جاءت رسالة المقاومة الفلسطينية لافتة حينما قصفت تل أبيب قبل خمس دقائق من بداية التهدئة التي جرت منذ الساعة الأولى ليوم أمس، فهي قالت للإسرائيليين والوسيط المصري بوضوح إنها لا تزال مستعدة للعودة إلى الحرب إن لم تلبّ الفرصة الثانية نجاح المفاوضات وشروط المقاومة، وأكدت أن مخزونها الصاروخي جاهز للمواجهة بعد يومين من القصف القصير المدى على المدن المحتلة، فضلاً عن أن الموعد المختار لبدء التهدئة (12ص) بدلاً من السابق (8 ص) كان يهدف إلى منع إسرائيل من استغلال الساعات لتدمير المنازل وقتل المواطنين.
في المقابل، يعمل الإسرائيليون على خيار الجزرة والعصا، فيظهرون الاستجابة لبعض المطالب مع اشتراط سياقات سياسية معينة، وذلك مع استمرار الضرب والتهديد بالعصا. هم يسعون بذلك إلى المزيد من التأزيم، فلا المقاومة ستقبل عروضهم المحسنة جزئياً، ولا هم سيقبلون مطالبها، ويكون البديل حراكاً سياسياً كبيراً ومختلفاً، وهذا الحديث يخص الوفد الفلسطيني في القاهرة.
أما داخل دائرة القرار في إسرائيل (علي حيدر)، فإن عبارة «الفشل يولد النقار» توضح واقع العلاقات المتوترة بين أعضاء المجلس الوزاري المصغر الذي من المفترض أنه يدير العدوان ضد قطاع غزة. منذ اللحظات الأولى لبدء الحرب يتواصل السجال الداخلي الإسرائيلي حول الموقف الواجب اتخاذه، فمن جهة يرى عدد من الوزراء أنه يمكن تحويل المواجهة إلى فرصة لإعادة احتلال قطاع غزة وإنهاء خطر المقاومة.

