أوفت حكومة التوافق الفلسطينية بوعدها بصرف مبلغ مالي لموظفي حكومة غزة (حماس) السابقة الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر. وعدٌ أوفته الحكومة بمال قطري، ويجري صرف الأموال بدءاً من اليوم عبر مكاتب البريد، التابعة لوزارة الاتصالات، فيما توكلت «الشؤون الاجتماعية» بتنظيم أسماء الموظفين «المدنيين»، على أن يتسلم 24 ألفاً منهم 1200 دولار من مستحقات خمسة أشهر سابقة.

هذا «الوفاء» ترافق مع ملاحظات أولها أن الصرف جرى عبر آلية انتقدتها «حماس»، لأنها أظهرت الموظفين «حالات اجتماعية» تكفلت بهم الوزارة ذات العلاقة من دون إدراج أسمائهم على البنوك، كما جاء بعد وعود على مدار ثلاثة شهر بحل المشكلة التي كادت أن تودي بالمصالحة الداخلية، وأيضاً عقب أيام على إغلاق المنفذ البري الوحيد لسكان القطاع، معبر رفح، جراء العملية الأخيرة ضد الجيش المصري في سيناء، وهو ما يمكن تفسيره على أنه «تفريغ» للانفجار الذي حذرت منه «حماس».
مع ذلك، رهن رئيس الوفاق، رامي الحمدالله، إكمال مهماتهم في غزة بسيطرة حكومته أمنياً على غزة وإدارة معابرها. وأكد، خلال مؤتمر صحافي في رام الله أمس، وجود مخاوف من أن يكون سبب «استمرار تأخير بدء إعمار غزة وتحويل التعهدات المالية من الدول المانحة» أن حكومته لم تتولّ إدارة المعابر «باعتبار ذلك مطلباً دولياً، علماً بأنه لم نتسلم أي شيء مما وعدنا به في القاهرة». وقال الحمدالله إن الدوحة أوفت بمبلغ 30 مليون دولار «بعد اتصالات حثيثة مع عدد من الدول العربية والأجنبية والتنسيق مع الأمم المتحدة».
وبذلك سينال 24 ألفاً موظفاً، من أصل 45 ألفاً، أول مستحق مالي يتعدى حدود 600 دولار صرفتها «حماس» للموظفين على دفعتين خلال ستة أشهر، فيما تظهر أوساط مسؤولة في غزة التخوف من أن تكون الدفعة الجارية «ذراً للرماد في العيون، فهي تظهر حكومة التوافق كأنها حلّت مشكلة الموظفين، لكن المطلب الرئيسي هو اعتمادنا ضمن كشوف السلطة». كذلك يذكر موظفون كثيرون أن المبلغ المذكور، على حسنه، لن يحل مشكلات أشهر من انقطاع الرواتب في ظل تراكم الديون والإيجارات، فضلاً عن مصاريف الحرب الأخيرة.
أما قضية رواتب العسكريين، فستبقى معلقة، مع أنه جرى الحديث عن صرف مقتطع مالي قريب لهم تكفلت به حركة «حماس». وتزامن ذلك مع إفادة مصادر أمنية في القطاع بأن أموال الرواتب دخلت، ظهر أمس، بتأمين من قوة تابعة لوزارة الداخلية السابقة تابعت دخول سيارة الأموال عبر معبر بيت حانون «إيريز».
في المقابل، رأت نقابة موظفي غزة، المقربة من «حماس»، أن صرف الدفعات المالية لموظفي غزة «خطوة إيجابية» وفي الاتجاه الصحيح، لكنها أكدت أنها «غير كافية». وعن استكمال الاحتجاجات التي أعلنتها النقابة في وقت سابق، قال البيان إن النقابة ستناقش تأثير صرف الدفعة المالية ودراسة الخطوات المناسبة.
في غضون ذلك، أصدر رئيس السلطة، محمود عباس، تعليماته لمحافظي مدن غزة بالعمل على تسهيل عملية إعادة الإعمار. جرى ذلك بعدما أقسم ثلاثة محافظون، يمثلون مناطق القطاع، اليمين القانونية أمام عباس في مقر الرئاسة في رام الله أمس. وبالتزامن مع تولي المحافظين مهماتهم رسمياً، وقّع رامي الحمدالله، والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (UNDP)، والبنك الإسلامي للتنمية، أمس، اتفاقية لترميم ما بين 600 إلى 1000 مسكن تضررت جزئياً في غزة بقيمة 10 ملايين دولار. لكن هذه الأخبار لم تمنع عدداً من أصحاب المنازل التي دمرت في الحرب الأخيرة من تنظيم تظاهرة للمطالبة بالإسراع في إعادة إعمار منازلهم أمس. واستنكر القائمون على الفعالية «إذلال عشرات الآلاف من أصحاب البيوت المدمّرة بسبب تأخر الإعمار».
يشار إلى أن وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة أعلنت بدء توزيع الإسمنت على المتضررين جزئياً وفق الآلية المعتمدة من الأمم المتحدة. وأصدرت الوزارة قائمة بأسماء نحو 800 مواطن لتسلّم «كابونة الإسمنت» ثم الحصول على الكمية المدونة فيها.
وبينما تسعى الأطراف المعنية إلى حل مشكلة الإعمار، أفاد رئيس بلدية بيت حانون (شمال)، محمد الكفارنة، بأن 20 ألفاً من النازحين لا يزالون في مدارس وكالة الغوث «الأونروا». ومع إغلاق الصفحة الأولى في معاناة موظفي غزة، حذرت مصادر في وزارة المالية في حكومة التوافق، من أنه قد يطرأ تأخير على موعد صرف رواتب الموظفين، التابعين للسلطة، للشهر الحالي، نظراً إلى الإضراب الذي تخوضه نقابة الموظفين ونقابة العاملين في وزارة المالية خاصة.
(الأخبار، الأناضول)