تونس | لا صوت يعلو هذا الأيام في تونس على صوت المعارك في ليبيا وأثرها على «الخضرة». المشهد الليبي يستحوذ صدارة الأخبار في تونس، الحكومة والتونسيون يعيشون في خوف أن ينتقل الخطر الإرهابي إلى بلادهم، وخاصة أن الأنباء المتواردة ذكرت أن العديد من «إرهابيي» تنظيم «أنصار الشريعة» تمكنوا من الانتقال إلى الداخل التونسي. الحكومة اضطرت إلى اللجوء إلى خيار احترازي عبر إغلاق الحدود في وجه القادمين من ليبيا.


وأعلنت وزارة الداخلية أمس في بيان إغلاق معبر راس جدير الحدودي، وهو المعبر الوحيد المفتوح مع ليبيا إثر إصابة شرطي تونسي بطلق ناري على وجه الخطأ خلال تدافع مصريين لعبوره تجاه تونس، وذلك إثر محاولة نحو ستة آلاف أجنبي اقتحام المعبر بالقوة.
وكان الناشطون على موقع «فايسبوك» قد طالبوا بغلق الحدود من باب الاحتياط، إذ إن وزارة الداخلية غير قادرة على مراقبة الليبيين الهاربين من جحيم الحرب في بلادهم. وذكرت مصادر أمنية لـ«الأخبار» أن وزارة الداخلية اطلعت على تقارير استخبارية عن وجود نحو مليون هوية مزورة في ليبيا إضافة إلى الهاربين من بلدانهم بتهم إرهابية، من بينهم تونسيون استقروا في ليبيا ويستعدون للعودة بهويات أخرى إلى تونس.


ستة آلاف مصري عالقون على الحدود الليبية التونسية


وفي سياق متصل، اتفق الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، ورئيس المؤتمر الوطني الليبي نوري علي أبو سهمين، على العمل المشترك من أجل وضع خطة للسيطرة على الحدود المشتركة والتعامل مع متطلبات الوضع الإنساني فيها.
وأكد الرئيسان خلال اتصال هاتفي بين الطرفين، مساء أمس، تناول تطورات المواجهات الأمنية في لبيبا، والوضع على الحدود بين البلدين، على «مواصلة التنسيق السياسي، والتشاور في خصوص الوضع الأمني، والعمل المشترك على وضع خطة للسيطرة على الحدود والتعامل مع متطلبات الوضع الإنساني»، وفق نص بيان الرئاسة التونسية.
ومن بين العالقين على الحدود في منطقة راس جدير من محافظة مدنين نحو ستة آلاف مصري هربوا من الجحيم الليبي.
وأطلقت قوات حرس الحدود التونسية أعيرة نارية في الهواء وغازات مسيلة للدموع لمنع مئات من المصريين حاولوا دخول الأراضي التونسية هرباً من الفوضى في ليبيا.
من جهة أخرى، أعلنت الحكومة التونسية إجلاء التونسيين من ليبيا ومنحهم الأولوية في البوابة الحدودية كما وصلت مطار جربة في محافظة مدنين سبع طائرات ليبية لإجلاء المصريين بعد أن اعلنت الحكومة التونسية أنها غير قادرة على تحمل أعباء اللاجئين. تونس التي تحملت عبء نحو مليون لاجئ بين ليبيين وغيرهم خلال حرب إطاحة نظام القذافي بدت غير مستعدة سواء في الجانب الرسمي أو الشعبي لاستقبال الليبيين والأجانب الهاربين من ليبيا كما بدا الشارع التونسي غاضباً على غير العادة على الليبيين الذين يقيم نحو مليون منهم من انصار القذافي منذ ثلاث سنوات في مدن تونسية من الجنوب إلى الشمال.
وعلى عكس الاهتمام الدولي بمساعدة تونس إبان إطاحة نظام القذافي لمساعدتها على استقبال الليبيين، فإن الوضع اليوم اختلف جذرياً مع اهتمام الدول في اجلاء رعاياها من ليبيا دون تقديم اي مساعدة لتونس التي تغرق في أزمة اقتصادية ومالية خانقة تعوق جهودها لتقديم المساعدات للاجئين، فضلاً عن خطورة الوضع الليبي أمنياً، التي تجعل من الحكومة التونسية في حالة خوف حقيقي على أمن البلاد. مع اشتداد كابوس الحرب في ليبيا وانهيار شبه كامل تقريباً للدولة، يحبس التونسيون أنفاسهم. فالجارة القريبة جداً التي كانوا يعولون على أن تساعدهم على حل مشاكلهم في ايجاد فرص عمل والتبادل التجاري والاقتصادي والاستثمار تحولت إلى ساحة حرب وكل ما بنوه من آمال على ثورة فبراير تحول الى كابوس يعدهم بأسوأ السيناريوات، ليس أقلها تحول ليبيا إلى ساحة خلفية للإرهابيين التونسيين المتحالفين مع تنظيم «أنصار الشريعة» الذي يسيطر على جزء كبير من الأراضي الليبية.