طرابلس | تمخّضت الوساطات الإقليمية عن حلحلة لبعض الخلافات العالقة، منذ أشهر، بين أطراف الأزمة الليبية، إذ أعلنت اللجنة المشتركة «6+6»، والمشكَّلة من ممثّلي مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة»، التوافق على النقاط العالقة في ملفّ انتخاب رئيس الدولة وأعضاء البرلمان، علاوة على كيفيّة إشراك الأحزاب السياسية في انتخابات مجلس النواب عبر قوائم حزبية أو ترشيحات فردية. وجاء التوافق بين أعضاء اللجنة في ختام مفاوضات اليوم الثاني المنعقدة في مدينة بوزنيقة المغربية، بعد التفاهم على ملامح النظام السياسي في «الدولة الجديدة» التي يأمل الليبيون في أن تحقّق لهم الاستقرار بعد صراعات مديدة. كذلك، جرى الاتفاق على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في اليوم نفسه، على أن يضمّ «مجلس الأمّة» غرفتَين، واحدة للنواب وأخرى للشيوخ.وعلى رغم التقدُّم المُحرَز، يبقى التفاؤل حذراً للغاية، بسبب وجود عقبات تقرَّر إرجاء حسْمها إلى حين الاستقرار على «صياغة» و«ضبط التشريعات» الخاصّة بالتعديلات القانونية التي سيتمّ اعتمادها. وستكون عملية الصياغة والتفاوض في شأن صلاحيات رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيسَي مجلسَي النواب والشيوخ محور مناقشات موسّعة، نظراً إلى احتمال وجود نزاع على السلطات. وجاء التوافق الليبي في بوزنيقة، والذي جرى برعاية مصرية وخليجية وتركية، مكمّلاً لخطوة إقصاء رئيس الحكومة الموازية، فتحي باشاغا، إذ ثمة مساعٍ لتشكيل حكومة مصغّرة يرأسها عبد الحميد الدبيبة، لتمرير الاستحقاق الانتخابي، والتعديلات القانونية التي تسمح بترشّح مزدوجي الجنسية والعسكريين. ووفق التفاهمات التي جرت في الأيام الماضية عبر أجهزة استخبارية، سيقود الدبيبة الحكومة الانتقالية المكلّفة بإجراء الانتخابات، على أن يُترك له قرار الترشّح من عدمه، باشتراط تعليق أعماله في حال رغب في خوض الاستحقاق الرئاسي، وهو ما يعني إعادة تفعيل الاتفاق الذي جرى في جنيف وأوصله إلى السلطة قبل حدوث الخلافات وعرقلة العملية الانتخابية.
تحضر الأطراف الدولية والأممية بقوّة في الاجتماعات، سواء السياسية أو العسكرية


على أن الرغبة في الذهاب إلى الانتخابات قبل نهاية العام الجاري تبدو صعبة للغاية، وإنْ لم تكن مستحيلة؛ إذ تعتمد على المدى الزمني الذي يتطلبّه تمرير التعديلات القانونية وصياغتها، إلى جانب القدرة على التعامل مع ملف المرتزقة وإخراج بعضهم وإدماج البعض الآخر بعد نزع سلاحهم، وهي أمور ستحسمها نقاشات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» التي انطلقت في طرابلس، أمس، والتي تسعى لصياغة بنود توحيد المؤسّسة العسكرية.
وتحضر الأطراف الدولية والأممية بقوّة في الاجتماعات، سواء السياسية لتقديم المشورة والدعم والمساعدة في صياغة البنود الدستورية، أو حتى في الاجتماعات العسكرية التي شاركت فيها «مجموعة العمل الأمنية» المنبثقة من مؤتمر برلين. وتأتي خطوات المسؤولين الليبيين المتسارعة للتهرب من الضغوط التي يقودها المبعوث الأممي، عبدالله باتيلي، الذي أعلن عن وجود مسار بديل للمسارات الحالية التي عطّلتها الخلافات السياسية في الأيام الماضية، يقضي باللجوء إلى الانتخابات وإقصاء المعارضين من المشهد السياسي، على اعتبار أن شرعية جميع المؤسّسات الحالية باتت منتهية منذ سنوات، وهو ما تحدّث عنه في بيانه الأخير أمام مجلس الأمن.