كركوك | سعى تنظيم «داعش» منذ ظهوره وانتهاجه سياسة مسك الأرض، إلى السيطرة على منابع النفط والثروات في سوريا وامتد في مطامعه نحو العراق، من خلال سيطرته على بعض الحقول النفطية في محافظتي نينوى وكركوك واصراره على اقتحام مصفاة بيجي، التي تعد من كبريات مصافي الشرق الأوسط. واعتمد التنظيم في سعيه لبسط سيطرته على بعض المدن العراقية، أساليب عسكرية خبيثة من خلال مشاغلة القطعات العسكرية في مدينة معينة وإجبار القوات الأمنية على زيادة عدد عناصرها فيها، في الوقت الذي يحشد فيه التنظيم عناصره لمهاجمة واقتحام مدينة أخرى بعيدة عن الأنظار تعد ذات قيمة أكبر لديه.
وتجسدت تلك السياسة من خلال فتح جبهة الأنبار على مصراعيها خلال الأيام القليلة الماضية باقتحام التنظيم لمدينة هيت ومحاصرة حديثة الاستراتيجية والبغدادي وعامرية الفلوجة، والهجوم الواسع الذي يشنه على الرمادي عاصمة الأنبار.
لكن في ذات الوقت كشفت مصادر خاصة بـ «الأخبار» عن حشد التنظيم لقوات كبيرة حول مدينة كركوك شمالي العراق (240 كم شمال العاصمة بغداد) ومن ثلاثة محاور.
شهود عيان من المدينة تمكنت «الأخبار» من الاتصال بهم، أكدوا أنهم «شاهدوا تحشيدات كبيرة يقوم بها عناصر داعش في منطقة الحويجة (50 كم جنوب غرب كركوك) حيث وصل المدينة المئات من المقاتلين الأجانب وكميات كبيرة من الأعتدة والأسلحة الثقيلة والعجلات».

وكان «داعش» قد سيطر على مدينة الحويجة في العاشر من حزيران الماضي بعد انسحاب ما يقارب أربعة ألوية تابعة للفرقة الثانية عشرة من الجيش العراقي منها والمكلفة حمايتها، وهي تعد من أكبر أقضية كركوك وتتميز بطبيعتها القبلية ذات الأغلبية «السنية».
وإلى الجنوب من كركوك، وفي قضاء «داقوق» بالتحديد، أكد شهود عيان أن «داعش» بدأ بتجهيز عدته وتحشيد عناصره لهجوم محتمل على كركوك.
سيطر «داعش» على معظم حقول النفط في كركوك عدا حقول باباكركر

وفي محور المدينة الشرقي، قضاء «الدبس»، فقد رصد شهود عيان من أهالي المنطقة تجمعات كبيرة لـ «داعش» بالقرب من القضاء، ينظمون صفوفهم وتأتيهم امدادات كبيرة من الموصل.
الخبير العسكري، علاء الجحيشي أكد في حديث لـ «الأخبار» أن «المراقب لتحركات «داعش» على نحو جيد سيتمكن من استقراء خطواته التالية، بعدما بات يستخدم سياسة الإلهاء ولفت أنظار القوات الأمنية نحو هدف معين، في الوقت الذي يسعى فيه التنظيم لإحداث مفاجأة كبيرة لتلك القوات، لكن في مكان آخر».
وأضاف الجحيشي «هذا ما يفعله التنظيم الآن في كركوك، التي تمكن فيها من إحداث زخم للعمليات في كل من الرمادي عاصمة الأنبار وناحية «قره تبه» شرقي ديالى، في الوقت الذي يحشد فيه قواته على تخوم كركوك من ثلاثة محاور فاعلة ومهمة جداً».
كركوك كانت تحت سيطرة الحكومة الاتحادية حتى هاجم «داعش» بعض الأقضية والنواحي التابعة لها وانسحاب الفرقة 12 التابعة للجيش الاتحادي، وهي الآن تقبع تحت سيطرة قوات البشمركة التابعة لحكومة إقليم كردستان.
أهمية السيطرة على كركوك بالنسبة إلى تنظيم «داعش» تعود إلى ما تحتويه المدينة من موارد نفطية مهمة. فالمدينة، تضم ستة حقول نفطية رئيسية، هي (باباكركر الذي يحتوي على 433 بئراً نفطية، القيارة بـ 91 بئراً، عجيل بـ 91 بئراً، خباز بـ 36 بئراً، باي حسن بـ 196 بئراً، وجمبور بـ 25 بئراً).
وسيطر «داعش» حتى الآن على غالبية حقول النفط في كركوك، عدا حقول باباكركر التي تعد من أكبر حقول المدينة، حتى إنه بدأ باستخراج النفط من حقول «عجيل» وبيعه للمافيات الدولية العاملة في هذا المجال.
ويقول الخبير النفطي، مصعب الكعبي لـ «الأخبار» إن «كركوك تعد من أهم المدن العراقية في مناطق الشمال لما تتمتع به من ثروات طبيعية ولا سيما النفط والغاز، وقد يصل الانتاج فيها إلى 400 ألف برميل يومياً وقد تزداد خلال الأشهر القليلة المقبلة لـ750 ألف برميل يومياً».
وشدد الكعبي على أن «سيطرة تنظيم «داعش» على مدينة زاخرة بالنفط سيمنحه تمويلا غير منقطع النظير، وقد يمكّنه من الحصول على ملايين الدولارات من تلك الحقول خلال مدة لا تتجاوز الشهر».
وتأتي هذه التحذيرات بالتزامن مع بيان لمجلس محافظة كركوك، أكد فيه سيطرة القوات الأمنية على المدينة واستعدادها العالي لحمايتها من ايّ هجمات.