يؤكد ضابط استخبارات اسرائيلي رفيع المستوى، في حديث نشرته صحيفة «معاريف» في سياق استعراض الوضع الامني المقدر للعام المقبل عشية رأس السنة العبرية، أن حفل «رفع الكؤوس» الاخير لهذا العام في مركز الاركان العامة في تل ابيب، شهد تداولاً للتقدير حول المنطقة، ووصفه الذي يحدد بأن «الزلزال وحالة اللايقين في الشرق الأوسط، سيميزان العام المقبل، وربما بحدة أكبر من العام الماضي».
وقال الضابط إن الانشغال في الفترة المقبلة سيتركز تحديداً على مركبات «التندر» والرشاشات المركبة عليها لتنظيم داعش في سوريا والعراق، لكن ايضاً بدأت تظهر «انابيب» يتسلل منها هذا التنظيم الى الأردن وسوريا، الأمر الذي يشكل تحدياً أيضاً لإسرائيل وللعالم برمته، و«إذا كان التحالف الدولي بدأ بالتبلور، لكن السؤال يبقى قائماً، ويرتبط تحديداً بالنتائج الممكن تحقيقها في وجه داعش، وكم ستكون العملية العسكرية جوهرية في مواجهته».
إسرائيل من جهتها، يؤكد الضابط، ستزود التحالف الدولي بالبنية التحتية الاستخبارية، لكن من غير المتوقع ان تعمل بنفسها، وعلى الاقل ليس بشكل علني، خاصة ان تهديد داعش لا يعنيها بصورة مباشرة. واضاف: «نزود الاميركيين بكل ما لدينا عن الإسلام الراديكالي، وقد جمعنا معلومات عن اهداف في سوريا وسننقلها اذا طلب منا ذلك، لكن هل هم جادون فعلاً».
التحدي الاساسي من ناحية اسرائيل، يتعلق بالحدود الشمالية، حيث تنشط منظمات ارهابية مختلفة، الا ان «القرار في اسرائيل يفيد بأننا لسنا طرفاً في الحرب السورية». وهذا ما أكده أيضاً ضابط رفيع في قيادة المنطقة الشمالية لـ»معاريف»، قائلاً ان «اسرائيل لن تخرق وقف اطلاق النار مع السوريين، ولا مصلحة لدينا في ان نستدرج الى حروب، لكننا نعد أنفسنا ليوم الأمر، وسنبذل كل ما في وسعنا لإبعاد هذا التحدي».
ويحددون في شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، أن ما يشهده الشرق الاوسط هو أشبه بـ«أسلمة»، او بعبارة اوضح من كلمتين «تصعيد وأسلمة»، وبحسب «أمان» فإن الخريطة السياسية للشرق الاوسط تتداعى، وباتت ارضاً خصبة لظواهر مثل داعش، وجراء ذلك فإن الكثير من دول المنطقة لا يتصرفون كدول، تماماً كما هي الحال في سوريا والعراق وليبيا واليمن.
وماذا عن لبنان؟ يضيف الضابط أن الاستخبارات العسكرية ترى أن الردع الإسرائيلي بدأ يتآكل في وجه حزب الله، وها هم عناصره يتجولون بلباسهم العسكري على الحدود الشمالية، وأحياناً بسلاحهم، بل نفّذ الحزب عمليات في مزارع شبعا والجولان، وأطلق صواريخ باتجاه الحرمون، الأمر الذي يشير الى رغبة حزب الله بالعودة الى اختبار اسرائيل، وربما أيضاً من خلال عمليات في الخارج، لكن مع كل ذلك، يؤكد الضابط انه «لا يوجد تقدير بمواجهة واسعة قريباً مع حزب الله».
وفي السياق نفسه، اشارت صحيفة «اسرائيل اليوم»، المقربة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الى ان التحدي الأساسي الذي تواجهه اسرائيل هو في الشمال، اذ ان «الجولان السوري يسقط بالتدريج بأيدي ما يسمى المعارضة السورية المسلحة، التي تركز حالياً قتالها ضد النظام، الا ان هذا الوضع قد يتغير».
وبحسب الصحيفة، فإن الجبهة الشمالية قابلة للانفجار في أي لحظة، إذ إن «القتال الدائر هناك، قد ينزلق الى اسرائيل، ومن الممكن ان يتدحرج ويؤدي الى انفجار»، مضيفة ان «التنظيمات التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا قد تقرر العمل ضد اسرائيل في نهاية المطاف، كذلك حزب الله يبدي علامات عصبية متزايدة على خلفية الهجمات التي شنت ضده في لبنان وتنسب الى اسرائيل، ومن شأن ذلك أن يأكل من قدرة الردع الاسرائيلي وان يضر بالهدوء القائم حالياً في الشمال».
الى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» ان المسؤولين الاميركيين اطلعوا نظراءهم في اسرائيل مسبقاً على الضربات الجوية الاميركية في سوريا، بما يشمل موعد تنفيذ الضربات وطبيعة الاهداف وأماكنها واسلوب تنفيذها ونوع الطائرات وجنسيتها ومسارها.
اضافت مصادر اسرائيلية رفيعة للصحيفة أن اتصالات التنسيق شملت المؤسستين السياسية والعسكرية في اسرائيل، ومن ضمن ما هدف اليه، هو منع اي فهم خاطئ لدى تل ابيب، خاصة ان مقاتلات من اسلحة جو تابعة لدول عربية، لا تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، شاركت في الهجمات، و«لقد ارادت واشنطن تجنب وضع تشخّص فيه إسرائيل من طريق الخطأ طائرات حربية تابعة لأسلحة جو عربية تحلق فوق سوريا على انها طائرات معادية موجودة في طريقها إلى مجالها الجوي».