صنعاء | انسدّت آفاق الحلّ بين جماعة «أنصار الله» والرئاسة اليمنية، بعد تعثّر الجولة الثانية من المفاوضات التي بدأت قبل نحو خمسة أيام. وتعذر التوصّل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة المتفاقمة منذ نحو شهر. ولم تؤدّ مشاركة المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر، في تلك المفاوضات، بطلب من طرفي الأزمة، إلى أي مؤشر إيجابي يتجه نحو انفراج للأزمة التي انعكست آثارها على شتى نواحي حياة اليمنيين، فيما واصل الحوثيون تصعيدهم الميداني، وآخر فصول تحركهم في العاصمة، هو نصب خيمة خامسة على المدخل الغربي للعاصمة، ليحكموا بذلك سيطرتهم على مداخل صنعاء كافة.
وأعلن طرفا الأزمة تعليق المفاوضات، مساء الأحد، وتبادلا الاتهامات بخصوص أسباب توقّفها. حتى بنعمر، لم يسلم من اتهامه بالوقوف وراء تعثر المفاوضات. وأكد المتحدث الرسمي لجماعة «أنصار الله» محمد عبد السلام، أن الجماعة علّقت المشاورات مع الجهات الرسمية، وأنه كان هناك شبه توافق على توقيع مسودة الاتفاق الذي ينص على تلبية المطالب الشعبية وفق خريطة طريق واضحة. وأضاف عبد السلام أنه كان لدى بنعمر ومدير مكتب الرئاسة اليمنية وممثل الرئيس اليمني، أحمد عوض مبارك تصور آخر، وهو إعادة الأمور إلى «النقطة الصفر».
الحوثيون:
أصبحت الحكومة يداً قذرة يتحكّم بها الخارج لضرب الشعب

في مقابل تلك التصريحات، قال بنعمر إن مشاركته في المفاوضات جاءت بطلب من طرفي الأزمة للمساعدة في تسيير المباحثات. وأضاف في بيان أن المحادثات بين ممثلي الرئاسة والحوثيين متواصلة، وأنهم سيلتقون مجدداً خلال الفترة القريبة المقبلة من دون أن يحدّد موعداً محدداً لعودتها.
وفي إشارة واضحة إلى انسداد أفق المفاوضات، هاجم ممثل الحوثيين في هذه المفاوضات ومدير مكتب زعيم «أنصار الله» مهدي المشاط الحكومة اليمنية، قائلاً إن أي "حكومة رهاناتها على الخارج، هي بالتأكيد مفلسة أمام شعبها، وستولّد قناعة لدى هذا الشعب بأنه في مواجهةٍحقيقية مع الخارج". وأضاف المشاط: "هذه الحكومة لم تعد إﻻ يداً قذرة يتحكّم بها الخارج ويوجهها لضرب أبناء الشعب، حتى تخضعه إن استطاعت، لتهيّئ للإرادة الخارجية تحقيق مطامعه".
وفي أبرز ردّ فعل على تعثّر المفاوضات، أعلنت الأمانة العامة للتنظيم «الوحدوي الناصري»، قرار سحب ممثليها من الحكومة. وذكر موقع التنظيم أنه قرر سحب وزير الإدارة المحلية علي محمد اليزيدي ونائبه عبد الرقيب سيف فتح.
وكان التنظيم قد أمهل الرئاسة اليمنية من ثلاثة إلى خمسة أيام لتنفيذ جملة من النقاط تخرج البلاد من الأوضاع الخطيرة وتداعياتها والحؤول دون تفجيرها.
وفي سياق المبادرات الرسمية لوضع تصورات تتعلق بمساعي الخروج من الأزمة الراهنة، قدّمت اللجنة الرئيسية لمجلس الشورى اليمني الذي يعين أعضاءه الرئيس اليمني، مقترحات نصّت على ضرورة الإسراع بإعلان تشكيل الحكومة الجديدة، بناءًعلى المبادرة الرئاسية الأخيرة، على أن يتوافر في رئيس الحكومة المعايير الآتية: التخصص الاقتصادي والإداري، الاستقلالية، والكفاءة والنزاهة، وأن تكون مهمّة الحكومة القادمة معالجة الاختلالات الاقتصادية والأمنية القائمة، بما فيها إعادة النظر في أسعار المشتقات النفطية لتخفيف معاناة المواطنين.
وأوصت اللجنة بسرعة إنجاز مشروع الدستور الجديد للبلاد وإخضاعه للمناقشات العامة في الفعاليات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني، تمهيداً للاستفتاء عليه، ثم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عقب ذلك، طبقاً للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية.
ميدانياً، ما زال التصعيد هو سيّد الموقف، حيث تتواصل المواجهات المسلحة بين الحوثيين من جهة، وبين وحدات من الجيش مدعومة بمسلحين قبليين تابعين لحزب «التجمع اليمني للإصلاح» (إخوان مسلمون) في محافظة الجوف في معارك دامية سقط فيها المئات من الجانبين. ووصلت آثار تلك المعارك إلى صنعاء وباقي المدن التي تغرق في ظلام شبه تام منذ أكثر من أسبوع بسبب تضرر خطوط نقل الطاقة الكهربائية بعد تعرضها للقصف أكثر من مرة في منطقة مفرق الجوف خلال الأيام الماضية.
وبالتزامن مع تعثر المفاوضات، أعلنت «أنصار الله»، أمس، نصبها مخيماً خامساً لأنصارها في منطقة ظلاع همدان، على المنفذ الشمالي الغربي لصنعاء. وذكر بيان صادر عن الجماعة أن إنشاء هذا المخيّم يُعدّ إحدى خطوات التصعيد الثوري في مرحلته الثالثة والأخيرة. وبهذا المخيم يكون مسلّحو الجماعة قد أحكموا الخناق على العاصمة من جميع الجهات، وهي الخطوة التي أعلنوا البدء بها منذ نحو شهر.