غزة | بعد جولة من الحوار استغرق يومين، أعلنت حركتا «حماس» و«فتح» أنهما توصلتا مجدداً إلى «اتفاق شامل» يقضي بالتزام تنفيذ ما اتفق عليه وخاصة الشراكة السياسية بينهما. رغم ذلك، بدا أن الاتفاق لم يخلص سوى إلى تأكيد المؤكد بين الحركتين في الاتفاقات السابقة التي أبرمت في الدوحة والقاهرة، وأخيراً في مخيم الشاطئ في غزة.
وخلال المؤتمر المشترك لموسى أبو مرزوق، عن وفد «حماس»، وعزام الأحمد، عن وفد «فتح»، فإنهما تقاطعا في إعلان أن الاتفاق يشمل تفعيل «التوافق» ليبدأ تنفيذ عملية الإعمار مقابل السيطرة على المعابر وعودة عناصر أمن السلطة السابقين للعمل بالتدريج مع عناصر الأمن الحاليين، كما جرت الإشارة إلى ضرورة تسوية أوضاع الموظفين التابعين لحكومة غزة السابقة ولم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر.
ويمكن القول إن الجديد في الاتفاق هو تشكيل «لجنة عليا» من الفصيلين على أن تجري تسمية أعضائها خلال الأيام المقبلة، ومهمة هذه اللجنة الإشراف على التنفيذ الفوري للاتفاق الجديد. ويقول أبو مرزوق، وهو النائب الثاني لرئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إن حركته لا تمانع أن تتسلم الحكومة مفاصل العمل في غزة وخاصة المعابر، لكن من دون وجود للاحتلال أو الأوروبيين في رفح، «فيما سيعود الموظفون السابقون إلى العمل فيها مع موظفي حماس».
رأت الفصائل
الأخرى أن تطبيق البنود هو معيار نجاح الاتفاق الجديد

وأضاف في تصريح مقتضب لـ«الأخبار»، إن الوفدين اتفقا على تقديم التسهيلات لعمل حكومة التوافق في غزة والضفة المحتلة، معيداً التشديد على أن عملية إعادة إعمار القطاع ستبدأ الشهر المقبل «بعدما جرى الاتفاق على سرعة إنهاء الملفات المطلوبة لمؤتمر الإعمار المقرر في الثاني عشر من تشرين الأول، وذلك بالتعاون مع الأمم المتحدة».كذلك ذكر أبو مرزوق أنهم راجعوا القضايا السياسية المتعلقة بالانتخابات ومنظمة التحرير ولجنة الحريات، «على أن يبدأ عمل الأخيرة فوراً مع تسهيل مهماتها». ومن تلك القضايا العودة إلى التزام وثيقة الوفاق الوطني في التحرك السياسي «أو الجهود المؤدية إلى تحقيق الأهداف الوطنية»، في إشارة إلى التحركات السياسية للسلطة.
وسارع قيادي بارز في الحركة إلى التوضيح أن الاتفاق تضمن «تسوية أوضاع الموظفين المحسوبين على حكومة غزة السابقة، وتثبيتهم بصفتهم موظفين رسميين في السلطة، مع استمرار أداء عمل اللجنة الإدارية والقانونية لتسوية أوضاعهم»، مضيفاً: «شددنا مراراً على العمل على صرف سلف ورواتب لهم في المرحلة الجارية». وعن الملف الأمني، أكدّ القيادي أنه سيكون تابعاً للحكومة في غزة، «لأنها المعنية بواجبها في هذا الملف، «لذلك سيجري استيعاب 3000 جندي من أجهزة الأمن السابقة ليعملوا مع عناصر الأجهزة الحالية، وهم ليسوا بديلًاً منها».
على الطرف الآخر، قال عضو الوفد الفلسطيني المشارك عن «فتح»، صخر بسيسو، إن الاتفاق سيمهد لمرحلة جديدة مع «حماس»، بل «من شأنه أن يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية». وكشف بسيسو لـ«الأخبار» أنهم توافقوا على دعوة الكتل البرلمانية إلى الانعقاد بغرض الترتيب لإعادة عمل المجلس التشريعي في موعد أقصاه الخامس عشر من تشرين الثاني «من أجل التهيئة للانتخابات العامة».
أما عزام الأحمد، فركز على أن الوفدين اتفقا على «دعم التحرك الذي تنفذه السلطة واستكمال انضمام فلسطين إلى المؤسسات الدولية والتوقيع على ميثاق روما الدولي». ولفت، خلال المؤتمر، إلى أن الاتفاق من شأنه «خلق ظروف إيجابية تساهم في إنجاح مؤتمر المانحين لإعادة إعمار غزة، والفلسطينيون يتطلعون إلى مساعدة أشقائنا العرب خاصة».
الفصائل الفلسطينية استقبلت بدورها الإعلان عن الاتفاق بالترحيب، لكنه كان مشوباً بالحذر، وشرح قياديون، في تصريحات لـ«الأخبار»، أن المعيار الأساسي يكمن في صدق النية وتطبيق ما تم الاتفاق عليه. مسؤول العلاقات الخارجية في «الجهاد الإسلامي»، خالد البطش، رحب بالاتفاق الجديد الذي أتى «في ظل المنعطف الخطير التي تمر به القضية الفلسطينية»، لكنه أكد أن معيار النجاح يكمن في تطبيق هذا الاتفاق.
وشدد البطش، المشارك في وفد المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال، على سرعة العمل على إعمار غزة وفتح المعابر «لأنها أولويات تمس حاجة الناس». وشاركته الرأي عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، خالدة جرار، داعية إلى الجدية في التطبيق.
ونشرت وكالات الأنباء لاحقاً نسخة عن تفاصيل الاتفاق الذي أكد ضمن تسعة بنود «تمكين الوزراء من مواصلة عملهم في كل المحافظات»، كما شمل التنبيه «إنصاف جميع الموظفين المعينين قبل وبعد ١٤/٦/٢٠٠٧ وفق الأنظمة والقوانين التي تنظم عملهم وتوصيات اللجنة المتخصصة». وطلب من لجنة المصالحة المجتمعية العودة إلى العمل.