بنغازي | تشهد مدينة بنغازي الواقعة في شمالي شرقي ليبيا أحداثاً أمنية غير مسبوقة، انعكست سلباً على حياة الناس وأوضاعهم الصحية والاقتصادية.الاشتباكات التي جرت على أطراف المدينة وفي بعض الأحياء، والتي شكلت امتداداً لدعوات أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى لسان بعض القادة المنضوين تحت قيادة اللواء خليفة حفتر، منعت السكان من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، منذ الخامس عشر من تشرين الأول الحالي.

فقد زادت حدّة هذه الاشتباكات بين القوات التابعة لحفتر وكتيبتي 21 و204 في المدينة من جهة، والقوات التابعة لـ«مجلس شورى ثوار بنغازي» من جهة أخرى، واستجاب بعض المواطنين في الأحياء للدعوات التي أطلقت من قادة «عملية الكرامة»، حيث بدأ البعض بإغلاق الطرقات الرئيسية وإقامة حواجز أمنية، يعمل عليها مواطنون مدنيون وآخرون يحملون السلاح.
وتعتبر هذه الاشتباكات الأعنف منذ انطلاق «عملية الكرامة» في أيار الماضي. فقد شلّت الحركة في مدينة بنغازي، وأصبح التواصل بين مناطق المدينة صعباً بسبب هذه الحواجز، ما يدفع الناس إلى عبور مسافات طويلة للوصول إلى الأماكن التي يقصدونها.
وأدت هذه الاشتباكات في أطراف المدينة إلى مقتل 73 شخصاً ونزوح عدد من السكان إلى داخل بنغازي أو خارجها، هرباً من النيران والقصف.
وفي ظل هذه التطورات، يعتبر القطاع الصحي الأكثر تضرراً نظراً إلى أنه أصبح من الصعب على العاملين في المستشفيات أن يصلوا إلى مكان عملهم.
وفي هذا السياق، تحدث أحد الأطباء في مستشفى «الهواري»، ثاني أكبر المستشفيات في المدينة، عن عزوف العاملين خوفاً عن الحضور على حياتهم. وقال إن عدد المصابين كبير في المسشفى، مؤكداً سقوط بعض القذائف، من دون وقوع أضرار بشرية.
وأشار الطبيب إلى أن المرضى أنفسهم يجدون أحياناً صعوبة في الوصول إلى المستشفى، موضحاً أنه لا توجد جهة تعمل على تأمينه. وإذ لفت إلى أنه لا يوجد نقص عام في الأدوية، إلا أنه أشار إلى أنهم قد يواجهون صعوبات في حال طلب أدوية أو تحاليل من خارج المستشفى.
وفي الإطار ذاته، منع بعض الأهالي بناتهم العاملات في المستشفيات من الذهاب إلى عملهنّ، بسبب الوضع الأمني، الأمر الذي يؤثر بشدة في القطاع الصحي، خصوصاً أن نسبة النساء العاملات فيه كبيرة نوعاً ما.
من جهته، أكد المكتب الإعلامي في «الهلال الأحمر» في بنغازي، أن عناصره يحاولون توفير المساعدات وانتشال الجثث، موضحاً أن غرفة عمليات تابعة له تعمل على مدار الساعة بالتنسيق مع طرفي النزاع. وأشار المصدر ذاته إلى نقص في الإمكانات بسبب عدم وجود مكتب للجنة الدولية للهلال والصليب الأحمر، لافتاً إلى أن ذلك يؤخر وصول مساعداتها الخاصة في فترات الحرب.
إضافة إلى ذلك، فقد بدأ أصحاب محال المواد الغذائية يتحدثون عن ارتفاع أسعار البضائع، بسبب الأوضاع الأمنية وصعوبة إحضار البضائع ونفاد بعضها الآخر.
ومع ذلك، تبقى الأوضاع الأمنية في المدينة غير واضحة، في ظل تنقل الاشتباكات من مكان إلى آخر، إضافة إلى عدم وجود أخبار دقيقة يمكن أن يستند إليها المواطن العادي في المدينة، نظراً لكثرة الإشاعات وعدم وجود صحافيين على الأرض قرب مناطق الاشتباك والأحداث.
في سياق آخر (الأناضول، أ ف ب، رويترز)، وفيما أصدرت الحكومة الليبية المؤقتة التي يرأسها عبد الله الثني بياناً أعلنت فيه أنها أمرت الجيش بالتقدم باتجاه العاصمة طرابلس وتحريرها من مجموعات «فجر ليبيا» المسلّحة، أفيد عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة 23 آخرين في تجدّد المعارك في مدينة أوباري (جنوبي ليبيا) بين قبائل التبو والطوارق، بعدما توقفت إثر اتفاق لوقف إطلاق النار في أيلول الماضي.
وذكرت حكومة الثني، في بيان، أن قوات الجيش تحت إمرة رئاسة الأركان ستدخل مدينة طرابلس لتحرير مرافق ومنشآت الدولة التي سيطرت عليها هذه المجموعات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة.
ودعت الحكومة الليبية المؤقتة من وصفتهم شباب أحياء مدينة طرابلس إلى «الالتحام» مع هذه القوات والمساهمة في تحرير أنفسهم ومناطقهم من هذه الفئة الباغية، بحسب وصف البيان الحكومي.
وفي موازاة ذلك، قال مدير الشؤون الطبية في مستشفى «مرزق» (جنوبي ليبيا) محمد علي، في وقت متأخر من مساء الاثنين، إن سبعة قتلى و23 جريحاً من قبيلة التبو وصلوا إلى المستشفى العام إثر اشتباكات مسلّحة مع الطوارق.
وأضاف علي أن «هناك نقصاً شديداً في الأطقم الطبية في المستشفى» وأن «الأدوية نفدت»، مشيراً إلى أن «أغلب الإصابات كسور ناتجة من إطلاق أعيرة نارية، وأغلب الوفيات فارقت الحياة في الطريق بين أوباري ومرزق لعدم وجود مسعفين».
وأوضحت الوكالة أن المعارك بقيت محتدمة في مدينة أوباري، حتى وقت متأخر من مساء الاثنين، وسط «انقطاع كامل للاتصالات والتيار الكهربائي في أجزاء واسعة منها».
ونسبت الوكالة إلى شهود عيان قولهم إن مسلحين من الطوارق أقدموا على حرق عدد من منازل التبو في أوباري.
وطالب مدير «الهلال الأحمر» الليبي في أوباري، أمود العربي، طرفي الصراع بـ«وقف إطلاق النار فوراً، وتوفير ممر آمن للأسر العالقة»، وناشد جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية «تقديم إغاثة طبية وغذائية عاجلة للمواطنين».
وقال العربي إن الوضع الحالي في أوباري «كارثي»، مؤكداً أن «استمرار الاقتتال لمدة 48 ساعة أخرى سيحول أوباري إلى مدينة منكوبة».
بدوره، تحدث آمر العمليات في القوة الثالثة في الجيش محمد الظراط عن مجموعات وصفها بالمسلحة، من تبو تشاد، «تم استجلابها كمرتزقة في الجنوب»، وقال إنها «تقوم بزعزعة الأمن في جنوبي ليبيا».