القاهرة | «لا يسمح بتلقي أي أسئلة للرئيسين خلال المؤتمر الصحافي»، هكذا وجهت رئاسة الجمهورية المصرية الدعوة للصحافيين لحضور المؤتمر الذي عقد في مقر قصر القبة صباح أمس، في ختام مفاوضات الرئيسين والتي استمرت على مدار يومين في القاهرة، في أول زيارة للرئيس السوداني للقاهرة منذ نحو 20 شهراً، ليقتصر المؤتمر الصحافي على بيان من الرئيسين، دون أي تعقيب من الحضور.
وحرصت رئاسة الجمهورية المصرية على إبعاد جميع المسؤولين السودانيين المرافقين للبشير عن وسائل الإعلام، باستثناء وزير الري الذي أجرى مقابلات تلفزيونية حول «سد النهضة» وموقف مصر والسودان الموحد للحفاظ على حقوقهما التاريخية في مياه النيل، بينما رفضت الرئاسة المصرية حضور أي صحافي للقاءات الثنائية بين المسؤولين المصريين ونظرائهم السودانيين خوفاً من إثارة قضية حلايب وشلاتين.
الأزمة الليبية استحوذت على جانب من مناقشات الرئيسين

الرئاسة المصرية ردت بحفاوة استقبال، مبالغ فيها، على تصريحات البشير السلبية التي جاءت قبل أيام من وصوله إلى مصر وتأكيده تبعية حلايب وشلاتين للخرطوم، فاستقبله الرئيس المصري في المطار واستعرضا حرس الشرف، قبل أن يصطحبه السيسي إلى غرفة نادراً ما تشهد اجتماعات للرئيس المصري مع الرؤساء لتكون مقر انعقاد اللقاء المغلق.
اللافت في الغرفة الموجودة في قصر القبة ضمن أكثر من 20 غرفة مجهزة هو وجود خريطة واضحة للحدود المصرية في خلفية الرئيسين تبرز عليها تبعية حلايب وشلاتين للجمهورية المصرية، وهي الصورة التي استخدمتها وسائل الإعلام المصرية للرد على تصريحات البشير، بينما تجنب المسؤولون المصريون التطرق إلى أي مناقشات خاصة بالقضية.
الترحيب المبالغ فيه كان أيضاً باستقبال البشير في قصر القبة الرئاسي وإقامته فيه وهو نفس المكان الذي يقيم فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي وأسرته، بينما لا يستضيف في الغالب رؤساء وملوك الدول خلال زيارتهم لمصر.
خبير الشؤون الأفريقية في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور هاني رسلان، اعتبر أن الزيارة تأتي «ضمن محاولات البلدين لتجاوز التوتر في العلاقات والذي أعقب سقوط نظام جماعة الإخوان المسلمين والذي ارتبط بالنظام السوداني بشكل وثيق»، مشيراً إلى «وجود رغبة مشتركة لتجاوز الخلافات والبحث عن نقاط التعاون وحل القضايا المشتركة العالقة بين البلدين».
وأضاف رسلان إن «وجود أزمة سد النهضة ومتغيرات كثيرة على الساحة الدولية، بالإضافة إلى الأزمة الليبية، فرضت قضايا لا بد من أن يكون بها مواقف مشتركة وهو ما حدث بالفعل»، مؤكداً أن «الزيارة لم يكن من المنتظر الإعلان خلالها عن اتفاقيات كبرى أو إنجازات غير مسبوقة وهو ما حدث بالفعل».
عموماً، لمح البشير إلى قضية الخلاف المثار إعلامياً من قبل الخرطوم حول تبعية حلايب وشلاتين في تصريحاته الرسمية خلال اليوم الأول للزيارة، إذ أكد أن «الشعوب أصبحت تعيش على دين إعلامها وليس رؤسائها كما كانت في السابق»، منتقداً بشكل غير مباشر التناول الإعلامي للملف الذي يرى خبراء أن إثارته مرتبطة بصراعات سودانية سياسية داخلية تتفهمها القاهرة ولا ترغب في الدخول بها كطرف، وخاصة مع اقتصار الأمر على التصريحات الإعلامية فحسب.
أجندة الرئيسين المصري والسوداني كان رأس ملفاتها أزمة «سد النهضة» والدراسات التي سيتم إجراؤها عن طريق أحد بيوت الخبرة البريطانية، إضافة إلى تعزيز حجم التعاون المشترك بين البلدين في مجال التجارة وخاصة مع افتتاح المعبر البري بين البلدين وتجهيزات مصر لإطلاق شبكة طرق برية تربط بين القاهرة وعاصمة جنوب أفريقيا كيب تاون، ما ينعش حركة التبادل التجاري بين الدول الأفريقية.
وأعلن الرئيسان في المؤتمر الصحافي رفع مستوى اللجنة المشتركة بينهما من وزارية الى رئاسية لدعم العلاقات وتعزيز التعاون بين البلدين. وأوضح السيسي أن الفترة الحالية تشهد توحد "الإرادة السياسية والشعبية في البلدين لتحقيق طفرة نوعية غير مسبوقة في علاقتهما الثنائية، ولا سيما في المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية". من جهته، قال البشير "اتفقنا على إزالة كل العوائق التي تمنع التواصل وتبادل المنافع بين البلدين ويكفي دليل حرصنا على ترفيع اللجنة الوزارية الى لجنة رئاسية". وأوضح البشير أن "هذه اللجنة ستجتمع مرة في الخرطوم والقاهرة لمتابعة ما تتفق عليه أجهزة الدولة في مختلف المجالات". وشدد البشير على أن "هناك إرادة سياسية متوفرة للانطلاق بهذه العلاقة" بين مصر والسودان.
الأزمة الليبية وانتشار العناصر المسلحة في مواجهة الحكومة المنتخبة استحوذت على جانب من مناقشات الرئيسين، حيث جرى التأكيد على ضرورة مساعدة الحكومة الليبية في التصدي للإرهاب، بينما تطرق البشير إلى أهمية الدعم المصري من خلال المشروعات التي تتم دراسة تنفيذها، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها السودان، وهو ما رحب به السيسي ووجه وزير الاستثمار اشرف سليمان إلى دراسة جدوى المشروعات الاقتصادية وفرص تشغيل الشباب المصري فيها.
لقاءات البشير في مصر لم تقتصر على الرئيس السيسي، بل امتدت أيضاً لتشمل لقاءات مع رئيس «لجنة الخمسين» عمرو موسى، ورئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين السابقين، منهم رئيس «حزب الوفد» السيد البدوي ورئيس «المجلس القومي لحقوق الإنسان» محمد فائق.
اللقاءات تطرقت إلى ضرورة إنشاء تجمعات تجارية مشتركة على الحدود، بالإضافة إلى إنعاش حجم التبادل التجاري، فضلاً عن ضرورة تكثيف الزيارات بين مسؤولي البلدين، وهو ما دفع البشير الى توجيه دعوة لهم لزيارة الخرطوم قريباً.
وكان البشير قد التقى أيضاً بمجموعة من رجال الأعمال المصريين المستثمرين في السودان. وبحسب المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، فإن حجم الاستثمارات المصرية في السودان يبلغ ملياري جنيه، وهناك خطط لزيادتها الى 11 مليار جنيه (دولار واحد يساوي سبعة جنيهات).
يذكر أن الرئيس المصري قام بزيارة خاطفة للخرطوم في شهر حزيران الماضي، التقى خلالها البشير.




