نشرت وكالة «رويترز» تحقيقاً عن واقع تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» في مدينة المكلا الساحلية جنوبي اليمن، أكدت فيه أن ازدهار التنظيم المتطرف في هذا البلد وفسح المجال أمامه لإنشاء «إمبراطورية اقتصادية»، هو إحدى «النتائج غير المقصودة» للتدخل العسكري الذي تقوده السعودية هناك. وقارن التحقيق الذي نُشر في الثامن من نيسان الجاري، بين مدينة الرقة السورية التي يتخذها تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) عاصمة له، وبين المكلا التي يقطنها مليون نسمة، وجعلها «القاعدة» عاصمة له.
ويشير إلى أن الحملة التي تدعمها الولايات المتحدة، ساعدت تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» على أن يصبح أقوى من أي وقت منذ ظهوره أول مرة، منذ نحو 20 عاماً.
ويحكم الآن التنظيم المتطرف دويلة على مرأى ومسمع الجميع، وبمخزونات مالية تقدّر بنحو 100 مليون دولار، جاءت من نهب ودائع مصرفية وعائدات إدارة ثالث أكبر موانئ البلاد. ويقدّر مسؤولون في حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي ومتعاملون محليون، بحسب التحقيق، أن «القاعدة» ــ بالإضافة إلى استيلائه على ودائع مصرفية ــ حصل على نحو 1.4 مليون دولار من شركة النفط الوطنية، وهو يجني ما يصل إلى مليوني دولار يومياً من الرسوم على السلع وشحنات الوقود التي تدخل الميناء. ووصف أكثر من عشرة دبلوماسيين ومسؤولي الأمن اليمنيين وشيوخ القبائل والسكان في المكلا، أدلوا بشهاداتهم في التحقيق، هذا الواقع بـ«الإمبراطورية الاقتصادية».
وأبلغت مصادر قبلية وسكان ودبلوماسيون «رويترز»، أن مقاتلي التنظيم الذين سيطروا على ميناءي المكلا والشحر في حضرموت، في نيسان الماضي، بدأوا في فرض رسوم وجمارك على حركة الملاحة والتجارة. وقال أحد السكان إن «الجماعة (التنظيم) تمرّ بفترة ثراء فاحش ورغد غير مسبوق».
في سياق متصل، نقلت «رويترز» عن مسؤول أميركي في «مجال مكافحة الإرهاب» إن «القاعدة في جزيرة العرب» ما زال واحداً من «أقوى فروع» التنظيم الدولي. وقال المسؤول إن «خبرة الجماعة في تصنيع القنابل وطموحاتها القائمة منذ فترة طويلة في تنفيذ هجمات باستخدام تكتيكات جديدة أو معقدة تبرز التهديد القائم». بدوره، قال مسؤول بارز في حكومة هادي، إن «الحرب على الحوثيين أتاحت مناخاً مواتياً لتوسع القاعدة».
ومن جهة أخرى، يتابع التحقيق: «الخطر يكمن في أن التنظيم الذي نسق الهجوم على مجلة شارلي إيبدو في باريس العام الماضي، وحاول مراراً إسقاط طائرات ركاب أميركية، قد يقنع تدريجاً السكان المحليين بأيديولوجيته المتشددة». فعلى سبيل المثال، قال أحد سكان المكلا: «أتمنى أن تبقى القاعدة هنا... لا أن تُحرَّر المكلا»، معللاً ذلك بكون «الوضع مستقراً أكثر منه في أي جزء حر من اليمن»، وبأن «بديل القاعدة أسوأ بكثير».
(الأخبار)