تستمر الولايات المتحدة في تنفيذ ضربات جوية على مواقع لتنظيم «الدولة الإسلامية»، المرابض على مسافة قريبة من إقليم كردستان، الذي تعده واشنطن خطاً أحمر نظراً إلى مصالحها التي قد تتعرض للخطر إذا تمكن التنظيم من احتلال الإقليم. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس، إن الضربات الجوية الأميركية دمرت عتاداً وأسلحة كان يمكن لتنظيم «الدولة» استخدامها في الهجوم على أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، لكنه نبّه الأميركيين إلى أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت لإنهاء الأزمة. وقال أوباما في مؤتمر صحافي مقتضب إن الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدات والاستشارات العسكرية إلى الحكومة العراقية والقوات الكردية، لكنه شدد مراراً على أهمية أن يؤلف العراق «على الفور» حكومة لا تقصي أحداً. وأضاف، «أعتقد أن هذا تنبيه لكثير من العراقيين داخل بغداد، لإدراك أنه سيكون علينا أن نعيد التفكير في الكيفية التي نؤدي بها أعمالنا إذا كنا نرغب في وحدة وتماسك بلدنا».

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، أن القوات الأميركية واصلت أمس ضرباتها الجوية في شمال العراق لمساعدة القوات الكردية وحماية الطواقم الأميركية العاملة هناك.
وأوضحت القيادة المركزية المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط في بيان، أن القوات الأميركية واصلت «هجماتها على الإرهابيين من الدولة الاسلامية في العراق اليوم، ووجهت بنجاح ضربات جوية متعددة بواسطة مقاتلات وطائرات من دون طيار للدفاع عن القوات الكردية قرب أربيل، وعن المواطنين الأميركيين المتمركزين هناك».
وأكدت «تدمير بعض الشاحنات العسكرية وموقعاً لمدفعية الهاون»، مشيرة إلى أن الطائرات الأميركية عادت إلى قواعدها سالمة.
من جهة أخرى، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن السناتور الجمهوري الأميركي جون ماكين قوله، إن العمل المحدود لأوباما ضد تنظيم «الدولة» في شمال العراق أثبت «عدم فهم أساسي لهذا الخطر».

500 شخص على الأقل من الأيزيديين قتلوا منذ السيطرة على سنجار

ونقلت الصحيفة عنه قوله، إنه يفضّل إرسال مراقبين للحركة الجوية إلى العراق لتحديد الأهداف المحتملة للضربات الجوية، إضافة إلى إرسال معدّات عسكرية ثقيلة إلى أربيل.
من جانب آخر، قال مسؤول أميركي أول من أمس، إن الحكومة العراقية سلّمت طائرة محمّلة بالذخيرة لقوات البشمركة الكردية في خطوة غير مسبوقة من التعاون العسكري بين القوات الكردية والعراقية، دفع إليها تهديد خطير من قبل المتشددين. وأضاف أن بغداد سلّمت الذخيرة ومعظمها أسلحة صغيرة في طائرة شحن من طراز سي-130 لأربيل، مشيراً إلى أن إدارة أوباما تعمل الآن مع الحكومة العراقية لضمان تلبية الطلبات الإضافية لحكومة إقليم كردستان من الأسلحة الصغيرة والذخائر.
في هذا الوقت، وصل وزير الدفاع العراقي بالوكالة سعدون الدليمي أمس، إلى أربيل للقاء القادة الأكراد من أجل بحث مواجهة خطر «الدولة». وقال الدليمي إن الدعم للبشمركة لن يكون مرتبطاً بوقت بل سيكون مستمراً.
وفي السياق نفسه، طالب رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني أمس، المجتمع الدولي بإمداد قوات البشمركة بالسلاح لمواجهة «الدولة». وقال في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، «نحن لا نقاتل منظمة إرهابية .. نحن نقاتل دولة إرهابية». وأعرب عن أسفه «لاعتداء قرويين عرب في سنجار على الأيزيديين، ومساندتهم المسلحين ضد قوات البشمركة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الإقليم سيبقى ملجأ آمنا للعرب النازحين إليه. وأكد أن «الكرد وعلى الرغم من تعرّضهم لحملات الأنفال والإبادة الجماعية والقصف بالأسلحة الكيميائية من قبل الحكومات العراقية الظالمة، إلا أنهم حافظوا على العلاقات الأخوية والتعايش السلمي مع العرب وباقي مكونات العراق».
من جهته، قال فابيوس إن فرنسا ستقترح على حلفائها الأوروبيين بناء جسر جوي إغاثي إلى العراق، فيما طالب في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية العراقي بالوكالة حسين الشهرستاني، العراقيين إلى تأليف حكومة «وحدة واسعة» من أجل «خوض المعركة ضد الإرهاب». وقال «يجب أن يشعر جميع العراقيين بأنهم ممثلون وأن يتمكنوا معاً من خوض المعركة ضد الارهاب». وقال الوزير الفرنسي «ستتسنى لي الفرصة للإشراف على تسليم أطنان من الأدوية والإسعافات الأولية لسكان المنطقة الكردية والشمالية، وكذلك لقاء السلطات المحلية والأقليات».
من جهة أخرى، أعلن المتحدث باسم وزارة التنمية الدولية البريطانية أن بريطانيا بدأت أمس إلقاء مساعدات إنسانية إلى المدنيين المهددين بتقدم الإرهابيين.
أمنياً، أعلنت مصادر رسمية عراقية كردية أمس، أن قوات البشمركة تمكنت من استعادة منطقتي مخمور وكوير في غرب أربيل من قوات تنظيم «الدولة»، مستفيدةً من الدعم الجوي الأميركي.
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع في حكومة الإقليم هلكورت حكمت، مقتل عدد كبير من مسلحي التنظيم دون الإشارة إلى عدد القتلى والجرحى الذين سقطوا خلال الاشتباكات التي تجري منذ عدة أيام في تلك المناطق.
في غضون ذلك، قال وزير حقوق الإنسان العراقي، محمد شياع السوداني أمس، إن مسلحي «الدولة» قتلوا 500 شخص على الأقل من الأيزيديين، منذ سيطرتهم على قضاء سنجار في شمال البلاد، الأسبوع الماضي. وأضاف أن «المسلحين دفنوا بعض الضحايا أحياءً، بمن في ذلك عدد من النساء والأطفال». ومضى قائلا إن «المسلحين المتطرفين اختطفوا حوالى 300 امرأة ايزيدية كـ «سبايا».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)