عدن | منذ سقوط صنعاء بأيدي «أنصار الله»، شهدت الساحة السياسية في جنوب اليمن تحركاتٍ مكثفة، حيث علت أصوات مطالبةً بتكرار تجربة الحوثيين، عبر سيطرة «الحراك الجنوبي» على المحافظات الجنوبية. وارتفعت دعواتٌ، في الفترة الأخيرة، إلى تشكيل كتائب مسلّحة في الجنوب، ترمي إلى إسقاط تلك المناطق وإلى إدارتها وحمايتها من خطر مسلحي «القاعدة» الذين ينتشرون في بعضها.

وبدأت قيادات الحراك، منذ سقوط صنعاء، بعقد لقاءات مكثفة من أجل الخروج بحامل سياسي موحد (تحالف)، حيث عقدت في محافظة عدن لقاءات طوال الأسبوع الفائت، من أجل إعلان «مجلس إنقاذ جنوبي» تكون مهمته إدارة المرحلة المقبلة بالتنسيق مع «المجلس العسكري» الذي تمّ تشكيله في عدن.
وبالنسبة لمهمة المجلس، فقد قال أحد مؤسسيه، العميد محمد صالح طماح، إن مهماته في المرحلة المقبلة «إسقاط المديريات والمحافظات الجنوبية وإدارتها وفرض أمر واقع».
وأضاف طماح إن الجنوب «أصبح محرّراً بعد سقوط قوى النفوذ في صنعاء»، ولم يبقَ إلا أن تتوحد قيادات الحراك وأن يتم التعاون والتكاتف مع المجلس العسكري لإدارة الجنوب.
وكشف طماح عن مشاورات يقوم بها عدد من قيادات «الحراك الجنوبي» للدعوة إلى مليونية واعتصام مفتوح في عدن، خلال الشهر الجاري، مشيراً إلى أن لقاء بهذا الشأن وترتيبات أخرى ستجري مع قيادات في الحراك.
تعيش المحافظات الجنوبية هدوءاً نسبياً منذ سقوط صنعاء بأيدي «أنصار الله» (أ ف ب)

وعلى الصعيد نفسه، يواصل القيادي في «الحراك الجنوبي» ورئيس مؤتمر «شعب الجنوب» محمد علي أحمد مشاوراته لتأسيس «مجلس إنقاذ جنوبي»، ومحاولة جمع مكوّنات «الحراك الجنوبي» والخروج بكيانٍ سياسي، يمثّل الحراك غير المشارك في مؤتمر «الحوار الوطني».
مصادر مطلعة في «الحراك الجنوبي» كشفت لـ«الأخبار» أن مشاورات جدّية تجرى على أكثر من صعيد، بهدف إعادة تقسيم اليمن إلى إقليمين شمالي وجنوبي، بدلاًً من 6 أقاليم.
وقالت المصادر إن قيادات جنوبية في الخارج تقوم بتحركات بالتنسيق مع بعض الدول الراعية للعملية الانتقالية في اليمن لإيجاد صيغة بديلة لما خرج به مؤتمر «الحوار الوطني» الذي نصّ على تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم، 2 في الجنوب و4 في الشمال. وفي مؤشر على توجه دولي تجاه قضية الجنوب، بدأت وفود دبلوماسية غربية بالوصول إلى محافظة عدن، منها لقاء المسؤول السياسي في السفارة البريطانية في صنعاء بعدد من القيادات والجنوبية، الثلاثاء الفائت، حيث قال المسؤول البريطاني إنه مرسل من قبل سفيرة بلاده للتشاور مع قيادات وناشطي الحراك والسماع منهم مباشرةً في شأن نظرتهم للأمور بعد سقوط صنعاء.
وتحدّث الدبلوماسي البريطاني عن تحرّك تجاه الجنوب وقضيته، وقال إن المشكلة التي يعاني منها الجنوب هي عدم وجود حامل موحّد يمثله الجنوب. ناشطون ردّوا على الدبلوماسي في اللقاء الذي جمعهم في عدن، قائلين إن بالإمكان تجاوز مشكلة عدم وجود كيان سياسي جنوبي موحد، من خلال تبني بريطانيا أو الدول الإقليمية مبادرة تهدف إلى جمع المعارضة الجنوبية، ينجم عنها ممثل وحيد للقضية الجنوبية في الداخل والخارج.
وعلى الصعيد الأمني، تعيش المحافظات الجنوبية هدوءاً نسبياً منذ سقوط صنعاء بأيدي «أنصار الله»، حيث لم تشهد أي من مدنها تحركات أو أعمال نهب أو سيطرة على المرافق الحكومية كتلك التي شهدتها العاصمة.
إلى ذلك، ساد ارتياح كبير في الجنوب بعد سقوط الجنرال علي محسن الأحمر والفرقة الأولى مدرع، حيث يعد الأحمر أحد أهم القيادات العسكرية التي اجتاحت الجنوب في حرب صيف 1994. وهو متهم من قبل قيادات الحراك بوقوفه خلف استدعاء الآلاف من المقاتلين اليمنيين والأجانب (الأفغان العرب) للقتال ضد الجنوب في حرب 1994. كذلك، يتهمونه بنهب مساحات واسعة من الأراضي في عدن.
وعبّر الناشط محمد اليافعي عن ذلك بقوله إن علي محسن الأحمر «يُعتبر أحد رموز احتلال الجنوب آنذاك»، مضيفاً إن الأحمر عُرف بنهب المساحات الواسعة في عدن وأصبح يملك أكبر المزارع في محافظة أبين وقام بنهبها والاستيلاء عليها بعد اجتياح الجنوب. كذلك، توقع اليافعي أن يخفّ نشاط «القاعدة» في الجنوب بعد سقوط الأحمر «لكونه أحد الداعمين للإرهاب في الجنوب».