صنعاء | باشرت حركة «أنصار الله» (الحوثيون) في اليمن أمس تنفيذ خطوات «المرحلة التصعيدية الثالثة» التي وصفها زعيم الحركة عبد الملك الحوثي بـ«الأخيرة والحاسمة»، ضمن الخطوات التصعيدية المطالبة بإلغاء قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وإسقاط الحكومة، والبدء بتنفيذ مخرجات الحوار وبدأت أمس «المرحلة الثالثة» بمسيرة نظّمتها حركة «أنصار الله» انطلاقاً من ساحة التغيير في صنعاء، وتفرّقت إلى ثلاث مسيرات قامت بإغلاق طرق رئيسية ومهمة في العاصمة، استجابةً لدعوة عبد الملك الحوثي إلى العصيان المدني.
وأغلقت عناصر تابعة للحركة على متن سيارات شوارع رئيسية أبرزها شارع كلية الشرطة، وشارع القيادة، القريبان من كلية الشرطة ومن القيادة العليا للقوات المسلحة، وشارع الزراعة ومنطقة القاع، وشارع الإذاعة القريب من مبنى الحكومة اليمنية.
وعلى الأثر، انتشرت قوات مكافحة الشغب في عدد من الشوارع الرئيسية في صنعاء، وبالقرب من مقار حكومية مهمة، أبرزها مبنى الحكومة اليمنية الذي منعت القوات المتظاهرين من الوصول إليه. وتتزايد الخشية من انفجار الوضع بين الطرفين خلال الأيام المقبلة، خصوصاً مع استعداد الدولة والحركة لأي طارئ، وبعد تصريحات سابقة للحوثي قال فيها إنه لن يسكت على أي اعتداء على أنصاره.

«أنصار الله»: نتشرف بمواجهة التكفيريين في كل مكان

في هذا الوقت، تتواصل المواجهات بين الحوثيين ومسلحين قبليين في محافظة الجوف على الحدود مع السعودية، وفي طرق رئيسية جنوب العاصمة وشرقها، ما يرجّح محاولتهم السيطرة على هذه الطرق لقطع الإمدادات عن صنعاء، في حال استطاعوا الاستيلاء عليها.

استئناف المفاوضات في صعدة

وفيما تحدّثت مصادر إعلامية عن وصول أمين العاصمة عبد القادر هلال إلى محافظة صعدة للبدء بجولة مفاوضات جديدة مع الحوثي، بعد فشل لجنة الوساطة الرئاسية في مهمتها، وهو الأمر الذي لم يتم نفيه أو تأكيده رسمياً حتى الآن، تراوح المفاوضات السياسية مكانها، حيث أكد مسؤول رئاسي لوكالة الأنباء الصينية «شينخوا»، أمس، أن «المفاوضات بين اللجنة الرئاسية وقيادة الحركة توقّفت بشكل تام بين الطرفين، بعد إعلان زعيم جماعة الحوثي بدء الخطوة التصعيدية الثالثة». لكن عضواً في اللجنة الرئاسية المكلفة قال في حديثٍ مع «الأخبار» إن «المفاوضات لم تتوقف، لكن ليس هناك تقدم حتى الآن».

استمرار المواجهات

على صعيد آخر، تواصلت المواجهات بين الحوثيين والقبائل، خلال اليومين الماضيين، في محاولة للسيطرة على طرق رئيسية تربط بين صنعاء ومحافظات شرق البلاد ووسطها. وفي هذا الإطار، استمرت الاشتباكات في محافظة الجوف شمالي اليمن بين أنصار الجماعة ومقاتلي القبائل التابعين لحزب «التجمع اليمني للإصلاح» (إخوان مسلمون)، أدت إلى عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، في إطار محاولة الحركة السيطرة على مفرق الجوف الذي يتحكم في الطريق الرئيسي بين صنعاء من جهة ومحافظات الجوف (المحاذية للسعودية) ومأرب وحضرموت شرقي البلاد، من جهة أخرى.
وفي محافظة ذمار جنوب العاصمة، وقعت اشتباكات عنيفة بين مسلحين موالين للحركة وآخرين مناوئين لها في منطقة معبر، أدت إلى مقتل 4 أشخاص. ويرى البعض أن تلك المواجهات بداية لمحاولة «أنصار الله» السيطرة على طرق رئيسية لقطع الإمدادات عن العاصمة صنعاء، في حال حاولوا إسقاطها.

اعتصامات مسلحة

في الوقت نفسه، تستمر الاعتصامات المسلحة للحوثيين على ثلاثة من مداخل صنعاء. ويبدو أنها ستتواصل بالتزامن مع اعتصامات داخل العاصمة ومسيرات يومية تطالب بتنفيذ مطالب المرحلة التصعيدية للحركة. ويرى الحوثيون أن استمرار الاعتصامات هو ضمان لتنفيذ كل المطالب التي أعلنوها مع بداية التصعيد.
ويقول القيادي في المجلس السياسي لـ«أنصار الله» ضيف الله الشامي، الذي أكد أن المرحلة الحالية هي تصعيد ثوري من قبل الشعب اليمني، إن المفاوضات التي تجري حالياً هي «ألعوبة من ألاعيب السلطة ولم تعد تنطلي على أحد»، مؤكداً أن «هناك مطالب شعبية واضحة يجب الاستجابة لها».
وهاجم الشامي اللجنة الرئاسية المكلّفة بالتفاوض مع حركته، قائلاً إنها «لجنة حكومية بالدرجة الأولى عادت من صعدة لتكذب وتبالغ في الكذب بأشياء سخيفة ومضحكة»، مضيفاً أن من بين كذب هذه اللجنة هو ما نشرته عن طلب زعيم الحركة «بالتراجع عن قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية مقابل أن تقوم الحركة بتعويض العجز في الميزانية».
وأشار الشامي إلى أن السلطة الآن «في حالة تخبط»، مؤكداً أن «هناك خطوات تصعيدية في الميدان. والشعب يخطو بخطوات ثابتة ومدروسة ومزعجة جداً، فيما تصل إليه التعليمات عبر اللجان التنظيمية، فالشعب هو من يتحرك لكننا من ينظم».
ولفت القيادي في «أنصار الله» إلى أن «الخطوات التي تلي ستكون أكثر إزعاجاً»، معتبراً المواجهات المسلّحة التي تجري في محافظة الجوف «مواجهات بين العناصر التكفيرية ودواعش الإصلاح». وتابع الشامي «نحن واجهناهم في دماج وكتاف وحاشد ونواجههم في كل مكان، ونقف في مواجهتهم ونتشرف بهذه المواجهة».
بالتزامن، شهدت البلاد في الأيام الماضية تزايداً كبيراً في عدد المسافرين إلى الخارج، مقابل تناقص أعداد الداخلين، وتشهد رحلات الطيران ازدحاماً شديداً لعشرة أيام قادمة، نتيجةً للمخاوف التي تعززت لدى اليمنيين في مواجهات محتملة.