غزة | لم تحل الحرب الأخيرة على غزة شيئا من العقد في حبل المصالحة الفلسطينية، فلا اتفق الأفرقاء في حركتي «فتح» و«حماس» على مهمات «الوفاق» التي لم يبق لها سوى نصف عمرها المفترض (6 شهور)، ولا أخذت الحكومة دورها الحقيقي في خدمة المنكوبين من حرب غزة. المسيطر الآن هو الجدل بين الطرفين في ما يخص رواتب موظفي غزة وصلاحيات الوزراء مقابل وكلاء الوزارات الذين تصفهم مؤسسة الرئاسة بأنهم يقودون حكومة ظل، فضلا عن تعليق مهمة تهيئة الظروف للانتخابات الرئاسية والتشريعية مع المجلس الوطني تمهيدا لترتيب أوراق منظمة التحرير، التي لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر.
بهذه الحال يبدو سقف توقعات بقاء الحكومة بأدائها الحالي أقرب إلى الانهيار أكثر من الصمود لستة أشهر، وخصوصا أن حركة «حماس» لا ترجح الصمت كثيرا إزاء بقاء الأمور العالقة على حالها، ولا سيما أنها ترى أن الأداء الحكومي مرهون بيد الرئاسة. في المقابل، تتطلع «فتح» إلى العودة إلى غزة ضمن جولة جديدة من المباحثات لإنهاء الخلاف. هنا كشف عضو اللجنة المركزية لـ«فتح» جمال محيسن أن الأخيرة فوّضت خمسة أعضاء (عزام الأحمد وجبريل الرجوب وصخر بسيسو ومحمود العالول) وشخصية خامسة الذهاب إلى غزة، واستكمال مباحثات المصالحة، كما نقل عنه في تصريحات صحافية.

«حماس» ترفض
بقاء حالة الفراغ
الإداري في غزّة

وافتتح العام الدراسي الجديد في غزة، يوم أمس، على وقع التجاذب السياسي، إذ وجه وكيل وزارة التربية والتعليم في غزة زياد ثابت، دعوة إلى الوزيرة خولة الشخشير التي تتخذ من رام الله مقرا لها، وفيها ضرورة التواصل الفعال مع قيادة الوزارة في القطاع وإشراكها في صناعة القرارات المهمة. ويرى مراقبون أن هذه اللهجة تعكس حقيقة الأجواء المشحونة بين الحكومة التي يقودها الأكاديمي رامي الحمدالله والهياكل الإدارية لوزارات غزة المحسوبة على «حماس».
على ضوء الاشتباك القائم، قال المستشار السياسي السابق لرئيس الوزراء في حكومة «حماس» السابقة، يوسف رزقة، إن «غزة تعيش في الفراغ، وإن محمود عباس يريدها مهمشة». وأضاف لـ«الأخبار»: «لا أحد يستطيع أن يقدر بقاء الحكومة على هذا النحو إلا عباس الذي لا يسمح للوزراء في رام الله بالتواصل مع الهياكل الادارية في القطاع». وأكد رزقة أن «حماس» وحتى عامة الجمهور لا يمكن أن يقبلوا بقاء الأمور معلقة على هذا النحو «وخصوصا في القضايا المفصلية كالرواتب وتعطيل المجلس التشريعي وتأجيل الانتخابات وقضية تفعيل المنظمة».
وإن كان عذر «الوفاق» أن الحرب الأخيرة على غزة قد أعاقت عليها تنفيذ مهماتها، فإنها اليوم واقعة تحت المطالبة الشعبية في غزة بأن يكون لها دورها الفعال في قضايا إغاثية بجانب المهمات الرئيسية لها، لكن وزير الأشغال العامة والإسكان، مفيد الحساينة، يعزو تأخر دور حكومته إلى العدوان الإسرائيلي وآثاره. وبيّن الحساينة، في حديث مع «الأخبار»، أن آثار الحرب ألقت أعباء إضافية على الحكومة، وخاصة في ملف إعادة الإعمار، وهو ما يؤخر الحل في قضية الرواتب.
برغم ذلك، يؤكد أمين السر للمجلس الثوري لحركة «فتح»، أمين مقبول، أن هناك اتفاقا جرى في القاهرة، في وقت سابق، على ضرورة حسم ملف الرواتب في غضون أربعة أشهر. وقال لـ«الأخبار»: «لا يجوز أن نضع الرواتب عصا في دولاب المصالحة، ولا سيما أن اتفاق القاهرة ضمن بحث هذه القضية في غضون أشهر، لكن لا يمكن أن تعلق كل الأمور على شماعة الرواتب». ونفى مقبول مخاوف حركته من أن تعيد «حماس» إدارة القطاع مجددا على ضوء اتهامها الحكومة بالتقصير والتمييز، معربا عن تفاؤله في أن تثمر الجهود القريبة، وخاصة مع موافقة «حماس» على استقبال وفد «فتح».
أما رزقة فتساءل: «كم شهرا يمكن أن تصبر غزة على حالة الفراغ... لا بد من بحث عن حل خارج الإطار ويضمن عمل المؤسسات الرسمية على أكمل وجه وخاصة السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية»، واختتم بتأكيد أن حديثهم ليس موجها إلى حركة «فتح» بمجموعها، «بل إلى رئيس السلطة، الذي بيده كل صغيرة وكبيرة ويعلق الأمور ويحاول أن يبقي الانقسام قائما».