القاهرة | يبدو أن الجدال الذي أثير زمن الانتخابات الرئاسية المصرية التي جرت في 2012 وحكي فيه عن قضية تزوير، سيظل في الواجهة خلال المرحلة المقبلة، وليس ذلك مرتبطا بنتائج التحقيق القانونية التي لم تظهر بعد، بل لأنها متعلقة بنتائج الانتخابات التي أتت بمحمد مرسي رئيسا لعام، فيما غريمه الذي كان هو نفسه في جولة الإعادة، الفريق أحمد شفيق، موجود في الإمارات هرباً من ملاحقة قضائية.
تفاصيل القضية معقدة، فالفارق في الفوز بين الرئيس والوصيف لم يتخط حاجز 2% من إجمالي الأصوات، وهو ما دفع شفيق إلى تقديم طعون وبلاغات إلى النيابة العامة واللجنة العليا للانتخابات للتحقيق في عمليات فرز الأصوات ورصد انتهاكات شابت الانتخابات. لكن اللجنة التي عُقدت بعد عامين من النتيجة رفضت في حزيران الماضي الطعن، مؤكدة صحة فوز مرسي بالرئاسة بعدما "راجعت الطعون التي استند إليها المحامي عن شفيق"، ويدعى شوقي السيد"، كما أكدت اللجنة أن ما ورد لم يكن له تأثير على النتيجة النهائية لجولة الإعادة التي يعطي القانون الحق في أن يكون الصوت الواحد فيها فيصلاً في الفوز بالمنصب.
أما النيابة العامة، فأحالت التحقيق في بلاغات شفيق على قاضي تحقيق، ومع اعتذار ثلاثة قضاة عن استكمال التحقيقات لاستشعار الحرج، تولى القضية المستشار عادل إدريس، وهو قاضي التحقيق المنتدب من رئيس محكمة استئناف القاهرة، لكن طول مدة التحقيق وتغيير رئيس محكمة الاستئناف خلقا أزمة، وخاصة مع سحب القضية بقرار من رئيس المحكمة ورفض إدريس تنفيذ القرار.
بعد ذلك، دخلت القضية نفقا جديدا في التحقيقات، وخاصة مع إصدار عدة قرارات بحظر النشر فيها باستثناء مدد محدودة كان يسمح فيها بنشر ما جرى في تفاصيلها، ثم جاء إعلان صحيفة "المصري اليوم" اعتزامها نشر تحقيقات جديدة في القضية، وسرعان ما أصدر النائب العام، هشام بركات، بيانا رسميا يحظر فيه نشر أي معلومات عن القضية في أي من وسائل الإعلام.
وبرغم أنه لا آثار قانونية ستترتب على التشكيك في نتائج الانتخابات التي طوى المصريين صفحتها في "30 يونيو"، فإن الأثر المعنوي الذي يرتكز عليه شفيق كبير للغاية، ولا سيما أن الحديث عن أحقيته في تولي الرئاسة سيكون رافعة لعودته مرة أخرى إلى مصر، بل تولي رئاسة الحكومة في حال فوز حزب الحركة الوطنية والأحزاب المتحالفة معه بالأغلبية في البرلمان الذي يعطيهم القانون الحق في تأليف الحكومة.
في القضية نفسها لم تضم التحقيقات أي معلومات جديدة يمكن أن تغير مسارها، لكن مضمونها يوزع المسؤولية في عملية تسويد البطاقات بين المطابع الحكومية ومطابع وزارة الداخلية التي طبعت أوراق الاقتراع وسوّدت عددا منها لمصلحة المرشحين مرسي وشفيق، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى ترتبط بحدوث مخالفات في لجان الاقتراع داخل المحافظات.
وعن قرار حظر النشر، يقول رئيس نادي قضاة أسيوط السابق، المستشار رفعت السيد، إن إصدار النائب العام هذا القرار في إحدى القضايا المنظورة أمامه، أو أي من الجهات القضائية، هو حق أصيل كفله القانون"، ولا يتعارض مع حرية الإعلام، لكنه مرتبط بطبيعة وظروف القضية وملابساتها، وخاصة قضايا الرأي العام التي يمكن أن يكون اقتطاع جزء منها سببا في إثارة بلبلة".
وأضاف السيد، لـ"الأخبار"، أن من تبعات الحظر إمكانية محاسبة مخترقيه في حال تمسك أي وسيلة بقرار نشر المحاضر، مؤكداً أن هذه الواقعة ليست الأولى، "بل حدثت في عدة قضايا، منها مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم التي أدين فيها السياسي هشام طلعت مصطفى".