■ كيف تنظر كتائب عبد القادر الحسيني الى الهدن المتكررة بين المقاومة والعدو الإسرائيلي؟ وهل برّدت هذه الهدن سخونة الجبهة؟ نعتبر أن أي هدنة مجانية تقدم للاحتلال مكسب له، ويستفيد منها ويستخدمها كأداة لتطويع المقاومة في محاولة لتحويل الانتصار الذي أنجزناه في الميدان العسكري الى خسارة خلال المفاوضات. ونحن وافقنا على هذه الهدن من دون الاقتناع بها، ولكن صوناً للموقف الموحد بين فصائل المقاومة وافقنا عليها.

■ ماذا كان يفعل مقاتلو الكتائب أثناء التهدئة؟
نستغل الهدوء لإعادة ترتيب الصفوف بين المقاتلين والاستفادة من الأخطاء التي وقعنا بها، بالإضافة الى تقويم دائم للوضع الميداني. ونعمل على تعويض ما أطلقناه من صواريخ وقذائف خلال المعركة، بالإضافة الى إعادة تذخير المرابض وتبديل المقاتلين على الجبهات تجهيزاً للجولة المقبلة. لكن وبرغم من الهدن، فإن مقاتلينا لا يزالون في مواقعهم وخنادقهم وأنفاقهم وأيديهم على الزناد.


■ في حال اندلاع الحرب مجدداً، الى متى تستطيع كتائب الشهيد عبد القادر الحسيني الصمود في هذه المعركة في ظل القدرات القتالية العالية لدى الجيش الإسرائيلي؟
معركتنا مستمرة حتى يرضخ الاحتلال لشروط المقاومة كاملة من دون نقصان. وبالرغم من قدرة الاحتلال العسكرية والتكنولوجيا العالية والمتطورة لديه، إلا أننا نمتلك ما هو أهم وهو المقاتل المجهز نفسياً وعسكرياً للدفاع عن أرضه وعرضه ومقدساته، وقد أثبت الميدان هذه الحقيقة فعلاً، لا قولاً.

■ ماذا لو حاول جيش الاحتلال شنّ عملية برية جديدة والدخول الى قطاع غزة؟
لم يعد قرار الحرب البرية على قطاع غزة قراراً سهلاً على العدو. فهو يعلم جيداً أن هذا القرار سيكلفه كثيراً، وسيكون جنوده عرضة للقتل أو الأسر أو الإصابة. وفي حال تدخله برياً مجدداً فسيجد ما لا يسرّه وما لم يره من قبل.


■ هل من غرفة عمليات مشتركة بينكم وبين الأجنحة العسكرية الأخرى لإدارة المعركة على الأرض؟
طالبنا مسبقاً بتشكيل غرفة عمليات مشتركة تجمع كل فصائل المقاومة لإدارة المعركة بشكل أقوى، ولكن للأسف لم تشكل. ولكنْ هناك تنسيق دائم بين جميع الفصائل، وقد شكلنا غرفة عمليات خاصة لأذرع فتح العسكرية المقاتلة في غزة. كما نفذنا عمليات مشتركة مع كتائب أبو علي مصطفى وكتائب المقاومة الوطنية، ونأمل العمل بشكل جدي على تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين فصائل المقاومة.

■ الى أي مدى بلغت الصواريخ التي أطلقتها الكتائب ضد العدو؟
استخدمنا صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى ابتداءً من 8 وصولاً الى 55 كيلومتراً، وقد آثرنا المحافظة على حالة التناغم بين جميع فصائل المقاومة خلال المعركة، عبر توزيع استهدافنا بين الفصائل للبلدات المحتلة. بالنسبة إلينا، حافظنا على وتيرة قصفنا. ونحن نتصرف كأننا في حرب استنزاف طويلة ولا تزال لدينا القدرة على توسيع رقعة استهدافاتنا، ولكن بحسب الحاجة والتوافق الميداني بين الفصائل بحيث نحافظ على إبقاء كل المدن والبلدات والمواقع العسكرية تحت نيران صواريخنا.

■ كيف تنظرون الى تطور نوعية الصواريخ ووصولها من غزة الى تل أبيب وحيفا؟
كل يوم يمر في غزة، تتطور المقاومة عن اليوم الذي سبقه، وهذا أمر هام وضروري. وقد أفقدت المقاومة الاحتلال قوة الردع التي كان يتغنى بها دائماً، وقد فرضنا وقائع جديدة على الأرض. وأعطت المقاومة إضافة نوعية جديدة في مواجهتها الاحتلال وذلك من خلال الأنفاق.


■ غزة محاصرة بحراً وجواً وبراً، كيف تغلبتم على الحصار وطورتم أمداء صواريخكم وأداءكم العسكري؟
إنها ثورة المستحيل كما أطلق عليها الزعيم الراحل ياسر عرفات. فهي لا تنكفئ على ذاتها ولا تعرف الخضوع أو الاستسلام للأمر الواقع، ولن يستطيع العدو مهما حاول إحكام قبضته على منعنا من التسلح أو تطوير قدراتنا القتالية بشرياً وعسكرياً. ونحن نقدم الشكر لكل من ساهم في دعم المقاومة وساعدنا على تطوير قوتنا الصاروخية والعسكرية وننتظر منهم أكثر والأفضل لنحمي المقاومة ولنستمر في حربنا ضد العدو حتى النصر.


