رسم زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، المسار الذي ستعيشه اليمن في الأيام المقبلة؛ لا تراجع عن إسقاط الحكومة، والتراجع عن قرارات رفع الدعم، وتهديد للدول العالمية بإرسال جنودها إلى البلاد لدعم الحكومة. خطاب اللحظات الأخيرة لـ«الحوثي» جاء بعد فشل الحوار بين الحركة والوفد الرئاسي الذي حاول ثني الحركة عن خطواتها التصعيدية اليوم.

ستكون أنظار العالم اليوم متجهة إلى ساحات اليمن لمشاهدة حشود أنصار حركة «أنصار الله» في شوارع اليمن، وخاصة في العاصمة صنعاء، لإسقاط الحكومة، وسط حالة من الترقب والحذر يعيشها اليمنيون.
زعيم «أنصار الله»، عبدالملك الحوثي، أكد أن اليوم هو الساعة الصفر لانطلاق «المرحلة الثانية» للحراك الذي بدأ يوم الاثنين الماضي في صنعاء.
وأكد أن اليوم سيكون المهلة الأخيرة قبل «اتخاذ خطوات مهمة»، طالباً من «الإخوة الثوار» الالتزام بضوابط هذه الخطوات وحدودها. كذلك قال الحوثي إن اليوم سيكون يوماً للتضامن مع الشعب الفسطيني العظيم الذي «لا ننساه مهما كانت آلامنا»، مؤكداً أن المخيمات على مداخل العاصمة «هي تجمعات ثورية وليست لاحتلال صنعاء»، وكلّ المزاعم الأخرى هي «ردة فعل غبية».
ورفض الحوثي في كلمة متلفزة، مساء أمس، أن يحيد الحراك عن مطالبه المحقة، بدءاً من إلغاء الجرعة السعرية وصولاً إلى إسقاط الحكومة.

