استغل رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، منصة الأمم المتحدة لإعادة تصويب بوصلة الاهتمام الدولي نحو طهران، محذراً من أن الانتصار على «داعش» مع بقاء إيران دولة «حافة نووية» سيشكل خسارة للحرب. وعمد أيضاً إلى الترويج للمفهوم الإسرائيلي القائم على الدمج بين قوى المقاومة في المنطقة و«الإرهاب» الذي تمثله «داعش»، مشدداً على ضرورة اقتلاع «الإسلام المتطرف» قبل فوات الأوان.
نتنياهو ردّ على مواقف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بتحميله المسؤولية عن الصواريخ التي أطلقتها «حماس» من قطاع غزة. مع ذلك، فهو رأى في المشهد الإقليمي أرضية لفرصة تتمثل في التنسيق بين إسرائيل وعدد من الدول العربية على قاعدة مواجهة إيران وقوى المقاومة، إضافة إلى «إرهاب داعش»، مشدداً على أن «هناك شرق أوسط جديداً ينطوي على أخطار جديدة، وأيضاً على فرص جديدة».
وضمن محاولة تقديم إيران على أن خطرها يتجاوز إسرائيل ليشمل العالم، رأى رئيس وزراء العدو أن «النظام الإسلامي» في الجمهورية هو «الأخطر على العالم»، وكرر اتهامه طهران بأنها تسعى إلى إنتاج أسلحة نووية، الأمر الذي «سيجعلها تشكل الخطر الأكبر علينا جميعاً». وفي سياق الجهد الاستثنائي الذي تبذله إسرائيل من أجل توحيد النظرة إلى إيران و«الإرهاب الذي تمثله داعش»، خاطب نتنياهو العالم والحضور بالقول: «إذا كنتم لا تسمحون لداعش بتخصيب اليورانيوم أو تطوير صواريخ عابرة للقارات، فلا تسمحوا لإيران بفعل ذلك»، مشدداً على أن «هزيمة داعش مع بقاء إيران دولة حافة نووية سيشكل انتصاراً في المعركة، ولكن خسارة للحرب».
ولتأكيد ضرورة تصويب الأنظار نحو إيران، لفت نتنياهو إلى أن «مواجهة مقاتلين إسلاميين مسلحين بكلاشنكوف شيء، ومواجهة مقاتلين يمتلكون أسلحة دمار شامل شيء آخر»، كما رأى أن كل الابتسامات ستختفي في اللحظة التي تنتج فيها إيران سلاحاً نووياً، متهماً الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بأنه «ذرف دموع التماسيح» عندما تحدث عن مواجهة «الإرهاب»، لأن «الجمهورية الإسلامية تمارس الإرهاب المنهجي». كذلك رأى أنه كان على روحاني أن يسأل قائد الحرس الثوري لبلاده عن النشاطات التي يمارسها لدعم «تنظيمات إرهابية في عدد من الدول»، في إشارة إلى قوى المقاومة في لبنان وفلسطين.
على خلفية الاتهامات والصورة التي عمد إلى تقديمها عن إيران وأهدافها، فإنه شدد على ضرورة ألا ترفع العقوبات عن إيران، مؤكداً أن سياسة الأخيرة لم تتغير. ودعا في الوقت نفسه قادة الدول إلى ألا ينخدعوا بتصريحات زعماء إيران «المعسولة» لأن «هدفها الرئيسي هو رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها كي تتمكن من الحصول على قنبلة نووية».
أيضاً، قدم نتنياهو نفسه على أن مهمته تتمثل في كشف الأكاذيب التي ألقيت من على منصة الأمم المتحدة ضد إسرائيل. واستناداً إلى ذلك، أكد أن «الإسلام المتطرف لا يرحم أحداً، ولا أي دين ولا أي مجموعة إثنية»، وحذر من أن «الإسلام المتطرف مثل السرطان إذا لم تتم معالجته واقتلاعه سينمو، لذلك علينا فعل هذا قبل أن يصبح الوقت متأخراً».
