بدا أن الزيارة الأخيرة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للسعودية أنتجت أبعاداً جديدة للتحالف الشائك بين البلدين، حيث ركزت المباحثات مع الملك عبدالله بن عبد العزيز في مدينة جدة على الجهود المشتركة لمواجهة «تيار التشدد الإسلامي» في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الاضطرابات التي يشهدها العراق.وفي حديث إلى وكالة أنباء الشرق الأوسط، قال السفير ايهاب بدوي، وهو المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، إن الزعيمين «اتفقا على العمل معاً للنهوض بالأمتين العربية والإسلامية...

وبذل الجهود لتصحيح الصورة الذهنية عن الإسلام في العالم، التي أضحت مرتبطة بالإرهاب والعنف بعدما طاولها من تشويه». وأضاف أن الرئيس السيسي والملك عبدالله «استعرضا أيضاً تطورات الأوضاع في العراق في ضوء اتساع دائرة الإرهاب في المنطقة وانعكاسات ذلك على الأوضاع العراقية بصفة خاصة والإقليمية بصفة عامة».
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، قوله إنه ما من شك في أهمية الاجتماع بين زعيمي البلدين، في ضوء الظروف الراهنة التي تشهدها الأمتان العربية والإسلامية، مضيفاً أن حروباً تدور في الخارج، فضلاً عن تدخل من قوى أجنبية وفتنة داخلية ومنازعات داخل الأمة العربية، في وقت تشتد فيه الحاجة للتضامن والصمود معاً على قلب رجل واحد لدرء هذه المخاطر.
وهذه أول زيارة يقوم بها السيسي للسعودية منذ انتخابه رئيساً لمصر خلال العام الحالي. وكان الزعيمان قد اجتمعا على طائرة العاهل السعودي في القاهرة في طريق عودته من المغرب في شهر حزيران الماضي، فيما تعتبر الرياض السيسي واحداً من أقرب حلفائها في المنطقة.
ولم يرد مزيد من المعلومات عن الاجتماع الذي عقد أول من أمس بين الملك عبدالله والرئيس السيسي في مدينة جدة. وقالت وسائل اعلام في البلدين إن المباحثات تناولت جهود الوساطة المصرية للتهدئة في القتال الدائر بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين في قطاع غزة منذ شهر.
ولم تشر وسائل الإعلام في مصر والسعودية إلى تقديم مساعدات مالية جديدة لمصر أو للمؤتمر المرتقب للجهات المانحة، إلا أن وكالة أنباء الإمارات قالت إن وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد وصل إلى السعودية لإجراء محادثات مع نظيره السعودي في مطار جدة، ولم تذكر الوكالة مزيداً من التفاصيل.
وأدى الرئيس المصري والوفد المرافق مناسك العمرة يوم أمس، قبل العودة إلى القاهرة، فيما من المفترض أن يتوجه اليوم إلى روسيا لعقد لقاءات على رأسها لقائه بالرئيس فلاديمير بوتين.
في سياق منفصل، أعلن مسؤولون في منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن مصر منعت يوم أمس المدير التنفيذي للمنظمة الحقوقية ومديرة الشرق الاوسط فيها من دخول اراضيها قبيل اعتزام المنظمة اصدار تقرير عن قتل متظاهرين اثناء فض اعتصامين في القاهرة الصيف الماضي.
واحتجزت السلطات في مطار القاهرة كينيث روث، المدير التنفيذي لـ«هيومن رايتس ووتش» ومقرها نيويورك، وسارة ليا ويتسن لساعات ليل الأحد الاثنين قبل منعهما من دخول القاهرة.
وكتبت سارة ليا ويتسن على حسابها الشخصي على موقع «تويتر» إنهما احتجزا 12 ساعة في مطار القاهرة «قبل ترحيلهما لأسباب أمنية».
وأوضح مسؤول في مطار القاهرة أن المنع جاء «لعدم استيفائهم البيانات الخاصة بالدخول إلى مصر»، من دون إعطاء مزيد من الإيضاحات حول الأمر. وكان المديران في المنظمة الحقوقية يعتزمان الإعلان اليوم من القاهرة عن اصدار تقرير من 188 صفحة بعنوان «حسب الخطة: مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر».
ويتحدث التقرير عن فض قوات الأمن المصرية بالقوة اعتصامين في القاهرة، خلال الصيف الماضي، ما خلف قرابة 700 قتيل، بحسب الحكومة.
وكان آلاف من المتظاهرين من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي اعتصموا في محيط «مسجد رابعة العدوية» للمطالبة بعودته للحكم إثر عزله في شهر تموز الماضي، قبل قيام الأمن المصري بفض الاعتصام في 14 آب الماضي.
وكتب كينيث روث على حسابه على «تويتر» أيضاً أن «حصيلة قتلى مذبحة رابعة يمكن مقارنتها بتيان انمين (في الصين) وأنديجان (في اوزبكستان)، لكن حكومة مصر لم تسمح لي بتقديم تقرير عنها». ونقل بيان نشر على الموقع الالكتروني لللمنظمة عن روث قوله: «جئنا إلى مصر لإصدار تقرير جاد في موضوع خطير يستحق اهتماماً جاداً من الحكومة المصرية». وأضاف: «على السلطات المصرية بدلاً من حرمان ناقلي الرسالة دخولَ مصر، أن تدرس بجدية ما توصلنا إليه من نتائج وتوصيات وأن تستجيب من خلال تحركات بناءة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)