بغداد | تستعد قوات الجيش العراقي معززة بدعم من قوات "الحشد الشعبي"، وعدد من «العشائر السُنية المنتفضة»، لشن حملة عسكرية، وصفت بـ«الواسعة النطاق» بهدف تطهير ناحية عامرية الفلوجة، 40 كم غرب العاصمة بغداد، التي يسيطر على أجزائها الشرقية تنظيم «داعش» منذ العاشر من حزيران الماضي، اليوم الذي شهد سقوط مدينة الموصل شمالي العراق. كل تلك الاستعدادات تجري في وقت حشد فيه التنظيم مسلحيه قرب الناحية في خمسة محاور.

عامرية الفلوجة، هي المنطقة الشرقية الجنوبية لقضاء الفلوجة في محافظة الأنبار. وهي منطقة زراعية تتصل عبر طريق صحراوي يبلغ طوله 52 كم بمحافظة بابل جنوب بغداد، التي شهدت تطهير ناحية جرف الصخر قبل ثلاثة أيام، ومن الجهة القريبة من بغداد تتصل بمنطقة أبو غريب غربي العاصمة العراقية، ولها منافذ عديدة على نهر الفرات، الذي يمر بالمنطقة الغربية للعراق ومناطق الفرات الأوسط الجنوبية وصولاً إلى شط العرب في محافظة البصرة أقصى جنوب البلاد.
في عامرية الفلوجة تسكن عشيرة البوعيسى، وتنتشر في هذه الناحية «فصائل سُنية مسلحة»، أبرزها «جيش المجاهدين» و«حماس العراق»، وبحسب معنيين في شؤون الجماعات المسلحة في العراق، فإن هذين الفصيلين المسلحين يرفضان انتشار تنظيم «داعش» في العراق، ولا تربطهما به أي علاقة، بل شهدت الفترات السابقة مواجهات مسلحة بينهم.
«داعش» يحشد مسلحين قرب الناحية من خمسة محاور استعداداً للهجوم عليها

الجزء الغربي من هذه الناحية يسيطر عليه تنظيم «داعش»، وهي الجهة القريبة من محافظة الأنبار غربي العراق، بينما الجهة الشرقية، تحت سيطرة القوات الأمنية العراقية وقوات "الحشد الشعبي" وأبناء العشائر. أخيراً جرى تطهير 35 كم من أصل 52 كم من الطريق المشار إليه على يد القوات الأمنية العراقية وقوات "الحشد الشعبي"، في أطراف هذه الناحية.
مصدر أمني في محافظة الأنبار، كشف لـ«الأخبار» عن «وجود تحشيد عسكري كبير من قبل قوات عراقية خاصة، مدعمة بقوات من الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي وعشائر الأنبار، لشن حملة عسكرية كبيرة خلال الأيام المقبلة، لتطهير عامرية الفلوجة». وبحسب المصدر، فإن «هذه القوات منتشرة الآن على أطراف الناحية، وهي بانتظار الساعة الصفر للبدء بالحملة».
وأضاف أن «القادة الأمنيين العراقيين وقادة الحشد الشعبي، أعدوا خطة أمنية مُحكمة، ستمكّنهم من تطهير ناحية عامرية الفلوجة من داعش، الذي يسيطر عليها منذ أشهر».
على صعيد متصل، أكد رئيس "مجلس شيوخ العشائر المنتفضة"، وصفي العاصي، «استعداد أبناء العشائر المنتفضة لمساندة القوات الأمنية لتطهير المناطق التي يسيطر عليها داعش، وإعادة النازحين إليها». العاصي ناشد في حديث لـ«الأخبار»، «الحكومة المركزية في العراق، تقديم الدعم لأبناء العشائر، وتوفير الأسلحة اللازمة لهم».
وأضاف العاصي، في اتصال هاتفي من محافظة الأنبار، بأن «عشائر الأنبار ما زالت ترفض وجود العصابات المسلحة في مدنها، لكنها في ذات الوقت تطالب الحكومة العراقية بدعم أبناء المحافظة وتوفير احتياجاتهم من أجل العمل على إعادة النازحين إليها بعد تطهيرها من الإرهاب».
في غضون ذلك، أفاد مدير شرطة ناحية عامرية الفلوجة، الرائد عارف الجنابي، بأن تنظيم «داعش» بدأ حشد مسلحيه قرب ناحية عامرية الفلوجة من خمسة محاور للهجوم عليها.
وأوضح الجنابي، في تصريحات صحافية، أن التنظيم «حشد عناصره في مناطق اليتامى والحصى والفحيلات والبوهوى وزبع، للهجوم على ناحية العامرية من تلك المناطق»، مشيراً إلى أن هذا التحشيد «هو الأكبر من نوعه منذ بدأ عناصر التنظيم الهجوم على الناحية».
من جهته، طالب مجلس ناحية العامرية الحكومة المركزية والقادة الأمنيين بـ«إرسال تعزيزات عسكرية، وفوج مدرع إلى الناحية، لتعزيز القوات الأمنية والعشائر ومساندتها في حال هجوم التنظيم الإرهابي على العامرية».
مدنيون في ناحية عامرية الفلوجة أكدوا لـ«الأخبار» ما أفاد به الجنابي، مبدين اعتقادهم بأن «يشن التنظيم حملة إرهابية على سكان الناحية"، الذين أعلنوا أكثر من مرة رفضهم حضوره ومساندتهم القوات الأمنية العراقية. أهالي الناحية ناشدوا الحكومة العراقية ضرورة «إرسال تعزيزات أمنية لصد أي هجوم قد يشنه التنظيم خلال الساعات المقبلة»، في وقت يحتاج فيه سكان الناحية المنتفضين إلى السلاح.
واذا ما نجحت القوات الأمنية العراقية وقوات "الحشد الشعبي" المساندة لها بتطهير ناحية الفلوجة، فإن النتائج ستكون إيجابية، لأن هذه الناحية ستبعد الخطر عن العاصمة بغداد، وتسهل الطريق لتطهير محافظة الأنبار بأكملها، وكذلك قطع أي خط إمداد مع مناطق شمال محافظة بابل.
وبمحاولة القوات الحكومية العراقية و"الحشود" المساندة لها تطهير المناطق التي يعتمد عليها تنظيم «داعش» لإثبات وجوده في العراق، فإن الخناق سيضيق على التنظيم الذي بدأ يتراجع إلى أقصى المناطق الشمالية والغربية من العراق، وخصوصاً بعد الضربات الجوية الأخيرة في مدينة الموصل، التي استهدفت مخازن أسلحته وهيئاته الشرعية.