رام الله | لم تدرك إسرائيل ما قصده المقدسي معتز حجازي، حين قال بعد خروجه من السجن: «سأكون شوكة في حلق المشروع الصهيوني في القدس»، حتى مساء الأربعاء الماضي، عندما أطلق أربع رصاصات من مسدّسه على صدر المتطرّف اليميني يهودا غليك، ثم غادر سريعاً على دراجته النارية.
وإضافة إلى عملية حجازي، التي أدّت إلى استشهاده بعدما حاصرت القوات الإسرائيلية الخاصة منزله في حي الثوري، شهدت القدس المحتلة، مؤخراً، ثلاث عمليات مقاومة وُصفت بأنها فردية، وأحدثت بلبلة كبيرة في إسرائيل على المستويين السياسي والأمني. فقد أقدم الشهيد محمد جعابيص من حيّ جبل المكبّر، في آب الماضي، على قلب حافلة إسرائيلية بجرافة كان يقودها، ما أدى إلى إصابة سائق الحافلة الإسرائيلي بجروح، إضافةً إلى أربعة آخرين، قبل أن تُطلق الشرطة الإسرائيلية الرصاص عليه.
العمليات الفردية فجائية ولا يتوقعها الأمن الذي يعمل على المعلومة

بعد نحو 80 يوماً على حادثة جعابيص، استشهد الشاب عبد الرحمن شلودي من بلدة سلوان، بعدما أطلق حرّاس القطار الإسرائيلي النار عليه، إثر تنفيذه عملية دهس بسيارته، أدت إلى مقتل إسرائيليتين وإصابة ثمانية آخرين.
المتخصص في الشؤون العسكرية، يوسف الشرقاوي، قال لـ«الأخبار»، إن هذا النوع من العمليات الفردية أكثر إرباكاً للعدو من العمليّات المنظّمة التي تنفّذها الفصائل الفلسطينية، فهي تجعل إسرائيل مستنفرة دوماً، كما أنها «تحدث من دون إنذارات أمنية مسبقة، كما هو الحال في بعض العمليات التي تنفذها تنظيمات تحدث اختراقات أمنية أحيانًا».
ولفت الشرقاوي إلى أن عملية حجازي، الذي أمضى سابقاً أكثر من 11 سنة في السجن، تُمثّل جرأة غير مسبوقة، ومستوى عاليا من التتبع والرصد، الأمر الذي أذهل الأمن الإسرائيلي. لذلك يتوقع أن تشهد «العمليات الفردية» تنامياً ملحوظاً، وخصوصاً أن التنظيمات الفلسطينية في القدس والضفة مكبّلة وعاجزة عن فعل أي شيء، في ظل انسداد الأفق السياسي واستمرار التعنّت الإسرائيلي وزيادة وتيرة الاستيطان والقمع في المدينة المحتلة.
من جهته، أشار المتخصص في الشأن الإسرائيلي، سعيد زيداني، إلى أن إسرائيل تحاول طمأنة المجتمع الإسرائيلي إلى أن هذا النوع من العمليات هو في نطاق محدود، كأنها تقول لهم إننا «لسنا بصدد عمليات على نطاق واسع قادرة على تغيير مسار الأحداث»، كما عمليات التفجير سابقاً خلال الانتفاضة.
ولم يُغفل المتابع للشأن الإسرائيلي، عليّان الهندي، في حديثه لـ«الأخبار»، أن إسرائيل «تريد القدس لقمة سائغة تفعل فيها ما تشاء من دون ردّ فلسطيني»، لذلك تستغل مثل هذه العمليات بطريقة مبالغ فيها، من أجل تأجيج الصراع وتحقيق أطماعها في القدس والمسجد الأقصى، وهكذا تزيد خطورة هذه العمليّات في حديثها.
ربما هو أسلوب أبناء القدس، وهم يطرقون جدران مدينتهم المحتلة بحثاً عن حياة تليق بهم، يفعلون ذلك ويفاجئون الجميع، العدو قبل الصديق، لكن يجب على أحد ما البناء على نتائج هذه الدماء.