الجزائر | في سابقة هي الأولى في تاريخ الجزائر، يتمسك عناصر في الشرطة بمطلب رحيل المدير العام للأمن الجزائري، اللواء عبد الغني هامل، وهم لا يزالون يواصلون الإضراب والاحتجاج أمام مقر رئاسة الجمهورية رغم الاستجابة لأغلب مطالبهم، الأمر الذي يفتح أبواب التساؤل عن حقيقة تحرك جهاز الشرطة.

على هذا النحو، سارعت السلطات الجزائرية، بقيادة الوزير الأول عبد الملك سلال، إلى الاجتماع بممثلين عن الشرطة المحتجين، وذلك بعد ثلاثة أيام من الإضراب عبر مختلف مناطق البلاد، وخاصة بعد أن انتقل الاحتجاج من منطقة غرداية جنوبي البلاد إلى العاصمة، وتحديداً مقر مكتب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.
ورغم الاستجابة لأغلب مطالب رجال الأمن المقدّر عددها بـ21 مطلباً، فإن الإضراب متواصل، ما دفع السلطات الأمنية العليا إلى الاستنجاد بالجيش والأمن الرئاسي لتطويق مقر الرئاسة، وتوسيع دائرة المراقبة والحراسة على مختلف المداخل المؤدية إلى الموقع.
وأفادت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» بأن تمسك الشرطة بضرورة رحيل هامل يؤكد أن التحرك لم يكن عفوياً، بل يكشف عما يحصل وراء الأسوار الداخلية لمقر الرئاسة "في معركة البحث عن خليفة بوتفليقة، وخاصة أن اللواء هامل يحسب على فريق الرئيس الذي يقوده شقيقه السعيد، كما جرى تداول اسمه من قبل لخلافة الرئيس". المصادر نفسها أوضحت أن هناك جهات حركت الشرطة لـ«إحراق صورة هامل» وقطع الطريق أمام الداعين إلى إعداده للمنصب.
وفي اجتماع عبد الملك سلال وممثلي الشرطة المحتجين، شدد الأول بصريح العبارة على أن قرار الإقالة يتخذه رئيس الجمهورية، "ولا أحد غيره"، لكن النتيجة كانت تصلّب الطرفين واستمرار الاحتجاج مع رفع السلطات درجة الاستنفار.
أما قوى المعارضة، فرأت أن تحرك جهاز الشرطة أمر في غاية الخطورة "ويكشف عن الفراغ الذي أحدثه غياب الرئيس". وحذرت حركة "مجتمع السلم"، وهي أكبر حزب إسلامي معارض، من الانزلاق نحو المجهول، معتبرة أن استمرار الاحتجاج دليل على "الفشل الذريع والعجز الكبير".
«الأخبار» استوضحت الموقف من الضابط السابق في الجيش، أحمد عظيمي، فقال إن تمسك الشرطة بمطلب رحيل المدير العام لا يمكن اعتباره مؤامرة، "لأنه لا توجد أدلة يقينية، لكن هذا لا ينفي الاحتمال، وخاصة أن هناك من تحدث عن طموح عبد الغني هامل السياسي إلى الوصول إلى رئاسة الجمهورية". وقدر عظيمي أن المدير العام للأمن الجزائري انتهى سياسياً وأحرقت ورقته، "لكن السؤال كيف تمكن رجال الشرطة من التحرك في مختلف الجهات في الوقت نفسه، لأن مثل هذه الخطوة غير ممكنة من دون علم الأجهزة الأمنية الأخرى كالاستخبارات وحتى الشخصيات العليا".