■ كيف تقرأون نتائج الانتخابات؟ هل تعتبرون تفوّق «نداء تونس» على «حركة النهضة» انهزاماً للإسلام السياسي في تونس؟أولاً نحن لم ننهزم، وغير معنيين بخطاب الهزيمة أبداً. الانتخابات لم تفرز حزباً أغلبياً وحزباً أقلياً، بل أفرزت حزباً في المرتبة الأولى (85 مقعداً) ونحن في المرتبة الثانية (69 مقعداً) بفارق بضعة مقاعد، والحركة لا تزال قوية وممتدة على كامل البلاد. لسنا في سيناريو منتصر ومنهزم أو أغلبي وأقلي والفارق بيننا ليس بالفجوة.

نحن لا ننظر إلى أن نتائج الانتخابات أفرزت «انهزام الاسلاميين» وفوز «العلمانيين». الصحافة الغربية وخاصة الصحافة الفرنسية تريد أن تجعل المسألة تبدو كأنها «انتصار اللائكيين (العلمانيين) على الاسلاميين»، ولا يستقيم القول، خاصة أن هناك أحزاباً علمانية عريقة وأخرى لائكية ويسارية (الجمهوري، التحالف، المسار) لم يحصلوا على مقاعد في البرلمان المقبل أو حصلوا على بضع مقاعد فقط. الناخب عند توجهه إلى صندوق الاقتراع لم يكترث بهذا الجانب الأيديولوجي ولم يعره اعتباراً، إلا قلة قليلة ركزت على هذا الجانب. ما وجد في ذهن التونسي عند الاقتراع وما شغله عند الإدلاء بصوته هو استقرار البلاد وأمنها، التخفيض في الاسعار، معالجة مشاكل التشغيل والبطالة...
لا يعنينا أن نكون في الحكم،
موقعنا مريح سواء شاركنا في الحكم
أو كنا خارجه

■ هل يعني ذلك أن التونسيين صوّتوا بكثافة لحزب «نداء تونس» لأنهم يعتبرونه الأقدر على ضمان استقرار البلاد وأمنها ومعالجة المسائل الاقتصادية؟
لا لم يعتبروه الأقدر. خلال حملتنا الانتخابية التقيت الكثير من التونسيين وتناقشنا في تمشي (نهج) الحركة خلال الفترة الماضية. بعضهم يرى أن هناك عدة أطراف عملت على إعاقة وعرقلة حركة النهضة أثناء توليها الحكم ولم تترك الحكومة تعمل في مناخ عادي. فما الضامن ألا يتكرر السيناريو هذه المرة؟ أيضاً هؤلاء أرادوا أن يتفادوا وضعية طرف في الحكومة والبقية تعارضه وتهدم كل ما يبنيه، وهو ما سينعكس سلبا على حياة المواطن، لذلك امتنعوا عن التصويت لنا. وهناك من يبحث عن قوة أخرى تعادل حركة النهضة وتشاركها الحكم، وبالتالي اصطفوا وراء نداء تونس وظنوه حزباً ضعيفاً وارتأوا تقويته بالتصويت له، لكنهم فوجئوا بالنتيجة التي حققها، ما أحدث صدمة حتى لدى من صوّت له، من الذين لم يكن في ذهنهم إعادة هيمنة حزب فقط أو إعادة المنظومة القديمة والذين صاروا يتخوفون من الهيمنة أو من تهديد الحريات العامة والديموقراطية بعد النتائج التي حققها.

■ هل تجني «حركة النهضة» اليوم ثمار الاستقطاب الثنائي الذي غذّته طيلة السنوات الثلاث الماضية بادّعائها أنها المدافع عن الهوية العربية الإسلامية، ما جعل التونسيين يبحثون عن قوة لمواجهتها؟
ليس من الصائب القول إن حركة النهضة غذّت الاستقطاب الثنائي أو بحثت عن تقسيم التونسيين. خلال السنوات الثلاث الماضية كان خطابنا خطاب وفاق ووحدة ولم يكن خطاب تقسيم، عدا عن أن مسألة الهوية العربية الاسلامية لم تعد موضوع تجاذب بل أصبحت موضوع توافق وتم التنصيص عليها في الدستور، وبالتالي أصبحت مسألة الهوية من المكتسب الوطني ولم تعد بالنسبة الينا مسألة نقف عندها، الاستقطاب الثنائي قوّته الأطراف الاخرى التي أرادت تقسيم التونسيين على أساس النمط المجتمعي والتفرقة بين «حداثيين» و«ما قبل حداثيين».

■ لكن تصريحاتكم خلال الفترة الماضية حملت بدورها «خطاب تقسيم» انطلق أياماً بعد «انتخابات 23 أكتوبر 2011»؟
هذا لم يكن الخطاب الرسمي لحركة النهضة، بل كانت محض سجالات بين أنصار الأحزاب السياسية، وربما في الواقع الموضوعي غذت الاستقطاب، لكن علينا أن نتذكر أن هناك أحزاباً تكتلت ضد حركة النهضة وكوّنت جبهة ضد النهضة، هم الذين صنعوا قطباً ضد النهضة وغذّوا الاستقطاب الثنائي، في حين دعت حركة النهضة الجميع الى المشاركة في الحياة السياسية وكوّنت ترويكا جمعت أحزاباً علمانية، ما يعني أننا لم نرد تقسيم التونسيين بين علمانيين وإسلاميين أو يمين ويسار.

