القاهرة | إثر مرور الذكرى الأولى لفضّ اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة، الأسبوع الماضي، ظهر من متابعة تحركات مناصري جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها، أنهم اتبعوا تكتيكاً جديداً في التظاهر والاحتجاج وعمليات العنف ضد الدولة، غير ذلك الذي دأبوا على اتباعه منذ عزل الرئيس محمد مرسي في بداية تموز 2013.
التظاهرات التي تصاعد خطها البياني منذ 14 آب الجاري اتبعت الخط نفسه الذي اتبعه متظاهرو «الجماعة» في 3 تموز الماضي، الموافق للذكرى الأولى لعزل مرسي. تتميز تلك التحركات بحشد التظاهرات الكبيرة في الشوارع الجانبية والابتعاد بها عن الشوارع الرئيسية، ما يصعب من قدرة قوات الأمن على استخدام القوة لضيق الشوارع والتكدس السكاني، بالإضافة إلى تكوين مجموعات صغيرة لا تتجاوز عشرين فرداً تظهر فجأة في أحد الشوارع الحيوية لتقطع الطريق وتحرق بعض الإطارات لعرقلة حركة المرور ثم الانسحاب قبل وصول قوات الأمن، أو عرقلة السير في الطرقات والمحاور الرئيسية في القاهرة وعواصم المحافظات، إضافة إلى حرق وقطع خطوط السكك الحديدية، وهي أجواء شبيهة، وفقاً لخبراء، بتلك التي عاشتها مصر في القرن الماضي إبان «ثورة 1919».

يهدف استرجاع
التجربة إلى
التأثير أكثر على السلطات


وبحسب معلومات مصادر معنية، إن اعتماد هذه الاستراتيجية في التظاهر جاء بهدف تفادي سقوط أعداد كبيرة من الضحايا برصاص قوات الأمن، إضافة إلى أن قطع الطرق وحرق بعض المنشآت الحكومية قادر على إشعار المواطن بأن هناك حراكاً على الأرض، وأن هناك غاضبين يطلبون «ثارات من قتلوا العام الماضي».
في الإعلانات الرسمية، تحرص جماعة الإخوان المسلمين و«حزب الحرية والعدالة» على نفي أي مسؤولية عن أي أعمال عنف، مثل حرق مبنى حي عين شمس صباح أمس، أو حرق سيارات ضباط الجيش والشرطة، وتَنسب هذه الأفعال إلى من تسميهم «المجهولين».
ويقول أستاذ العلوم السياسية أحمد تهامي إن «الفكرة الأساسية الحاكمة للحركات الاحتجاجية طوال الفترة الماضية، والتي توارثها جيل السبعينيات في الحركة الطلابية، كانت تسعى دائماً إلى الاعتصام في الميادين، في قمة احتجاجها وذروته، وأبرز الأمثلة أخيراً السيطرة على ميدان التحرير في عنفوان الاحتجاج في ثورة 25يناير، كامتداد لخلفية الاعتماد على الحشد في الميادين واستخدامها للسيطرة على النظام».
ويصف تهامي الممارسات وأساليب الاحتجاج اليوم بأنها «قريبة من أحداث 1919، وخصوصاً قطع الطرق وقضبان السكك الحديدية ومحاولة السيطرة على المنشآت، في خلفيات أكثر عنفاً، جاءت من قطيعة كاملة مع مكتسبات جيل السبعينيات وطريقته في الاحتجاج». ويشرح أنه برغم أن الوجه السلبي للعمل الاحتجاجي يؤثر في النهاية على مصالح الناس ويخلق نوعاً من النفور لدى بعض القطاعات الشعبية، لكنه يلفت إلى أنه، بحسب القائمين على الاحتجاج، إن «تلك الممارسات تتيح لهم تأثيراً وضغطاً أكبر على السلطة، والمحتج دائماً يسعى إلى استخدام كل الأساليب التي تتيح له ممارسة أقصى الضغوط على السلطة، فيما تظهر في الوقت نفسه أن الدولة عاجزة عن تسيير أمور معيشة الناس في مسارها الطبيعي».
في الجهة المقابلة، كان لافتاً خلال تظاهرات الأسبوع الماضي مدى الحذر الأمني الذي اعتمدته الأجهزة المصرية. وفي تقرير حصلت عليه «الأخبار»، سُجِّل «138 احتجاجاً للإخوان، 49 حادث عنف والقبض على أكثر من 200 إخواني، فيما أُبطل مفعول 30 عبوة ناسفة». ويشير التقرير إلى أن «التظاهرات تنوعت بين نسائية ومختلطة وسلاسل بشرية وقطع طرق وإشعال النيران... ووقفات احتجاجية»، لافتاً إلى أن «محافظتي القاهرة والإسكندرية تصدرتا مؤشر احتجاجات الإخوان، يليهما مباشرة عدد من مدن الصعيد، حيث حاولوا الجمعة الماضي عزل محافظة بني سويف من خلال قطع طرق ومهاجمة أقسام والسطو على الأسلحة الموجودة بحوزة الضباط».
اللواء نبيل شكري يعلّق على مجمل هذه المعطيات بالقول إن «الإخوان تحاول إنهاك قوة الداخلية والجيش من خلال نشر مجموعات صغيرة في مناطق متفرقة في وقت واحد، وهو ما يفقد القوة الأمنية والعسكرية اتزانها، وخصوصاً أن غالبية القائمين على الأعمال ينشرون الفوضى خلال فترة لا تتعدى 10 دقائق ثم يختفون، الأمر الذي يعرقل عملية ضبطهم، وبالتالي يجب على السلطات الاجتهاد في تنفيذ العمليات الاستباقية».