غزة | وسط ضجيج المسافرين في صالة المغادرة على الجانب المصري من معبر رفح البري المفتوح جزئيا، استدعى ضابط الأمن المصري، الطالب الفلسطيني أحمد عبد الله، الذي كان ينتظر ختم جواز سفره على أحر من الجمر تمهيدا للانتقال إلى تركيا لإكمال دراسته العليا. وبعد حديث مقتضب، عاد عبد الله موسوما بالإحباط لأن ضابط الأمن أخبره بأنه ممنوع من السفر، لأنه يحمل «فيزا» إلى «بلد غير مرغوب فيه».
حاول الطالب، الذي وصل إلى الجانب المصري بصعوبة بعد أسابيع من المحاولة لحجز دور بين المسافرين، أن يعرف أسباب هذا القرار، لكن الضابط اختصر عليه الحديث بالقول إنها «تعليمات عليا». ويصف أنه وقف يضرب كفا بكف، وصار يقول: «لقد ضيعوا مستقبلي». وفق إفادة عناصر الأمن القائمين على المعبر من الطرف الفلسطيني لـ«الأخبار»، فإن هناك قرارا شبه رسمي مصري بتعطيل سفر المغادرين إلى تركيا وقطر على وجه الخصوص، فيما أشيع بين المسافرين عن منع الفلسطينيين من السفر أيضا إلى ليبيا، وماليزيا، وإيران، ولكن دون تأكيدات، لأن بعض حاملي التأشيرات إلى تلك الدول استطاعوا المغادرة. ونقل عناصر الأمن لـ«الأخبار» أنه من الواضح أن «دواعي الرفض سياسية ولا علاقة لها باعتبارات تتعلق بشخصية المسافرين أو خلفياتهم الأمنية لو وجدت». وتأتي هذه التعقيدات في وقت قالت فيه اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة إن مشاريع الإعمار التي تقودها الدوحة في القطاع متوقفة وأصيبت بالشلل جراء منع إدخال مواد البناء من معبر رفح كما كان منسقا لها في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي. وقال مدير المكتب الفني للجنة القطرية، أحمد أبو راس، في تصريح صحافي يوم أمس، إن «ما يقدر بأكثر من 190 مليون دولار للمشاريع القطرية في القطاع متوقفة عن العمل لرفض الجانب المصري السماح بإدخال المواد الخام». بعد مساعٍ حثيثة للوقوف على الرواية الرسمية الفلسطينية الخاصة بإدارة المعبر أو وزارة الداخلية في حكومة غزة السابقة، تواصلت «الأخبار» مع وكيل وزارة الإعلام في غزة، إيهاب الغصين، الذي نفى بدوره أن تكون وزارته قد أبلغت قرارا مصري رسميا يتعلق برفض سفر المواطنين إلى كل من تركيا أو قطر. رغم ذلك، قال الغصين: «التواصل جارٍ مع الجانب المصري، ونتمنى أن تكون هناك تسهيلات على المسافرين، لأن إرجاع الطلبة سيؤثر على مستقبلهم». وأكد أن الجانب الفلسطيني على المعبر لاحظ خلال الأيام الماضية إعادة عدد من حملة تلك التأشيرات، وحتى رفض السماح لهم بالمرور عبر «الترحيل» إلى مطار القاهرة تمهيدا للوصول إلى إسطنبول أو الدوحة، رافضا الربط بين إعاقة إدخال مواد الإعمار الخاصة بالمشاريع القطرية وإعادة المسافرين من حملة التأشيرات إلى الدوحة. وبينما طالب وكيل «الإعلام» بضرورة فتح معبر بصورة كاملة «للتسهيل على المواطنين المحاصرين»، عُلم من عدة مصادر أنه بعد سفر الحجاج (الأربعاء الماضي حتى أمس)، فإن اليوم (الإثنين) سيكون آخر يوم للعمل الجزئي على معبر رفح حتى إعادة فتحه بصورة رسمية عبر وجود الحرس الرئاسي التابع للسلطة الفلسطينية. وقالت تلك المصادر إنه جرى هناك التواصل مع القاهرة لفتح معبر رفح بصورة دائمة، «لكن السلطات المصرية أصرت على عودة الحرس الرئاسي». أيضا فهي لم تؤكد أنه لن يفتح المعبر بصورة جزئية خلال الأيام المقبلة، وتقول إن القاهرة أبلغتهم أن الوضع الأمني المضطرب في سيناء يمنع عبور الفلسطينيين، وخاصة في ساعات المساء الأولى، «لأن ذلك يمثل خطرا على حياتهم، لهذا اكتفينا خلال الأيام الماضية بمرور نحو 500 مسافر يوميا فقط». أما في غزة، فبعد ثلاثة أسابيع من سفر الفلسطينيين دون تسجيل مسبق لدى الدوائر الحكومية، أعلنت الهيئة العامة للمعابر والحدود، أمس، أنه سيفتح باب التسجيل للسفر اليوم، وسيكون في المرحلة الأولى مخصصا لأصحاب الإقامات المشرفة على الانتهاء والتحويلات المرضية العاجلة، ثم سيجري اتخاذ قرار بشأن سفر الطلاب.