اشتعلت جبهة ريف حلب الشمالي خلال الأيام الماضية بين تنظيم «الدولة الاسلامية» (المعروف بـ«داعش») من جهة، والجماعات المسلّحة من جهة أخرى، ولا سيّما «جبهة النصرة» (تنظيم «القاعدة» في بلاد الشام) و«الجبهة الاسلامية» والفصائل التابعة لهما. وبعد مرور أشهر على المعارك الدائرة بين التنظيمات المسلّحة، استطاع مقاتلو «داعش» أمس، السيطرة على بلدتي اخترين وتركمان بارح في ريف حلب الشمالي، القريبتين من الحدود التركية، إضافة الى قرى المسعودية والعزيزية ودويبق والغوز.
واعلن التنظيم سيطرته على هذه البلدات، ونشر على مواقع تابعة له صوراً لـ«الغنائم» التي استولى عليها من أسلحة وعتاد عسكري. في المقابل، تبادل الناشطون المعارضون التهم بـ«الخيانة والتقاعس»، ما أدى الى «سقوط» البلدتين والقرى بيد «الدولة»، كما ألقى بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي اللوم على «جبهة النصرة» التي «تخلّى عناصرها عن حاجز أساسي للتنظيم في تركمان».
وبحسب المصادر الميدانية، فقد قتل العشرات من المسلحين من الطرفين في اخترين، بينهم عدد من القادة، كالقاضي العام لـ«ألوية صقور الشام» التابع لـ«الجبهة الاسلامية» أبو عبد السميع القاشي، والقيادي في الفصيل نفسه «أبو مهدي عاصي». في المقابل، قُتل احد قادة «الدولة»، وهو الشيخ «أبو البراء المغربي». ودفعت الاشتباكات العديد من الاهالي الى النزوح من قرى عدة باتجاه مخيم باب السلامة على الحدود السورية التركية.

100 مقاتل من «جيش الإسلام» وحلفائه بين قتيل وجريح في هجوم للجيش على المليحة

وتمثل سيطرة «داعش» على هذه البلدات والقرى اهمية استراتيجية للتنظيم، وخصوصاً لناحية سيطرته على بلدة اخترين، التي تفتح الطريق نحو بلدة مارع ومدينة اعزاز الحدودية مع تركيا. ما يشير الى اشتداد المعارك في الفترة المقبلة بين التنظيمات المقاتلة و«الدولة»، في ظل عزم الاخير على بسط سيطرته قدر الامكان على المناطق الحدودية الحيوية. في موازاة ذلك، استمرت الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوري والجماعات المسلحة في محيط فرع المخابرات الجوية وجامع الرسول الأعظم في حي جمعية الزهراء غربي مدينة حلب.
وفي الحسكة، أعلنت «وحدات حماية الشعب» الكردية أمس، ان عناصرها قتلوا «14 من إرهابيي داعش من خلال عملية نوعية ضد أوكار المرتزقة في قرية حويجة»، كما كشفت في بيان لها ان «مرتزقة داعش الإرهابيين هاجموا قرية تابعة لبلدة توينة الواقعة على طريق تل تمرـــ الحسكة، فتدخلت قواتنا واشتبكت معهم وتمكنت من قتل 8 منهم، وأجبرت البقية على الفرار بعيداً عن القرية».

عرقلة تسويات جنوب العاصمة

على صعيد آخر، تواصلت محاولات المعارضة المسلحة لمنع امتداد المصالحات الميدانية إلى جنوب العاصمة، وفيما عادت موجة العبوات الناسفة إلى حي القابون، نشبت المعارك في القسم الغربي من مدينة حرستا في الغوطة الشرقية. وانفجرت يوم أمس إحدى العبوات الناسفة التي كانت المعارضة المسلحة تصنعها داخل حي القابون الدمشقي، حيث أدى الانفجار القوي، الذي سمع صوته في عدة أحياء شمالي العاصمة، إلى مقتل أربعة مسلحين وإصابة خمسة. نزل الخبر صادماً على أبناء المدينة وعلى لجان المصالحة التي كانت ترى حتى يوم أمس، أنها قد أرست هدنة طويلة الأمد في الحي، قبل أن تتلاشى تلك التوقعات بعد اكتشاف ما تجهزه بعض التنظيمات المسلحة في الحي. في هذا الصدد يؤكد أحد أعضاء لجنة المصالحة الوطنية لـ«الاخبار» أن «الخبر جاء مفاجئاً للجميع، فالفصائل جميعها وقّعت اتفاق وقف الاقتتال، ونبذ العنف داخل البلدة، وعلى هذا الأساس ألّفنا وفداً مفاوضاً سيزور المسلحين خلال الساعات المقبلة للوقوف على أسباب الحدث». أبو رامي، الذي كانت له خبرة طويلة في التواصل خلال المصالحات السابقة في جنوب دمشق، رأى أن «المتشددين في الغوطة الشرقية لا يريدون التسويات في المناطق المحاذية للعاصمة، ولهذا السبب تعمل العديد من التنظيمات الأكثر تشدداً، والمرتبطة على نحو غير معلن بداعش على كسر أرضية التسويات في مناطق الغوطة». وشهدت مناطق التسوية في الغوطة الشرقية تهديداً متفاوتاً من قبل المسلحين المتشددين، ابتداءً من إرسال لجان لثني أهالي المنطقة وقادة تنظيماتها عن التسوية، كما جرى في كلٍّ من ببيلا وبيت سحم مطلع الأسبوع الجاري، وليس انتهاءً باستخدام قذائف الهاون ضد مناطق التسوية، كما جرى أول أمس عندما استهدفت تنظيمات الغوطة عدة مناطق في حرستا، عقب الحديث عن تسوية فيها.
ميدانياً، صدّ الجيش أمس محاولة تسلّل لمسلحين من «جبهة النصرة» في شارع الثلاثين في مخيم اليرموك، جنوب العاصمة، حيث قتل أكثر من 15 من المسلحين بحسب المصادر الميدانية. وشهدت الحدود الغربية لبلدة حرستا اشتباكات متقطعة منذ فجر أمس بين وحدات من الجيش السوري وعدد من مقاتلي «جيش الإسلام»، الذين حاولوا التسلل من مديرا باتجاه دوما عن طريق بساتين الزيتون غربي حرستا، ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من مقاتلي التنظيم. واستمرت الاشتباكات في جوبر وفي المليحة حيث قالت مصادر ميدانية إن الجيش شن هجوماً واسعاً أمس، ما أدى إلى سقوط نحو 100 مقاتل من «جيش الإسلام» وحلفائه بين قتيل وجريح. الى ذلك، أغارت الطائرات الحربية على تجمعات المسلحين في جرود بلدة رنكوس في القلمون، في ريف دمشق الشمالي.