سيناء: مقتل 7 جنود في هجوم

قتل سبعة جنود مصريين، على الأقل، وأصيب أربعة، أمس، في اعتداء بقنبلة استهدف مدرعة جنوب مدينة العريش في شمال سيناء، بحسب ما قال مصدر أمني.
وأوضح المصدر أن "عبوة ناسفة موضوعة على جانب أحد الطرق بحي المساعيد، جنوب مدينة العريش، انفجرت لدى مرور مدرعة للجيش، ما أدى الى مقتل 7 جنود وإصابة 4 آخرين". وأضاف إن "مدرعات للقوات المسلحة كانت تمشط خط الغاز الطبيعي بقرية البيل جنوب مدينة العريش عندما انفجرت العبوة الناسفة في إحداها، ما ادى الى تفحمها تماماً".
وهذا هو الهجوم الثاني في شمال سيناء في غضون ثلاثة أيام. وكان شرطيان قد قتلا يوم الخميس الماضي في هجوم بقنابل على سيارتهما في العريش. وقتل اثنان من قوات الأمن المصرية يوم السبت وفقد اثنان آخران في ما قيل إنه كان ناتجاً من "انهيار نفق للتهريب بين شمال سيناء وقطاع غزة أثناء قيام فريق أمني بوضع متفجرات لتدميره".
وخلال أيلول الماضي، قتل 17 شرطياً في هجومين في شمال سيناء تبناهما تنظيم "أنصار بيت المقدس" الإسلامي المتطرف وهو الأكثر نشاطاً في هذه المنطقة.
(أ ف ب)