كشفت صحيفة «هآرتس» أمس، أن قرار الانسحاب البري من قطاع غزة، جاء بعد جلسة دعا اليها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، خصصت لعرض تولت تقديمه المؤسسة الأمنية أمام وزراء المجلس الوزاري المصغر، يُظهر الأثمان المقدر أن تدفعها إسرائيل، بشرياً ومادياً، إذا قررت احتلال القطاع بالكامل. ونقلت الصحيفة عن وزراء شاركوا في الجلسة، أن المؤسسة الأمنية عرضت خطة العمل البري لاحتلال القطاع، بناء على طلب من نتنياهو، في محاولة منه لإقناع الوزراء برفض كلي لأي خطة من هذا النوع، واصفين الجلسة بأنها «جلسة تخويف، مليئة بسيناريوهات الرعب».

وقال أحد الوزراء الذين شاركوا في الجلسة، إنها استمرت أكثر من أربع ساعات، في حضور عدد كبير من المسؤولين الرفيعي المستوى في الجيش وفي جهاز الأمن العام (الشاباك). وبحسب الصورة الاستخبارية التي تكونت لدى الوزراء خلال العرض، فإن كل منزل في غزة مفخخ، وشوارعها بأكملها مليئة بالعبوات الناسفة التي تنتظر الجنود الإسرائيليين كي تنفجر بهم.
تقديرات الجيش الإسرائيلي، كما عرضت امام الوزراء، تؤكد أن احتلال قطاع غزة سيستغرق عدة أشهر من العمل الميداني المباشر، لكن في الوقت نفسه، فإن «تنظيف» القطاع من الوسائل القتالية ومن الخلايا «الارهابية» سيتطلب جهوداً تستمر سنوات عدة، أما لجهة أعداد القتلى من الجنود، فـ «التقديرات تشير إلى مئات من القتلى خلال المرحلة الأولى من خطة الاحتلال».

وتناول كبار الضباط الإسرائيليين مرحلة ما بعد احتلال غزة، و«الانعكاسات المدنية والإنسانية للعملية»، مشددين على أن «كل الخدمات الضرورية لسكان القطاع ستقع لاحقاً على كاهل إسرائيل، الامر الذي سيكلف الخزينة الإسرائيلية اموالاً طائلة».
وقال أحد الوزراء الذين شاركوا في الجلسة، إن هدف نتنياهو من هذا العرض كان منع المشاركين حتى من التفكير في مسألة احتلال قطاع غزة، وعبر أحد الوزراء أمام قادة الجيش بالقول إنه «من المعيب على الجيش الإسرائيلي أن يعرض معطيات كهذه».
في نهاية الجلسة، بحسب الوزير نفسه المشارك فيها، طالب نتنياهو بإجراء تصويت على خطة احتلال القطاع بالكامل، كما يطالب عدد من الوزراء، وسأل عمن يؤيد عملية كهذه، الا أن «الوزراء لاذوا بالصمت ولم يبادر احد منهم للاجابة».
وقال أحد الوزراء لـ «هآرتس»: «وصفوا لنا في هذه الجلسة سيناريوهات مأخوذة من الحرب العالمية الثانية، وكان واضحاً أن الجلسة مخصصة لحذف مسألة احتلال القطاع من جدول الاعمال». وبحسب «هآرتس»، ظهرت بعد الجلسة تقارير في وسائل الاعلام العبرية تفيد بأن كل الوزراء صوتوا ضد احتلال القطاع، وكان واضحاً أن مكتب رئيس الحكومة يقف وراء هذه التقارير.
يشار إلى أن وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، غير في أعقاب الجلسة دعوته الحادة لاحتلال قطاع غزة، وبات يدعو لتولي الأمم المتحدة إدارة القطاع بدلاً من حركة «حماس»، مشدداً على أن «الامم المتحدة تسير شؤون عدة اماكن في العام، وبصورة مقبولة، وبالتالي يجب التفكير في امكانية ذلك، ومن دون استبعاد خيار كهذا».