صورة حرب نظيفة يريد «الأستاذ» الأميركي أن نراها. ضربات دقيقة يختارها «البنتاغون» بتقنياته العالية. صور المباني الفارغة ما قبل الضربة وبعدها. قصفنا مراكز «قيادة وتحكّم» يقولون. قيادة وتحكّم! علينا هنا أن نتخيّل مثلاً أوجه الشبه بين «داعش» وقيادة كوريا الشمالية وذلك عبر صور منتقاة لأبنية تدمّر بـ«عناية». يعملون كل مرة على تمرير السردية ذاتها عن ضرب مجموعة كانت تخطط لشن هجمات في الغرب. اليوم يحفل الإعلام الغربي بإجابات عن سؤال «كيف خُدع الشعب الأميركي؟».
من كيفية التعاطي مع ذبح الصحافي الأميركي جيمس فولي إلى «ظهور» تنظيم «خراسان». باراك أوباما يبغي إقناعنا بأنّه يستطيع لعب دور المربّي والشرطي في آن. يظنّ أنّ صفة البراغماتية الملتصقة بسياسة بلاده الخارحية تسمح له بالاعتراف: «أخطأنا ولم نقدّر خطر داعش سابقاًً». يريد منا تصديق أنه سيدحر خطر «داعش» وأنّه «يجفف منابع الإرهاب» عبر ضرب صوامع الحبوب وحقول النفط والغاز. غداً في الرقة وريف حلب وريف دير الزور، عندما يفقد المواطن هناك الكهرباء والطحين والبنزين يحقد على «داعش». هي النظرية المتبعة منذ أيام حصار كوبا وإيران والعراق: عاقب الشعب لكي يعاقب حكّامه. ليس هناك أي مؤشر لصدقية هذا «التحالف». لا يريد سوى احتواء وتأنيب الوحش الذي خرج عن طوره. لن ينهي تنظيماً فيه آلاف المقاتلين ولا يحب تقديم الهدايا للنظام السوري. هذه الضربات لا تحيلنا سوى إلى التفكير في المستقبل القريب. مستقبل شعب منهك دون بنية تحتية. من يحدّد الضربات المقبلة؟ من يحسم أنّ في هذا المبنى إرهابيين؟ وهل مقدار الكذب الذي اكتنف بداية الحملة هو مؤشّر على أكاذيب قادمة، ستكون أخبث وأكثر جسامة؟
يريد الأميركي أن يقول لنا بصفاقة: ها أنا في أجوائكم... أختار الهدف الذي أريد... أضرب متى أريد. لقد خططت جيداً. أنا أدير لعبة الدم، وعلى الشاشة أرفع نخب مكافحة الإرهاب.