فيما أعلنت الحكومة السابقة في غزة، التابعة لحركة «حماس»، أنها ستصرف نصف راتب، بدءاً من اليوم، أكدت حكومة الوفاق الوطني في رام الله أن لا علم لها بهذه الخطوة وأنها لم تصرف أي شيء للقطاع بعد. مشكلة الرواتب صارت كالنار يلقي فيها السياسيون من كلا الطرفين (حماس وفتح) الحطب بتصريحات يومية عبر الإعلام.
باقي الفصائل الإسلامية والوطنية التي لم تنخرط في إطار الخلاف السياسي على السلطة بين «فتح» و«حماس» أعلنت أنها لن تقف على الحياد في حال استمرار هذا الخلاف «الذي يهدد النصر». ودعا القيادي في «الجهاد الإسلامي»، خالد البطش، إلى أن يتحول الحوار بين الحركتين المختلفتين إلى «لقاء وطني لوضع الترتيبات اللازمة لتفعيل حكومة الوفاق»، مضيفاً في تصريح صحافي: «على حكومة التوافق أن تقوم بدورها أو ترحل».
وكان وكيل وزارة المالية في حكومة غزة السابقة، يوسف الكيالي، قد أعلن أمس نية «المالية» صرف نصف راتب عبر مكاتب البريد والبنوك لموظفي غزة البالغ عددهم أكثر من 45 ألف موظف، «وذلك لكل موظف بحد أدنى 1000 شيقل (300 دولار) وسقف أعلى 4500 شيقل (1280 دولاراً)».

أبو مرزوق
دعا رئيس السلطة إلى الإسراع في توقيع اتفاقية روما

وقال الكيالي إن «هذا المبلغ تم توفيره من إحدى الدول العربية (دون أن يسميها) لتلبية الاحتياجات الطارئة للموظفين الذين لم يتلقوا رواتب منذ أشهر». في المقابل، أكد المتحدث باسم «المالية» في «التوافق»، عبد الرحمن بياتنة، أن الوزارة ليس لديها أي علم بخصوص صرف رواتب موظفي غزة عبر البريد. ورداً على ذلك، قال الناطق باسم «حماس»، سامي أبو زهري، إن تصريحات بياتنة «التي لمحت إلى أن مشكلة الرواتب بحاجة إلى قرار سياسي تمثل إقراراً صريحاً بأنه لا يوجد قرار سياسي لحل مشكلة الرواتب». وشدد أبو زهري، في تصريح صحافي، على أن «هذا التصريح يدل أيضاً على أنه لا علاقة لهذه القضية بأي جوانب فنية مرتبطة بالبنوك، كما زعمت حكومة رامي الحمدالله من قبل».
وارتباطاً بالأزمة، حذرت وزارة الصحة في غزة من تنفيذ شركات النظافة العاملة في المستشفيات تهديدها بالإضراب عن العمل، قائلة إنه في حال تنفيذ الإضراب، بسبب عدم تلقي العمال لديها رواتبهم منذ ستة أشهر، فإن النظام الصحي في قطاع غزة مهدد بالانهيار.
وعلق عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، موسى أبو مرزوق، على هذه الأزمة بدعوة حكومة الوفاق إلى «مباشرة عملها في غزة وتحمل مسؤولياتها من دون أي ذرائع أو تردد». كما دعا، خلال مؤتمر صحافي تلا اجتماعه بعدد من الفصائل في غزة، إلى فعل اللازم لانعقاد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير. وطالب أبو مرزوق، رئيس السلطة محمود عباس، بإصدار المراسيم الخاصة بتفعيل عمل المجلس التشريعي، بالإضافة إلى استكمال ملفات المصالحة «والإسراع في التوقيع على اتفاقية روما لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين».
بالتوازي مع هذه الدعوات، أكدت «حماس» أن أجهزة أمن السلطة في الضفة المحتلة اعتقلت أمس ستة من مناصريها، واستدعت آخرين من محافظات مختلفة. في هذا السياق، قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إنّها تسعى إلى «إنهاء حالة التوتر والتجاذبات السياسية بين فتح وحماس التي تنامت بينهما عقب انتهاء الحرب الأخيرة». وبيّنت الجبهة أنها تواصلت مع قادة في الحركتين من أجل عقد لقاء ثنائي بينهما.
على صعيد آخر، حذر سفير الاتحاد الأوروبي في إسرائيل، لارس أندرسون، من استئناف ما سماه «أعمال العنف» على خلفية الدمار الهائل الذي حل بالقطاع نتيجة العدوان الأخير. ودعا أندرسون، في تصريحات نقلتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، باسم الاتحاد الأوروبي إلى استئناف المفاوضات في القاهرة، قائلاً: «يجب التأكد من رفع الحصار على القطاع بموازاة ضمان أمن الإسرائيليين». في غضون هذه الدعوة، توقع أبو مرزوق أن تستأنف المفاوضات غير المباشرة الأسبوع المقبل، وذلك بالتزامن مع تحذير قادة في «حماس» من أنه في حال «تنصل الاحتلال من اتفاق التهدئة، فالمقاومة جاهزة لمعاودة القتال لشهور». وكان وزير الخارجية المصري قد أعلن، أول من أمس، أن مؤتمر المانحين الدوليين لتمويل إعادة إعمار غزة سيعقد في 12 تشرين الأول المقبل في القاهرة، وذلك مع تأكيده مع وزير خارجية النرويج أن «الأموال التي ستجمع بإشراف بلديهما ستسلم للرئيس محمود عباس فقط». وترافق ذلك مع اتصال شكري بنظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث جملة من القضايا الإقليمية، وفي مقدمها الأوضاع في غزة.
ميدانياً، شيع الآلاف الشهيد عيسى القطري في مخيم الأمعري في مدينة رام الله، وسط الضفة المحتلة، وكان قد استشهد فجر أمس بعد إطلاق جيش الاحتلال النار عليه خلال مواجهات أثناء اقتحامها المخيم واعتقالها أحد الشبان. كما استشهد أمس فلسطينيان متأثرين بجراحهما التي أصيبا بها خلال الحرب على غزة.