الحوثي: المخيمات على مداخل العاصمة تجمعات ثورية
وليست لاحتلالها


وجدد دعوة الشعب اليمني إلى الخروج بمسيرات في كل المحافظات، في صنعاء وغيرها، داعياً اليمنيين إلى الخروج اليوم لأداء صلاة الجمعة في خط المطار، افتتاحاً للمرحلة الثانية.
ودعا الحوثي الرئيس عبد ربه منصور هادي ووزير الدفاع محمد ناصر الأحمد إلى عدم الانزلاق في العدوان على الناس، قائلاً «هذا شعبهم وهذا بلدهم ولا داعي للمكابرة». كذلك ناشد الجيش والقوى الأمنية بالقول إن «البعض يحاول أن يزج بكم في العدوان على من مسؤوليتكم الدفاع عنهم، فلا تقبلوا بأي حال من الأحوال»، مضيفاً أن «القضية التي يتحرك بها أبناء شعبكم هي قضيتكم». الكلام نفسه وجهه إلى القوى السياسية والأحزاب، داعياً إياهم إلى الالتفات إلى معاناة وآلام هذا الشعب بعيداً عن حسابات بعيدة هنا وهناك».
ورفض الحوثي الاتهامات التي وجّهت إلى التحرك على أنه تحرك طائفي، مشيراً إلى أن من مميزات هذا التحرك أنه جاد وله أهداف واضحة ومحددة، ويسعى بجد إلى تحقيق تلك الأهداف وإنجاز تلك المطالب المحقة والشرعية.
وعن رسالة الدول العشر، أوضح الحوثي أنه لم يجب على الرسالة لأنها «لم تكن موقعة»، مؤكداً أن «أي تحذير ورد في الرسالة أو غيرها لا نحسب له أي حساب».
وشدد على أن الدول العشر لا يمتلكون الحق في أن يحذروا ولا أن يتدخلوا، لأن «شعبنا قرر وصمم وعزم على ألا يركع إلا لله، وأن يواصل المشوار في المطالبة بحقوقه المشروعة وبالوسائل المشروعة».
وطمأن الحوثي الشعب بالقول: «لا يكترث ممن يهول الموقف الخارجي ويضخمه، أنا أتحدى أي دولة أن تأتي بجيشها الآن لتحاول أن توقف هذا الشعب اليمني العظيم لتقتحم هذا البلد وتحتله، لا أميركا ولا غيرها ولا أي دولة، سواء من الخارج أو من دول الإقليم أو غيرها».
ولم تصل المفاوضات بين الوفد الرئاسي وحركة «أنصار الله» إلى نتائج إيجابية.
ونقلت مصادر لـ«الأخبار» أن الاجتماع لم يتوصل إلى نتيجة محددة أو اتفاق نهائي، مشيرةً إلى أن الوفد الرئاسي لا يزال في صعدة حتى إنهاء النقاشات والتوصل إلى حلول نهائية اليوم.
وأكد المتحدث الرسمي باسم حركة «أنصار الله»، محمد عبدالسلام، أن الحركة طرحت على اللجنة مطالب الشعب المحقة والعادلة، مضيفاً في تصريحات صحافية أن الحركة أوضحت أن المطالب يجب أن تتفاعل معها الحكومة لما فيه «مصلحة البلاد والعباد».
وقال إن الوفد الحكومي أبدى تخوفه على العاصمة صنعاء، في وقت أكد فيه عبد الملك الحوثي أن كل التحركات ستكون سلمية ومشروعة حتى تحقيق أهداف الثورة المعلنة والواضحة، وفي الوقت نفسه ستكون تلك التحركات السلمية ضاغطة على قوى النفوذ.
وكانت حركة «أنصار الله» قد واصلت أمس تظاهراتها لليوم الرابع على التوالي، في صنعاء، للمطالبة بإسقاط الحكومة وإلغاء قرار رفع أسعار المشتقات النفطية.
من جهته، جدد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس دعوته الجيش اليمني إلى «رفع درجة الاستعداد واليقظة العالية من قبل القوات المسلحة والأمن بكل أجهزته لمواجهة الاحتمالات كافة».
وقال هادي خلال ترؤسه اجتماعاً استثنائياً وطارئاً للّجنة الأمنية العليا ومجلس الدفاع الوطني، إن «الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام هذا التهديد الخطير الذي يمس اليمن كله، وليس العاصمة صنعاء فقط»، في إشارة إلى المخيمات المسلحة لجماعة الحوثي على مداخل صنعاء.
وأضاف هادي أن «الحوار الوطني الشامل في اليمن قد ضمّ المكونات السياسية والاجتماعية والثقافية كافة، ومن بينها جماعة الحوثي، وتمت معالجة القضية الجنوبية وقضية صعدة بالتزامن مع مناقشات المؤتمر الوطني الشامل الذي استمر لمدة عشرة أشهر، بينما كان المخطط له أقل من ذلك من حيث الوقت، التزاماً بمقتضى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة».
ورأى هادي أنه «لا يحق لجماعة الحوثي أن تكون وصيةً على الشعب باستخدام ذرائع واهية وبالية، والجميع يدرك ذلك»، لافتاً إلى أن «استخدام الحوثيين لذريعة إلغاء قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية ربما يخفي أجندات أخرى ووراء الأكمة ما وراءها».
من جهة أخرى، نظمت الأحزاب اليمنية المشاركة في حكومة الوفاق الوطني، أمس، مهرجاناً جماهيرياً حاشداً في مدينة إب وسط البلاد، استجابةً لدعوة الرئيس عبد ربه منصور هادي «للاصطفاف الوطني ونبذ الصراعات». وطالب المشاركون في المهرجان «بالابتعاد عن لغة السلاح والعنف والعمل من أجل بناء يمن جديد بعيداً عن الصراعات الطائفية والحروب الأهلية».
إلى ذلك، أعلنت قبائل إقليم سبأ، أمس، إعداد جيش شعبي «لنصرة اللجان الشعبية» التي تقاتل الحوثيين في محافظة الجوف شمال البلاد. واجتمعت قبائل الإقليم الذي يضمّ محافظات البيضاء، مأرب، الجوف في منطقة السحيل في مأرب «لتدارس المستجدات الأخيرة في الإقليم، وآخرها العدوان الغاشم من قبل الحوثيين على محافظة الجوف»، بحسب القبائل.
وخرجت القبائل بوثيقة تضمّ كل قبائل الإقليم «سعياً لحماية أبناء الاقليم، وإدانة كل دعوات العنف والفوضى»، في رسالةٍ واضحة إلى الحوثيين. وتضمنت مقترحاً بتكوين 1500 مقاتل من أبناء الإقليم، كدفعة أولى في جيش شعبي لنصرة اللجان الشعبية التي تصدّ الحوثيين في محافظة الجوف».
من جهتهم، طالب سفراء الدول العشر الراعية للتسوية السياسية في اليمن الأطراف السياسية بـ«ضرورة أن يلتزم الجميع بمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآلياتها وقرارات مجلس الأمن الدولي، واعتماد الوسائل والأساليب السلمية لخروج اليمن من أزمته إلى برّ الأمان».
(الأخبار، الأناضول، أ ف ب)