قوات الاحتلال الإسرئيلي غادرت قطاع غزة، حيث أمضى السكان يوم أمس وهم يكتشفون أهوال الدمار الذي خلفه العدو، ويلملمون جراحهم ويدفنون شهداءهم، في وقت لا يزال فيه عناصر المقاومة ممسكين بالبندقية، وأصابعهم على الزناد بانتظار ما ستؤدي إليه الجولة التفاوضية التي تجري في القاهرة برعاية مصرية.
ويبدو واضحاً، وفي مناورة سياسية منها تساعدها على صرف انتصاراتها العسكرية الميدانية انجازات سياسية، قبلت فصائل المقاومة، في الشكل، أن تحفظ ماء وجه القيادة المصرية بقبولها وقفا لاطلاق النار من دون شروط، ولكنها رهنت موافقتها هذه بمدة زمنية، 72 ساعة، قابلة للتمديد بحسب اتجاهات المسار السياسي، بما يعني أنها احتفظت لنفسها بحق العودة إلى استئناف القتال إذا اتجهت الرياح السياسية بغير مشتهاها. وعودة القتال، وإن بدت مستبعدة في ظل رغبة الجميع في انهاء جولة الحرب الأخيرة، إلا أنها ليست مستحيلة، في ظل حقيقة أن المقاومة خاضتها انتفاضا على وضع اقل مأساوية مما آل إليه القطاع في نهاية العدوان. وقالت مصادر أمنية مصرية مسؤولة لـ«الأخبار» إن «اسرائيل وافقت على نحو مبدئي على اربعة بنود في الورقة الفلسطينية، التي قدمت إلى مصر، ورفضت ثلاثة بنود منها».

وافقت إسرائيل
على نحو مبدئي على اربعة بنود في الورقة الفلسطينية
وأضافت «وافقت على وقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة، وعلى رفع الحصار وتوسيع منطقة الصيد البحري لمسافة 12 ميلا من شواطئ غزة، اضافة الى البند المتعلق بالسجناء الفلسطينيين. ورفضت مبدئيا المطالب المتعلقة باقامة مطار وميناء بحري في غزة، وفتح طريق بين الضفة الغربية والقطاع».
وفي السياق، استبعد نائب الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد النخالة أن يكون نزع سلاح المقاومة الفلسطينية مطروحا للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي. وقال «هذا أمر غير خاضع للنقاش»، مشيرا إلى أن «هذه الحرب لم تكن لتتوقف - حاليا - لولا أن شعرنا بتفهم الجانب المصري لمطالبنا، ووعده بالعمل على تحقيقها خلال التفاوض».
وانضم أربع أعضاء جدد من غزة إلى الوفد المفاوض في القاهرة، وهم عضوا المكتب السياسي لـ «حماس» خليل الحية وعماد العلمي والنائب عن «فتح» فيصل ابو شهلا، ومسؤول العلاقات الخارجية في «الجهاد» خالد البطش.
وقالت «كتائب القسام»، في بيان أمس، إنّها تتعامل مع حالة التهدئة الحالية كمرحلة مؤقتة، وإن السلوك الإسرائيلي هو ما يحدد «سير المعركة ومآلاتها». وأضافت أن عناصرها ما زالوا في حالة استنفار واستعداد وترقب، وهم على أهبة الاستعداد لأداء دورهم بحسب ما تقرره قيادة المقاومة لمصلحة الشعب الفلسطيني. وشددت على أنّها قادرة على مواصلة الطريق بـ«كفاءة وإرادة واقتدار، وأن المعركة مع إسرائيل مستمرة حتى نيل حقوق الفلسطينيين المشروعة».
بدوره، أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أن الوفد الفلسطيني الموحد الذي يخوض مفاوضات في القاهرة من أجل التهدئة، «متمسك بمطالب وحقوق الشعب الفلسطيني ولن يساوم على الحقوق الفلسطينية».
