عمّان | في ظل تجييش إعلامي حكومي واضح، سخّرت مؤسسة القرار صحافتها لشنّ حرب قوية على «الحركة الإسلامية»، بعد مهرجان «غزة تنتصر» الذي أقامته الحركة، منذ أسبوعين، دعماً للمقاومة ولما حققته خلال العدوان الأخير على غزة. وبدأت الأزمة الحقيقية بالنسبة إلى «الحركة» بعد تصريحات المراقب العام لـ«الإخوان المسلمين»، همام سعيد، خلال المهرجان، حين هاجم النظام ومؤسسة القرار، واصفاً دورها بـ«المخزي» وغير المقبول تجاه غزة، وبعد قيام مجموعة من شباب «الحركة» بعرض عسكري، مثّلوا خلاله «كتائب القسام».

وبعد انتهاء المهرجان، بدأ الإعلام الحكومي وبعض الشخصيات السياسية بشنّ هجوم على «الحركة الإسلامية»، مطالبين بحلّ جماعة «الإخوان المسلمين» كلياً، خصوصاً بعدما صدر عن الجماعة عدد من التصريحات التي يمكن اعتبارها مسيئة للدول العربية كمصر والإمارات. فقد أصدر حزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، عدة بيانات، رأى فيها أن مواقف تلك الدول تجاه غزة «متخاذلة».
وفي مقابل ذلك، أصدرت منظمات المجتمع المدني في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في المملكة بياناً استنكرت فيه العرض العسكري الذي تخلل مهرجان «نصرة غزة». ورأى البيان أن «العرض العسكري ما هو إلا إعلان حالة عسكرية، أو إعلان حالة حرب من قبل جماعة الإخوان».
وعلى صعيد متصل، انتقد رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت «الحركة الإسلامية» في الأردن، واصفاً إياها بـ«الانتهازية». وهو إذ أعرب عن لوم تجاه الدولة الأردنية، لأنها «لم تنقض عليها وتنهيها لحظة سقوط الرئيس المصري السابق مرسي»، أشار إلى أن «الإخوان المسلمين امتداد للفكر الوهابي السلفي».
وكان للصحافة دور في كل ذلك أيضاً، فقد نشر عدد من الصحافيين مقالات تنتقد مهرجان «الإخوان» وتدعو إلى حظر نشاط الجماعة.
ورداً على كل ذلك، قال نائب المراقب العام لـ«الإخوان المسلمين»، زكي بني أرشيد، لـ«الأخبار»، إن «هذه الدعوات لا تستحق التعليق عليها، وهي تمثّل محاولة للاستقواء من قبل مجموعات الفشل، التي كان لها نفوذ سياسي وإعلامي».
ورأى أرشيد أن «أدوات النظام فرّغت شحنة غضبها، جراء ما تعرّض له الأردن من اتهامات سياسية وإعلامية غربية حول تواطئه في إطار العدوان على غزة، على مهرجان الإسلاميين».
النسور وضع حدّاً للجدل عندما أعلن أنه لن يتم حلّ جماعة «الإخوان المسلمين»

أما حزب «جبهة العمل الإسلامي»، فقد انتقد بدوره الهجوم على «الحركة الإسلامية»، مؤكداً أن «ما حدث في المهرجان تعبير سلمي عن تأييد المقاومة الفلسطينية». وبعد المد والجزر من قبل الإعلام والشخصيات الحكومية من جهة، ومن «الإخوان المسلمين» من جهة أخرى، نجح رئيس الوزراء عبدالله النسور في وضع حدّ للجدل، عندما أعلن أنه «لن يتم حلّ جماعة الإخوان المسلمين». وقال إن «الأردن لن يقوم ولا يفكر في حل الجماعة»، واصفاً مجرّد التفكير في حلّ الجماعة بـ«اليوم الحزين». لكن النسور انتقد الجماعة على ما سمّاه «تحاملها على مواقف المملكة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة».
وبعدما تم إيقاف الهجمة على «الإخوان»، جاءت ضربة أخرى لتكسر ظهر «الجماعة»، وهذه المرة من الداخل، بعد انتخاب مجلس الشورى في «جبهة العمل الإسلامي» محمد عواد الزيود، من تيار «الصقور المتشدد»، أميناً عاماً جديداً للحزب خلفاً لحمزة منصور، بعدما كان قد تمّ التوافق على سالم الفلاحات من تيار «الحمائم». وقُبيل ساعات من عقد اجتماع مجلس الشورى، فوجئ الفلاحات باتصال من قيادات «صقورية» تعلمه بالعدول عن ترشيحه وباستبداله بمرشح آخر هو عواد الزيود.
والتأم الاجتماع بحضور الفلاحات ومن معه من تيار الحمائم، وشهد شقّ الصف الإخواني. فعدم وجود التوافق وإقصاء الفلاحات، سيدفع باتجاه المزيد من التأزم وتجدّد الخلافات بين «الإخوان»، إضافة إلى الشرخ بين «الصقور» و«الحمائم».
وفي هذا الإطار، تعتزم مجموعة من قيادات الحركة المضي قدماً في اتخاذ إجراءات تنظيمية داخلية «ضاغطة»، في محاولة لإعادة الانتخابات، بحسب بعض المصادر.
وصرّح العضو في مجلس شورى العمل الإسلامي صالح الذنيبات لـ«الأخبار» بأن «هناك مساعي لمتابعة قضية انتخاب الأمين العام، بالطرق القانونية التنظيمية الداخلية».
وأضاف أن «هناك اجتماعاً قادماً سيحمل رؤية إصلاحية للإخوان، لكنها لن تكون انشقاقية، بل إعادة ترتيب للبيت الإخواني الأردني».