ضربات «قوات التحالف» ضدّ تنظيمي «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة» في الأراضي السورية تدخل اليوم أسبوعها الثاني. عشرات الغارات الجوية والضربات الصاروخية استهدفت حتى الآن مناطق في الرقة، دير الزور، الحسكة، حلب وإدلب. وفيما أكدت الولايات المتحدة، «رأس التحالف»، على لسان عدد من مسؤوليها، أن «الضربات كانت ناجحة»، التزم تنظيم «الدولة الإسلامية» الصمتَ، ولم يصدر عنه أيّ تعليق «رسمي».

بينما أقرت «جبهة النصرة» بأن استهداف مقارها أوقع خسارة كبيرة في صفوفها، ستترك أثراً «على الساحة برمتها لا على الجبهة فحسب»، وفقاً لزعيمها أبو محمد الجولاني. وفي واقع الأمر، فإن جردة للأهداف التي استهدفتها الغارات حتى الآن، ستُبيّن أن الضربات التي طالت مقار «النصرة» في ريفي حلب وإدلب أول أيام الغارات هي الضربات الأوضح أثراً، على المدى القصير. بينما تتصف الضربات التي تستمر قوات «التحالف» في توجيهها ضد مناطق نفوذ «الدولة الإسلامية» ببعد «استراتيجي»، قد لا تقتصر آثاره على التنظيم فحسب.
الاستهداف في اليومين الأولين اقتصر على بعض مقار التنظيم، ومعسكراته، لكنه امتدّ لاحقاً ليشمل آبار ومصافي نفط، ثم حقل غاز، وصوامع حبوب، الأمر الذي رأت بعض التقارير أنه يهدف إلى «تجفيف المصادر المالية للتنظيم»، فيما حذّرت مصادر أخرى من أنّ هذا الاستهداف يرمي إلى «استهداف البنى التحتية وضرب بنية الاقتصاد السوري». اللافت في هذا السياق، أن مصدراً سوريّاً محسوباً على «الفصائل المعتدلة» أكّد لـ«الأخبار» أنّ «الغارات الأخيرة تسير في الطريق الصحيح لإسقاط داعش، والنظام في الوقت نفسه». المصدر قال إنه «في سبيل إسقاط الطرفين لا بدّ من بعض التضحيات. ضرب آبار النفط وحقول الغاز ليس سوى البداية، ويجب أن يُتبع باستهداف خطوط النفط والغاز ومحطات الكهرباء التي تُغذي مناطق النظام». المصدر أكّد أيضاً أن «هذه الإجراءات ستُنفذ في وقت أقرب من المتوقع، حتى وإن تعيّن على الثوار أن يفعلوا ذلك بأنفسهم»، كما لفت إلى أن «حرب الإمدادات (نفط، غاز، كهرباء) يمكن أن تشكل بديلاً مقبولاً من الحظر الجوي». في غضون ذلك، كان المدنيون أول من دفع ثمن استهداف حقول النفط السوري، إذ ارتفعت على الفور أسعار المحروقات بشكل كبير. ومن شأن استمرار هذا الاستهداف أن يتسبب بمزيد من المآسي في تلك المناطق، مع الأخذ بالاعتبار أن فصل الشتاء بات على الأبواب.
ولم يبدُ حتى الآن أنّ سطوة «الدولة» قد تخلخلت في مناطق سيطرته، إذ استمرّ التنظيم في إحكام قبضته على تلك المناطق. وعلى سبيل المثال، فقد نفّذ أخيراً حملة مداهمات واعتقالات في عدد من مناطق ريف دير الزور الشرقي، طاولت عدداً من أبناء عشيرة الشعيطات، ممن نزحوا في وقت سابق إلى هناك. كذلك واصل التنظيم هجماته ضد المناطق الكردية في ريف حلب، في ظل تأكيد مصادره أنه «قاب قوسين من تحريرها بإذن الله ودحر القوات الكردية الكافرة»، وفقاً لما يقوله أحد «ميدانيي الدولة» لـ«الأخبار». المصدر يؤكد أنّ «كل الأنباء التي تروجها وسائل الإعلام الصليبية والحليفة لها بخصوص أعداد شهداء الدولة كاذبة. إنهم يواصلون الكذب منذ الغزو الصليبي للعراق كما أوضح الشيخ العدناني (الناطق الرسمي باسم التنظيم)». ويشير المصدر إلى أنه غير مخوّل بالإدلاء بأية معلومات حول العدد الحقيقي لضحايا التنظيم، لكنه يؤكد أنّ «خليّتنا فرغت اليوم (أمس) من إعداد تقرير أمني عن وضع المنطقة (الواقعة في ريف الرقة الشمالي)، وعدوان الصليبيين لم يُحدث تأثيراً كبيراً». بدوره، يؤكد مصدر «جهادي» محسوب على «جبهة النصرة» أنّ «الغارات لا تُميّز بين مدني ومجاهد. لقد بات واضحاً للجميع أن التحالف الكافر يستهدف جميع المسلمين. وما استهدافهم للمجاهدين إلا وسيلة لتسهيل استيلاء أذنابهم من الكتائب العميلة على المناطق المحررة، بعدَ التخلص من المجاهدين». المصدر قال لـ«الأخبار» إنّ «عدد الشهداء الذين سقطوا حتى الآن في مناطق سيطرة الجبهة ناهز على مئة وخمسين شهيداً»، رافضاً في الوقت نفسه التفصيل في الأرقام: «نحنُ لا نُميز بين مجاهد ومدني، الكل هنا مجاهدون، ونحسبهم جميعاً شهداء عند ربهم».