وبالانتقال إلى حركة «حماس»، أكد نتنياهو أن الهدف الفوري لها هو إزالة إسرائيل، «لكن يوجد لها هدف أوسع مثل حزب الله وبوكو حرام وجبهة النصرة والقاعدة، مشدداً على أن «حماس وداعش فرعان للشجرة السامة نفسها». ورأى أن السؤال الآن: «هل سينجح الإسلام المتطرف في تحقيق طموحاته؟». كما لم يجد ما يمنعه من أن يدّعي، من على منصة الأمم المتحدة، أن «رجال إسرائيل يصلّون للسلام»، محذراً من أن «آمالنا وآمال العالم في خطر، لأن الإسلام المتطرف يتقدم في كل مكان ننظر إليه. وحذر في الوقت عينه من أن «الإسلام المتطرف يريد أن يحكم كل العالم»، مع تأكيده أنه لا فرق بين ما يمثله «داعش» وإيران وقوى المقاومة في المنطقة.
أما عن تبرير الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين في غزة، فلجأ نتنياهو إلى الأسلوب الدعائي نفسه الذي اتبعه في محطات سابقة. ومن المنصة عينها، عرض نتنياهو على الحضور صورة تظهر منصة إطلاق صواريخ لـ«حماس» قرب أطفال يلعبون في غزة، وأكد أن هذه هي «جرائم الحرب الحقيقية التي تحدث عنها محمود عباس في كلمته»، وأضاف: «الجرائم ارتكبت على أيدي شركاء عباس في حكومة التوافق، لذلك فهي المسؤولة عنها».
وبرغم سقوط آلاف المدنيين من القتلى والجرحى في غزة، وصف نتنياهو جنود الجيش الإسرائيلي بأنهم «الأكثر أخلاقية من أي جيش في العالم». كما وجه الاتهام إلى إيران بالقول إن «حماس» أطلقت آلاف الصواريخ خلال 50 يوماً «وغالبيتها وصلت من إيران»، متجاهلاً المقارنة بين مقتل أربعة مدنيين إسرائيليين طوال الحرب وآلاف القتلى والجرحى من المدنيين الفلسطينيين.
مع ذلك، ادعى نتنياهو أن إسرائيل في الوقت الذي تواجه فيه خطر الأنفاق، فهي تواجه «حرباً دعائية». وكما هي العادة، كرر اتهام «حماس» بأنها تستخدم المدنيين كدروع بشرية في محاولة للقول إنها مسؤولة عن قتل الجيش الإسرائيلي لهم. وبرغم الأعداد الكبيرة للإصابات في صفوف المدنيين، ادعى نتنياهو أن إسرائيل فعلت كل شيء من أجل تقليص إصابة مدنيين. «لكن حماس فعلت كل شيء من أجل إصابتهم»!.
بعد كل التحديات التي أوردها نتنياهو، استدرك بالقول إن هناك «فرصة تاريخية» تتمثل في إدراك بعض الدول العربية المهمة «وجود مصالح مشتركة مع إسرائيل، ومخاطر مشتركة تتمثل كإيران والإسلام المتطرف». ورأى أن «التحدي هو تحويل هذه الفرصة إلى تعاون يؤدي إلى ازدهار الشرق الأوسط».
وبدلاً من أن يكون الاتفاق مع الفلسطينيين هو الطريق إلى التعاون مع هذه الدول العربية، قلب نتنياهو المعادلة بالقول: «هذه الشراكة يمكن أن تقود إلى السلام بين إسرائيل والفلسطينيين»، أي أن على هذه الدول أن تدفع الثمن لإسرائيل، وبعدها يمكن الرهان على تحقيق «السلام المنشود». ضمن السياق نفسه، رأى أخيراً أنه من أجل تحقيق السلام «علينا النظر ليس فقط إلى رام الله والقدس، بل إلى القاهرة وأبو ظبي والرياض وغيرها».