لم يبخل حزب الله بتقديم الدعم للمقاومة، وقد ظهرت نتائج دعمه في هذه المعركة

نعمل خلال الهدن على تعويض ما أطلقناه من صواريخ وقذائف، بالإضافة الى إعادة تذخير المرابض

■ هل من تواصل بين فصائل المقاومة في غزة مع حزب الله وإيران، وما نوعية هذا التواصل؟
بالتأكيد، هناك تواصل دائم بين المقاومة الفلسطينية وحزب الله وإيران، وهذا الأمر لم يعد سراً. نحن نواجه عدواً شرساً وله تحالفاته، ونحن أيضاً كمقاومة لنا تحالفاتنا. نسعى إلى توسيع دائرة هذه التحالفات بما يخدم قضيتنا العادلة والمشروع الوطني الفلسطيني، وهناك أشكال عديدة لهذا التواصل، سواء من خلال التدريب أو الإعداد والتجهيز أو الدعم اللوجستي وتطوير المقاومة وسلاحها، وبالطبع كل ذلك من دون التدخل بالشأن الخاص لأي جهة.

■ أعرب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن استعداد الحزب لتقديم كل ما تحتاج إليه المقاومة في غزة من دعم، كيف تنظرون الى هذه الخطوة؟
- كل الشكر والتقدير لحزب الله الذي لم يبخل من قبل في تقديم الدعم للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وقد ظهرت نتائج هذا الدعم بشكل واضح في هذه المعركة. ونحن نثمّن ونبارك أي دعم من حزب الله، وعلى ثقة بأن هذا الدعم سيستمر وسيتطور أكثر من قبل. كما نرحب بكل من يقدم يد العون والدعم للمقاومة الفلسطينية، وصولاً الى النصر والتحرير.


■ كان لكتائب الشهيد عبد القادر الحسيني حضور بارز في هذه المعركة، وقد خضتم معارك مباشرة مع جيش الاحتلال، فهل لك أن تطلعنا على طبيعة عملياتكم أثناء المعركة؟
كان لنا شرف إطلاق أول صاروخ في هذه المعركة رداً على جرائم الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، وخصوصاً بعد عملية اختطاف شهيد الفجر محمد أبو خضير وقتله وإحراقه بطريقة بشعة من قبل المستوطنين. اغتالت بعدها طائرات الاحتلال الشهيد مازن الجربة قائد العمل العسكري في المحافظة الوسطى، والشهيد مروان سليم قائد الوحدة الصاروخية في المحافظة نفسها بعد إطلاقهما صواريخ على البلدات المحتلة.
وتحت اسم عملية «سيف الله المسلول»، أطلقت الكتائب أكثر من 783 صاروخاً على البلدات والمواقع العسكرية الصهيونية. كما اشتبكنا في أكثر من محور مع قوات الاحتلال وجهاً لوجه ومن مسافة صفر وأوقعنا قتلى وإصابات بين جنود العدو. وقد اعترف إعلام العدو بمقتل 8 جنود على أيدي مقاتلينا، وكان على رأسهم الرقيب أول أفتيار موشيه ترجمان، نجل قائد المنطقة الجنوبية، الذي قتل في 22 تموز، في منطقة الزنة شرقي خان يونس. كما أصيب 5 جنود في هذا الاشتباك، كان من بينهم إصابتان وصفتا بالخطيرة.
وقد استهدفنا مدينة عسقلان المحتلة بصواريخ عدة، وكنا سننال من رأس وزير خارجية العدو المتطرف أفيغدور ليبرمان أثناء عقده مؤتمراً صحافياً في ذلك الوقت لولا تدخل القبة الحديدية. لكن المهم أن صواريخنا وصلت إليه ورآها بعينيه وفر هارباً منها الى الملجأ.

وقد تكرر هذا المشهد مرة أخرى عند زيارة وزير الأمن الداخلي إسحاق أهرونوفيتش لعسقلان لرفع معنويات السكان ورجال الشرطة، عندها دوت صفارات الإنذار وهرب الى الملجأ خوفاً من صواريخ أطلقناها في ذلك الوقت.
كما قمنا بـ 3 عمليات قنص، وفجّرنا جرافة إسرائيلية من نوع D 9 شمال غزة في منطقة تبة الداعور، وبالرغم من عملية التعتيم على العدد الحقيقي للقتلى في صفوف جنود العدو، إلا أنه اعترف بمقتل 8 جنود واثنين من المستوطنين وإصابة أكثر من 40 في عمليات تم تنفيذها على أيدي مقاتلينا.



ولد عبد القادر الحسيني في القدس عام 1907 واستشهد في قريته القسطل عام 1948، بعدما خاض فيها معركة لمدة ثمانية أيام. وقبل دخوله الى قريته، توجه الى دمشق للقاء اللجنة العسكرية العليا، التي شكلتها الجامعة العربية طلباً للمساعدة. رفضت اللجنة تسليحه ورجاله، وفضل الحسيني العودة والقتال بما يملكونه من أسلحة بدائية