■ إذا تمكن نداء تونس من الحصول على الرئاسة فسيكون له كل من الأغلبية النيابية وبالتالي يشكل الحكومة (وفق أحكام الدستور) ورئاسة الجمهورية، ما يعني أنه يهيمن على الرئاسات الثلاث. هل لديكم مخاوف من هذا السيناريو؟
هذه مجرد فرضية واردة نظرياً. النداء لديه مرشح رئاسة وليس رئيس، وهو سيناريو وارد. في الديموقراطيات الكلاسيكية هذا وضع مريح للحزب صاحب الأغلبية ويضع المعارضة بدورها في وضع مماثل حيث ستوجه كل انتقاداتها ورقابتها إلى طرف متجانس، لكن هذا الطرف عليه أن يؤمن بالتداول السلمي للسلطة وبدور المعارضة.
لكن نحن (في تونس) لسنا في وضع مماثل، فلا نزال في مرحلة انتقالية والحياة السياسية تتطلب تضافر الجهود من أجل البناء، لذلك كنا قد دعونا قبل الانتخابات إلى حكومة وحدة وطنية وهناك عدة أطراف اليوم تجدد الدعوة لحكومة وحدة، ونحن اليوم نحتاج إلى حكومة قوية تحظى بدعم واسع.

■ يتداول الآن اسم ياسين إبراهيم، رئيس حزب «آفاق تونس» (حصل على 8 مقاعد نيابية)، كمرشح لرئاسة الحكومة. فهل ترونه قادراً على الاضطلاع بهذا الدور؟
حق تعيين رئيس الحكومة يعود إلى الحزب الأول في ترتيب الاحزاب الحائزة اغلبية الأصوات وهو نداء تونس في هذه الحال، لذلك نحن لا نتدخل في اختيارات هذا الحزب وفي الأسماء التي يرشحها. يوم يُطرح علينا جدياً أي اسم سوف نناقش قدرته على قيادة البلاد وإدارة شؤونها والتحكم في فريقه الوزاري، ونبدي رأينا بكل وضوح، وليس لدينا موقف مبدئي ضد أي مرشح.

■ ما رأيكم في الدعوات المتصاعدة اليوم التي تطالب رئيس الجمهورية، المنصف المرزوقي، حليفكم في الترويكا سابقاً، بمغادرة قصر قرطاج واعتباره فاقداً لأي شرعية؟
تسليم السلطة بين الرئيس الحالي والرئيس المنتخب المقبل يحددها الدستور وهو الذي يحدد مسألة تسليم السلطة. وبعيداً عن الجانب القانوني والدستوري، دعوة نداء تونس المرزوقي إلى الاستقالة هي مجرد تعبير عن موقف سياسي من منافس سياسي آخر موجود في موقع الرئاسة. نحن لسنا معنيين بهذا الموقف.
بالنسبة إلينا لا مجال للفراغ في مؤسسات الدولة. الرئيس لا يغادر منصبه إلا لتسليمه لرئيس منتخب، والمجلس التأسيسي لا تنتهي صلاحياته إلا بعد أن يعقد البرلمان أول جلسة عامة له، والحكومة الحالية لن تغادر موقعها إلا بعد تولّي الحكومة المقبلة لمهماتها وفق ما ينص عليه الدستور. يبدو أن حزب نداء تونس لا يرغب في أن يقوم الرئيس محمد المنصف المرزوقي بتكليف رئيس الحكومة الجديد بتشكيل طاقمة الوزاري، وهذا أمر لا يعنينا بنفس القدر الذي يهم حركة نداء تونس، وبالتالي لم نتداول فيه بعد.

■ «نداء تونس» يضع شرطاً لمشاركته في الحكم وهو مساندة الباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية، فهل ستدعمونه؟
لا يعنينا أن نكون في الحكم، موقعنا مريح سواء شاركنا في الحكم أو كنا خارجه في المعارضة، كما أن الحركة تحصلت على عدد مقاعد لابأس به (قرابة سبعين مقعداً)، أما بالنسبة إلى مرشحي الرئاسة فنحن سنناقش ذلك داخل هياكلنا، ولم نقرر بعد أي الخيارات سوف ندعم.

■ ما هو موقف «حركة النهضة» من مبادرة رئيس المجلس الوطني التأسيسي، مصطفى بن جعفر، وهو الامين العام لحزب التكتل، التي دعت الاحزاب الديموقراطية الوسطية والاجتماعية الى اختيار مرشح وحيد للرئاسية ودعمه في الاستحقاق الرئاسي؟
لم يعرض علينا بن جعفر بعد هذه المبادرة ولم ننقاشها داخل الحركة، لكن حينما تعرض علينا بصفة جدية سننظر في محتواها (كما ننظر في غيرها) وليس لدينا حكم إيجابي أو سلبي بشأنها حتى نطّلع على محتواها. وكما أفاد زعيم الحركة، سنلتقي مصطفى بن جعفر كما سنلتقي العديد من الشخصيات الأخرى. موقفنا ينطلق من أننا مع إيجاد توازن في السلطة وتفادي الاستقطاب الثنائي ورفض هيمنة طرف واحد على السلطة.





أعلن مرشح «الحزب الجمهوري»، أحمد نجيب الشابي، تمسّكه «أكثر من أي وقت مضى» بالترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 23 تشرين الثاني الحالي.
وقال، في مؤتمر صحافي، «سأتقبّل أي تأييد من أي جهة أو حزب سياسي... وحركة النهضة أو غيرها لا يمكنها أن تصنع الرئيس، بل الشعب التونسي هو الذي سيقوم بذلك».
(الأناضول)