بغداد | يبدو أن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي غير عابئ للأصوات التي طالبته بعدم الترشح لولاية ثالثة. خرج الرئيس منتهية ولايته فجر اليوم بعيد انتهاء المهلة الدستورية لتسمية رئيس جديد للحكومة والتي انتهت دون تسمية رئيس جديد ليشدد على أنه غير متنازل عن حق ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه برئاسة الحكومة متوعداص بمقاضاة ؤرئيس الجمهورية فؤاد معصوم لخرقه الدستور بعدم دون تكليفه مرشح «دولة القانون» لرئاسة الحكومة.
في وقت بدا المشهد السياسي العراقي غامضاً جداً، بعد ساعات من انتهاء اجتماع لقيادات حزب الدعوة الإسلامية في منزل المالكي، في شأن الموقف النهائي لائتلاف دولة القانون من المرشح لرئاسة الوزراء، وصمت قيادات التحالف الوطني زاد من هذا الغموض.
المالكي وفي خطاب أذاعه بعيد انتهاء المهلة الدستورية منتصف ليل الأحد الاثنين، أكد أنه لن يتخلى عن محاولته للفوز بفترة ثالثة واتهم الرئيس بخرق الدستور في كلمة تلفزيونية شديدة اللهجة من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم التوترات.
وتحدى المالكي دعوات معارضيه وإيران بالتنحي لافساح المجال أمام تولي شخصية أقل استقطاباً يمكن أن توحد العراقيين ضد مقاتلي «الدولة الإسلامية».
وشدد االمالكي أن تصرف معصوم إنقلاب على العملية السياسية وستكون له تداعيات خطيرة فلاً «حرمة للدستور بعد اليوم»، كاشفاً أنه سيقدم شكوى ضد معصوم لدى المحكمة الاتحادية بسبب تغليبه المصلحة الفئوية.
ولفت إلى أنه نبه رئاستي مجلس النواب والجمهورية إلى خطورة اي تجاوز على الدستور، مشدداً على أن العراق امام تحديات وتداعيات خطيرة.
واستمر يوم أمس تأرجح الترقب العراقي بين المالكي وابراهيم الجعفري وآخرين كمرشحين لرئاسة الحكومة، في وقت حسم فيه السيد علي السيستاني موقفه من المالكي، بتوجيهه نقداً إلى الأخير، حينما رأى أن التشبث بالمنصب «خطأ فظيع»، في إشارة واضحة إلى إصرار المالكي على الترشح لرئاسة الوزراء، أعقبها بإرسال رسالة مباشرة إلى المرشد الأعلى للجمورية الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي تتناول هذا المضمون.
فبعد ساعات من انتهاء اجتماع قيادات حزب الدعوة الاسلامية، الذي لم يخرج بأية نتائج أيضاً، وشهد، بحسب مصادر لـ «الأخبار»، خلافاً في وجهات النظر بشأن الإصرار على ترشح المالكي لولاية ثالثة من عدمها، أرسل السيستاني رسالة سرية إلى خامنئي، لم تعلن تفاصيلها. وكشفت مصادر في الحوزة العلمية في النجف لـ «الأخبار»، عن «تلقي السيستاني اتصالات هاتفية من قيادات التحالف الوطني، قرر بعدها إرسال رسالة إلى السيد الخامنئي، من دون أن يكشف مضمونها»، إلا أن المصادر توقعت حصول المالكي على دعم من قبل خامنئي، الأمر الذي أنهى المزاعم بشأن إمكانية تخلّي أبرز حلفائه هادي العامري (40 مقعدا نيابيا) عنه، والانسحاب من «دولة القانون».
وكان تقرير أميركي قد أفاد بأن المالكي وجّه رسالة إلى السيستاني «يحذره» فيها من التدخل في الشؤون السياسية. وجاء في تقرير بعنوان «المالكي يحذر السيستاني من معارضة الولاية الثالثة»، نشر على موقع «مونيتور» أن المالكي أرسل رسالة نصية تحذيرية إلى مكتب السيستاني، مبيناً أنه جاء فيها «لقد تلقينا بامتعاض شديد إشاراتكم في خطبة صلاة الجمعة في كربلاء المقدسة عبر ممثلكم عبد المهدي الكربلائي، بعدم تشبث المسؤولين بمواقعهم، الأمر الذي فسّره عامة الشيعة وأعداء العملية السياسية بأننا المقصودون بهذا الكلام»، مطالباً اياه «كرئيس وزراء منتخب لدورتين، وزعيم الكتلة الاكبر، وصاحب أعلى الأصوات في الدورة الثالثة، بتوضيح موقفكم والكف عن التدخل في العملية السياسية، واختيار شخص رئيس الوزراء، والاقتصار على الإرشاد الديني والمعنوي لمقلديكم، وترك المجال السياسي لأهله».
ومع إعلان البرلمان العراقي التراجع عن قراره بتأجيل جلسة أمس إلى اليوم الاثنين، أجرى رؤساء الكتل النيابية مفاوضات قبيل انعقاد الجلسة بشأن موضوع الكتلة البرلمانية الأكبر، دون أن يجري التوصل إلى نتيجة.
وبينما أعلن تيار الإصلاح الوطني بزعامة رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري، على لسان المتحدث باسم التيار أحمد جمال، قرب حسم المرشح لرئاسة الوزراء، وأنه «سيكون شخصية مقبولة وطنياً من جميع الكتل السياسية»، هدد عدد من نواب ائتلاف المالكي بسحب الثقة من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، في حال تكليفه غير كتلة «دولة القانون» تأليف الحكومة.
ورأى عضو الكتلة، سلمان حسن، أن «دولة القانون» هي الكتلة الأكبر دستورياً، مبيناً لـ «الأخبار» تقديم «دولة القانون» طلبا إلى البرلمان في جلسته الأولى، باعتبارها الكتلة الأكبر، والأحق بتأليف الحكومة. وأضاف «إذا سُمّيت غير دولة القانون كتلة أكبر، فسيجري الطعن بها أمام المحكمة الاتحادية، التي ستبحث عن الأحقية الدستورية الواضحة والسليمة، وهي اتباع كتلتنا السياقات القانونية والدستورية لاعتبارها الأكبر».
في غضون ذلك، فنّد الخبير القانوني زهير ضياء الدين فقرة ربط تكليف رئيس الجمهورية الكتلة الأكبر، بجلسة البرلمان، مؤكداً لـ «الأخبار» أن الدستور ينص على تكليف رئيس الجمهورية الكتلة النيابية الأكبر، ولم يشر النص الدستوري إلى ضرورة إعلانه عبر مجلس النواب، لأن الموضوع لا يحتاج إلى تصويت. وأضاف أن «الخلاف وقع في اعتبار الكتلة النيابية الأكبر، وهو ما لم يحسم حتى الآن، نتيجة خطأ قانوني وقع فيه أعضاء التحالف الوطني، عندما أغفلوا فقرة إرسال طلب إلى رئاسة البرلمان لاعتبارهم الكتلة النيابية الأكبر، في الجلسة الاولى للبرلمان».