بنغازي | لا يزال الغموض يكتنف الأوضاع الأمنية في مدينة بنغازي، شمال شرق ليبيا، منذ اندلاع أعنف المواجهات المسلّحة في الخامس من الشهر الجاري، وقيل إنها الأكثر شدة منذ إطلاق اللواء خليفة حفتر «عملية الكرامة».وفي الوقت الذي نشرت فيه مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن أن "الجيش الوطني" طالب بإخلاء بعض المناطق في بنغازي، نفى المتحدث باسم رئاسة الأركان العامة، أحمد المسماري، ذلك، وقال: «لم تصدر أوامر رسمية بإخلاء مناطق جديدة» في المدينة.

وأضاف المسماري إن «إخلاء بعض المناطق مطروح على الطاولة، لكن لم تصدر أي تعليمات بذلك حتى (الآن)»، مطالباً المواطنين بمنع المسلّحين من استخدام بيوتهم أو أسطحها للرماية.
في موازاة ذلك، ورغم ما تحاول قوات حفتر الإيحاء به، فإنها لم تحقّق تقدماً ميدانياً حقيقياً منذ بداية الأحداث الأخيرة، فقد أُطلقت بعض تسجيلات الفيديو التي تبيّن سيطرة قوات «كتيبة 204»، التابعة للواء، على مقر «كتيبة 17 فبراير» غربي بنغازي، لكن هذه التسجيلات دحضتها أخرى تظهر مسلّحين تابعين لـ«مجلس شورى الثوار»، الذي يضم «أنصار الشريعة»، عند مقر الكتيبة وداخل جامعة بنغازي المجاورة لها.
وفي الأيام الماضية، انتشرت صور تؤكد دخول بعض قوات الجيش إلى منطقة حي السلام شرقي بنغازي، كما نُشرت صور أخرى لبعض قادة «عملية الكرامة» داخل الأحياء السكنية، ولكنّ تلك القوات تمركزت شرقي المدينة حيث تجرى اشتباكات في منطقة الصابري.
وبلغت حصيلة الاشتباكات في بنغازي 124 قتيلاً منذ منتصف تشرين الأول، وأدت الأحداث إلى نزوح عدد من أهالي بعض المناطق التي تقع على أطرافها. ويجد المواطنون أحياناً بعض الجثث في مناطق متفرّقة، فيبلغون «الهلال الأحمر» عنها ليتسلمها وينقلها إلى «مركز بنغازي الطبي» أكبر المستشفيات في المدينة.
ووقعت أعمال عنف متفرقة في المدينة، ومنها اقتحام عدد من البيوت وإحراق بعض المواطنين لها. وأكد شهود عيان أنه استخرجت بعض الأسلحة من هذه البيوت، وهُدمت منازل أخرى أيضاً بحجة انتماء أصحابها إلى «أنصار الشريعة» أو «مجلس شورى ثوار بنغازي».
في ظل هذه الأوضاع، فإن المستشفيات تعاني من قلّة العاملين والأطباء، وإن العاملين فيها لا يستطيعون الوصول إليها، فيما يعاني بعضها الآخر من نقص المواد الطبية.
أما الحكومة المؤقتة، فأعلنت في بيان أول من أمس (السبت)، أنها تبارك عمليات «الجيش الليبي ورجال وشباب حماية أحياء مدينة بنغازي»، التي قالت إنها تمثّل بداية عملية تحرير المدينة من «بؤر الإرهاب».
في الوقت نفسه، جدّد الاتحاد الأوروبي دعوته إلى وقف إطلاق النار عبر بيان صحافي على موقعه، فيما أكد الاتحاد الأفريقي عدم وجود حلّ عسكري للأزمة في ليبيا، داعماً مبادرة الجزائر، وذلك على لسان رئيس مفوضيته نكوسازانا زوما.