الخرطوم | في خطوة لم تكن مستبعدة، اعتقلت السلطات السودانية، في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، أحد أبرز مهندسي ميثاق باريس نائب رئيس «حزب الأمة» مريم الصادق المهدي في مطار الخرطوم، لدى عودتها من العاصمة الفرنسية باريس. واقتيدت ابنة زعيم «حزب الأمة» من على سلّم الطائرة التابعة للخطوط القطرية، من دون توضيح أسباب الاعتقال. ولم يسمح لأحد من قادة الحزب بالاتصال بها، إلا أن زوجها تلقى اتصالاً، في الساعات الأولى من صباح أمس، أُخطر خلاله بأنها موجودة في مباني الأمن السياسي في مدينة بحري، شمال الخرطوم.
وأكد أحد أشقاء مريم أنها غادرت البلاد بصورة قانونية وبعلم الجهات المختصة، للمشاركة في جلسة الاستماع التي عقدها البرلمان الأوروبي للمعارضة السودانية بشقّيها السياسي والمسلّح في مدينة ستراسبورغ، مضيفاً أنها «بعد انتهاء الاجتماعات شاركت مع والدها في عقد اجتماعات مع قادة الجبهة الثورية، تمخّض عنها إعلان باريس الموقّع في الثامن من آب الجاري».
وأشرفت مريم التي رُقّيت قبل نحو ثلاثة أشهر إلى منصب نائب رئيس «حزب الأمة»، ثاني أقدم الأحزاب السياسية في السودان، على إعلان باريس مع الجبهة الثورية التي تضم عدداً من الحركات المعارضة، غير أن البيان الختامي جاء ممهوراً بتوقيع رئيس الحزب الصادق المهدي الذي حطّ رحاله في القاهرة.
وعلى رغم أن المهدي أراد إضفاء شيء من الشرعية على خطوته تلك بإجرائه سلسلة من الاتصالات مع الحزب الحاكم وقادة أحزاب المعارضة، يرى مراقبين أن لجوءه إلى القاهرة ليس إلا تحسّباً لاعتقاله هو الآخر، خصوصاً أنه أدرك أن الحكومة السودانية لن تتوانى عن ذلك كما فعلت سابقاً. لكن نجله الصديق الصادق المهدي نفى ذلك، مؤكداً لـ«الأخبار» أن زيارة والده للقاهرة معدّة سلفاً ولا علاقة لها بأي اعتقالات».
ومنذ إطلاق سراحه، أخذ الصادق المهدي يشكّك في نيات الحكومة تجاه الحوار الوطني، ويطلق النعوت التي توحي للآخرين بفشل المبادرة قبل اكتمالها.
ووفق الصديق الصادق المهدي، فإن مريم تقبع حالياً في سجن النساء الواقع في ضاحية أم درمان غربي الخرطوم.
وعلى رغم مضيّ أكثر من 24 ساعة على اعتقال القيادية البارزة في «حزب الأمة»، لم يجر حتى مساء أمس تحريك أي إجراءات قانونية ضدها أو توجيه تهمة مباشرة لها. وقال شقيقها إن «أسرة مريم لا تستطيع القيام بأي تصرف قانوني في ما يتعلق باعتقالها»، معتبراً أنه «اعتقال سياسي من الدرجة الأولى».
بدوره، سارع الحزب إلى إصدار بيان وجّه فيه رسالة شديدة اللهجة إلى أجهزة الأمن، مفادها أن مثل هذه التصرفات لا ترهب الحزب عمّا عزم على القيام به بالاتفاق مع الجبهة الثورية، إضافة إلى تحقيق مطالب الحوار. وقال إنه «في حال فشلوا في ذلك فلا سبيل إلا إلى انتفاضة سلمية على النظام». وجاء في البيان أن «اعتقال مريم المهدي بهذه الطريقة يتناسب مع تصرفات جهاز الأمن، ويؤكد أن النظام مستمر في السير بالبلاد إلى هاوية سحيقة».
من جهة أخرى (الأناضول)، وقّعت إثيوبيا والسودان، مساء أمس في أديس أبابا، اتفاقية تعاون عسكري لتأمين الحدود وتعزيز السلام والأمن في البلدين. وأوضح التلفزيون الإثيوبي الرسمي أن البلدين اتفقا على نشر قوات مشتركة لحفظ السلام والاستقرار على حدودهما.