دمشق، مثبتين أن السوريين قلوبهم بعضُها مع بعض".
أمّا الشابّة العشرينية، زهراء الآغا، فتشير إلى أنها شعرت بـ"الغصّة والعجز" لعدم قدرتها على المشاركة في إنقاذ المنكوبين، كونها لم تتلقَّ أيّ تدريب في هذا المجال. لكن الآغا تقول إنها وجدت في "قلب واحد"، فرصة للمشاركة، لافتةً إلى "(أنني) قرأتُ منشور المبادرة، وتواصلتُ مع نور، وكنتُ أول الواصلين، واستقبلنا المئات من الملابس، وكان المتبرّعون يعرضون علينا المساعدة في تنظيم الملابس، الجميع كانوا يساعدون بعواطف قلوبهم الصادقة".
واستقبلت "قلب واحد"، في يومها الأوّل، ما يقارب 3 آلاف قطعة ثياب مختلفة وعدداً من الأغطية، فيما نسّق مُنظِّموها مع "اتّحاد الجمعيات السورية"، وشحنوا التبرّعات الأولى إلى مدينتَي حلب واللاذقية عبر قوافل خرجت منذ مساء أمس. وعلى رغم أن "العقوبات المفروضة على سوريا ربّما تمنع الدول من مساعدتنا والوقوف إلى جانبنا في محنتنا"، وفق ما يَلفت إليه الشابّ روني، وهو من المتطوّعين في المبادرة، إلّا أنه يؤكد أن "لا شيء يمنع السوريين من مؤازرة بعضهم، هكذا كنّا في أوقات الحرب وهكذا سنبقى في أوقات الكوارث، قلباً واحداً".