وشدد هنية في بيان، على أن «ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه في حربها لا يمكن أن تحصل عليه في ميدان السياسة»، معرباً عن دعم «حماس للوفد الفلسطيني الموحد في القاهرة، الذي يخوض مفاوضات من أجل الاستثمار السياسي الأمثل والوصول إلى خاتمة تليق بتضحيات الشعب الفلسطيني وأداء مقاومته».
في المقابل، حرصت اسرائيل على ربط موافقتها على وقف اطلاق النار بكونه جرى دون شروط مسبقة، في محاولة منها للايحاء كما لو أن المقاومة عادت ورضخت للمبادرة المصرية التي رفضتها منذ أن جرى الاعلان عنها. وروج لهذه الصورة عدد من المعلقين الاسرائيليين، فيما تريث بعض آخر بانتظار النتائج التي ستتمخض عنها المفاوضات في القاهرة. وبغض النظر عن الجهة التي حددت اتفاق وقف النار، بـ «72 ساعة »، الذي يرجح أن يجري تمديده، يكشف هذا التحديد الزمني عن ربط المقاومة الفلسطينية موقفها النهائي بما سيجري التوصل اليه على طاولة المفاوضات.
ضمن هذا الاطار، ابلغ بنيامين نتنياهو اعضاء المجلس الوزاري المصغر، عبر جولة هاتفية، أن اسرائيل وافقت على وقف النار، لمدة 72 ساعة. واوضحت مصادر سياسية أن هذا الاتفاق جرى دون شروط مسبقة، و«فقط بعدما اكتملت عملية تدمير الانفاق»، التي اوضح وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعلون عن أن الجيش دمر الانفاق التي يعرفها. واضافت المصادر نفسها ان اسرائيل جاهزة لأن ترد فورا على انتهاكات وقف النار. وبهدف الايحاء كما لو أن انسحاب القوات الاسرائيلية لم يأت نتيجة شرط الفصائل الفلسطينية، رأى مصدر سياسي رفيع المستوى أنه «اذا ما جرى احترام وقف النار، لمدة 72 ساعة، فلن يكون هناك معنى لوجود الجيش في القطاع .. وفي الاقتراح المصري ما من شرط لانسحاب قواتنا». وفي السياق نفسه، يأتي ايضا الاعلان عن انه إذا ساد الهدوء، فسيُرسل الوفد الاسرائيلي للتفاوض الى القاهرة .
ولجهة مواقف الوفد الاسرائيلي الى المفاوضات في القاهرة، ذكرت تقارير اعلامية اسرائيلية، انه من المتوقع أن ترفض اسرائيل نهائيا معظم مطالب «حماس»، وأن تطرح على الطاولة صيغة «ترميم مقابل تجريد» غزة من السلاح. ويرجح كثر أن توافق اسرائيل على انتشار قوات تابعة للرئيس محمود عباس على معبر رفح، بهدف منع عمليات تهريب السلاح. والاعتبار الذي يوجه نتنياهو وموشيه يعلون، ان المصلحة الاسرائيلية تتطلب اضعاف حماس، لذلك فإن محمود عباس افضل من منظمة «ارهابية» في غزة .
مع ذلك، اضافت التقارير نفسها أن اسرائيل تعتمد على نحو اساسي على القوات المصرية، التي تبدي اهتماما بـ«طحن» حماس ليس اقلّ من اسرائيل.
بدورها، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي، أمس، أن واشنطن ستشارك «على الارجح» في المفاوضات في القاهرة، وأضافت أن الادارة الأميركية ستحدد مستوى المشاركة وموعدها في وقت لاحق، مؤكدةً أنها اضطلعت بدور رئيسي في التوصل إلى وقف لاطلاق النار في قطاع غزة.إلى ذلك، قدمت وزيرة الدولة في الحكومة البريطانية سعيدة وارسي من منصبها، وقالت في حسابها على «تويتر» إنها «لا تستطيع بعد الآن تأييد سياسة الحكومة بشأن غزة».
(الأخبار)