ليبرمان يتمسك
بضرورة حرمان «حماس» أي مكسب سياسي


في المقابل، يحرص رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، ومعه عدد من الوزراء الآخرين، على أن تكون مواقفهم وشعاراتهم تلامس الحد الأدنى، وذلك على قاعدة استخلاص العبر من حرب عام 2006، وأيضاً حتى لا تجري محاكمته لاحقاً وفق السقوف المرتفعة التي يدرك أنها لن تتحقق.
الآن، في أعقاب الكلفة الباهظة والفشل العملياتي والاستخباري الذي تلقاه جيش الاحتلال في المعركة البرية تحديداً، شكلت محطات الهدنة وعودة إطلاق الصواريخ نقاط اشتباك داخلية إضافية، الأمر الذي مكَّن خصوم نتنياهو من تصويب سهامهم على ما يرونه أخطاءً وثغراً في إدارة العملية ضد القطاع عسكرياً أو سياسياً.
في هذا الإطار، اتهم عدد من أعضاء المجلس المصغر رئيس الوزراء بأنه لم يجر مداولات جدية معهم حول المفاوضات مع حركة «حماس» في القاهرة لوقف إطلاق النار، وأنه كان يستبعدهم من عملية اتخاذ القرار. وأضاف هؤلاء أن أداء نتنياهو تكرر عندما جرى التوصل إلى تهدئة لمدة 72 ساعة الأسبوع الماضي، وأن القرارات كان يتخذها حصراً مع الوزير موشيه يعلون ورئيس أركان الجيش، بيني غانتس.
أكثر من ذلك، فهم أوضحوا أنهم بلغوا خبر التوصل إلى التهدئة عبر اتصال هاتفي من أحد مستشاري نتنياهو، وذلك قبل دقائق من إعلانها في وسائل الإعلام، فيما علم وزراء آخرون من الإعلام. هنا، نقلت القناة العاشرة عن مقربين من وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، قوله إن ما جرى يعكس حقيقة «خضوع إسرائيل لإملاءات المقاومة»، لافتاً إلى أن حماس هي التي تختار التوقيت لإطلاق النار، وأن ما يجري «ليس إدارة دولة سيادية».
هذا الواقع دفع وزراء في المجلس إلى مطالبة نتنياهو بإجراء مداولات منظمة حول مواقف إسرائيل، وأعقب ذلك إعلان عقد جلسة للمجلس المصغر اليوم، من أجل مناقشة المفاوضات في القاهرة، وهي الجلسة الأولى منذ الثلاثاء الماضي، ما يشير إلى تطورات تتصل بمضمون المفاوضات وإمكانية الوصول إلى صيغة نهائية.
أما عن المفاوضات، فذكرت القناة الثانية العبرية أن الطرفين يعملان بجهد للتوصل إلى تفاهم خلال الهدنة الحالية، مدعية تراجع الفلسطينيين عن قضايا الميناء وتفعيل المطار والعبور الحر للأفراد والبضائع بين الضفة والقطاع. هو الأمر نفسه الذي أكدته صحيفة «يديعوت أحرنوت»، بل شددت على أن تل أبيب ترفض الحديث في هذه المطالب.
هذه التفاصيل تخالف ما نقلته مصادر مصرية قالت إن إسرائيل وافقت على الميناء مبدئياً على أن يجري نقاش تفاصيله مع السلطة الفلسطينية لاحقاً، فيما يمكن التنازل فلسطينياً عن طلب المطار خلال الأيام المقبلة، لكن هذه المصادر تقاطعت مع ما نقلته القناة الثانية عن موافقة إسرائيل على تمديد مسافة الصيد إلى 6 أميال بحرية بدلاً من ثلاثة، علماً بأن الفلسطينيين يطالبون بـ12 ميلاً.
أما بخصوص المعابر مع الأراضي المحتلة، فقد أكدت القناة أن إسرائيل لا تريد فتح معبر كارني، لكنها مستعدة لزيادة عبور الشاحنات عبر معبر كرم أبو سالم من 250 إلى 500 شاحنة. وتصرّ أيضاً على منع إدخال مواد لها استخدامات متعددة مثل الإسمنت والمواسير والمواد الكيميائية وغيرها مما يمكن استخدامه في بناء الأنفاق وصناعة الصواريخ. مع ذلك، لفتت القناة الثانية إلى أن تل أبيب لم تتلقّ حتى الآن رداً من «حماس» على آليات الرقابة المتعلقة بالإشراف على منع تعاظم قدراتها العسكرية أو حتى إعادة إعمار غزة.
بخصوص معبر رفح الذي كان لافتاً أن مصر فتحته بصورة جزئية خلال أيام الهدنة، فهي أيضاً زادت بند من يحمل «تأشيرة أو إقامة» للخروج على من يحق لهم السفر وكانوا حملة الجوازات الأجنبية والمرضى فقط خلال الأشهر الماضية، كما ذكرت هيئة المعابر في الحكومة السابقة في غزة.
أما القناة «العبرية» فقالت إنه لا يوجد مبرر للانتظار بشأن هذا المعبر «لأنه يمكن فتحه الآن جزئياً، على أن لا يفتح كلياً إلا بعد تسلمه من قوات الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونشر 1000 عنصر منهم على طول محور فيلادلفيا».
على خلاف ذلك كله، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر مصرية قولها إن 95% من الخلافات حلت وإن الوفد الإسرائيلي سيعود إلى تل أبيب لإخطار قيادته بنتائج المباحثات، وهو ما يخالف حديث القناة الثانية و«يديعوت أحرنوت».
في سياق آخر، ذكر موقع «واللا» العبري أنه في كواليس الاتفاق لوقف النار، كشفت مصادر أمنية إسرائيلية أن ما ساعد على العودة إلى طاولة القاهرة، «هو تدخل السعودية والدول الخليجية واستعدادها لتقديم مساعدات مالية لإعمار غزة». وأضافت المصادر نفسها أن «حماس» أصرت على الإطار المالي الذي ستقدمه قطر للإعمار. «لكن بسبب الخشية في تل أبيب والقدس من التأثير المتزايد لقطر على غزة، فقد جرى تجنيد السعودية والإمارات لمشروع الإعمار». ورأت المصادر نفسها أنّ من المتوقع أن «تضعف هذه الخطوة قطر وقيادة حماس في الخارج، فضلاً عن أن التمويل الذي تعهد السعوديون تقديمه سيكون تحت رقابتهم، وبذلك لن تنقل الأموال لبناء الأنفاق».
في إطار متصل، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إلى حرمان «حماس» المكاسب السياسية، محذراً من «التلكؤ أو جعل الأمر يبدو كأن محاربة إسرائيل أمر مجد». ورفض، في مقابلة مع موقع صحيفة «يديعوت احرونوت»، إنهاء العملية العسكرية من دون استعادة جثث الجنديين، ورفض حصول موظفي حكومة «حماس» السابقة بمن فيهم أفراد الجهاز العسكري على رواتبهم.
وبعد أن أعرب عن رفضه تحرير أسرى، تشدد ليبرمان في رفضه اشتراطات المقاومة بالقول: «لا نوافق على تحرير أي أسير ولا حتى معتقلي صفقة شاليط، ولن نوافق على إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى كما يطلب رئيس السلطة».
في سياق آخر، وبعد ساعات من تأكيد قائد المنطقة الجنوبية، اللواء سامي ترجمان، أنه لا يوجد حل تكنولوجي في إسرائيل أو العالم لمواجهة تهديد الأنفاق، وهو ما قد يترتب عليه تداعيات نفسية وشعبية لجهة سكان مستوطنات جنوب إسرائيل، تغيرت الرواية الإسرائيلية فجأة، فيبدو أنها تحاول احتواء مفاعيل هذا الإقرار، إذ حرصت وسائل الإعلام العبرية طوال أمس على ضخ معطيات تحاول تأكيد أن الحل بات في متناول الأيدي ولا ينقص سوى توفير الأموال له.
وذكرت القناة العاشرة، نقلاً عن ضابط رفيع، أن الجيش أوصى بدمج منظومتين متطورتين لحل موضوع الأنفاق، «وذلك بإقامة حاجز تحت أرضي، ومنظومة إنذار هدفها كشف الأنفاق على الحدود».
وقال الضابط إن هذه المنظومات يمكن أن تعمل خلال سنة من تصديق الحكومة عليها، وتوقع أن يقدم الجيش في المرحلة القريبة خطة لمواجهة الأنفاق تبلغ كلفتها بين مليار ونصف إلى ملياري شيكل (نحو 500 مليون دولار).
(الأخبار)




السفير المصري في تل أبيب إذا تحقق الاتفاق

كشفت مصادر إسرائيلية أن القاهرة تنوي إعادة سفيرها إلى تل أبيب في حال توصُّل الأطراف المعنية إلى ترتيبات بعيدة المدى خلال المفاوضات الجارية في العاصمة المصرية. وكشف موقع «واللا» العبري هذه النية من طريق مصادر دبلوماسية قال إنها على علاقة بالمفاوضات الجارية بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في غزة.
ونقل الموقع عن مصدر موجود حالياً في الولايات المتحدة قوله إن مصر «نقلت رسالة بهذه الروحية إلى الجانب الإسرائيلي». وكانت القاهرة قد استدعت سفيرها لدى تل أبيب عاطف سلام عام 2012 في سياق احتجاجها على عدوان الاحتلال على غزة عام 2012.
(الأخبار)