غزة | على مدار أيام، تحاول «الأخبار» التواصل مع الأطراف المعنيين بأزمة مصابي حرب غزة الأخيرة الذين يتلقون علاجهم في مصر، لكنّ كلاً من المتحدث باسم وزارة الصحة في رام الله ونظيره في غزة رفض التحدث عن الأمر أو لا يرد على هواتفه.
ولعل سبب ذلك هو الخوف من الحديث عن مسلسل الإهمال الذي يعاني منه جرحى غزة في مستشفيات القاهرة، وخاصة الذين غادروا القطاع قبل أسبوع تقريباً، وذلك بالتزامن مع الأحداث الأخيرة في سيناء التي تتهم غزة فيها.

حتى محاولة الاتصال بالسفارة الفلسطينية هناك لم تأت بنتيجة، فيما تتواصل الشكاوى من أولئك الجرحى، قائلين إنهم يتعرضون لأسوأ معاملة من أطباء المستشفيات وإداراتها، وأيضاً امتنعت أقسام المستشفيات عن استقبالهم بسبب تأخّر وزارة الصحة الفلسطينية في تسديد الفواتير المالية المستحقة عليهم بسبب التحويلات الطبيّة.
ويقول المصابون وعدد آخر من المرضى إنهم يفترشون الأرض أمام مستشفى معهد «ناصر» في القاهرة بانتظار توقيع الكشف الطبي الخاص بهم من أجل الحصول على حقهم في تلقّي العلاج، لكن الأخبار غير السارة التي وردتهم من معبر رفح زادت الهمّ عليهم.
ويشتكي المريض، عبد الرحمن محمد، الموجود في مصر، من سوء الاستقبال والمعاملة في مستشفى «ناصر»، إذ تفاجأ، مع بقية المرضى، برفض استقبالهم في الأقسام المتخصصة بعلاجهم، لأن السلطة الفلسطينية لم تسدد الفواتير المالية المستحقة منذ أشهر عديدة. ويضيف لـ«الأخبار»: «واجهنا هذه الحالة أكثر من مرّة، وكانت الأعذار جاهزة وأقبح من الذنب»، مشيراً إلى أنه يعاني من عدّة أمراض (حمّى البحر الأبيض المتوسط، والسكري، والروماتويد)، وهي أمراض تحتاج إلى علاج منتظم دون انقطاع.
والمرض الذى يعانيه الأربعيني محمد، يحتاج قرابة خمس حقن سنوياً، تبلغ تكلفة الواحدة 500 دولار، ومن المفترض أن «الصحّة» الفلسطينية تلتزم دفعها عبر التحويلة الطبية التي تستخرجها للمواطنين غير القادرين على تحمل تكاليف العلاج، وهم عادة من المصابين بالأمراض المزمنة. كذلك، إنّ العلاج المذكور لا يتوافر في مستشفيات غزة.
ويلفت مريض آخر، رفض ذكر اسمه، إلى أنّ تأخير موعد علاجهم «يزيد المرض، ويعيد الأمور إلى النقطة الصفر، لأن العلاج مرتبط بانتظامه»، مؤكداً أنه تعرض للمعاملة السيئة من إدارة المستشفى في القاهرة.
وكان ربط السلطات المصرية لأوضاع المرضى بالأوضاع الأمنية والسياسية قد زاد التوتر والقلق بين المرضى، في الوقت الذي لا يزال فيه الجانب المصري يغلق معبر رفح البرّي، بعد أحداث سيناء، ما يعني صعوبة عودة المرضى أو الجرحى إلى غزة، فيما قالت مصادر فلسطينية مسؤولة إنها تجري اتصالاتها مع الجانب المصري من أجل فتح المعبر جزئياً لعودة العالقين.
هذه القصة تعيد التذكير بما جرى لمصابي العدوان الأخير الذين نقلوا إلى سيناء (العدد ٢٣٤٧ الجمعة ١٨ تموز)، وها هي القصة تتكرر اليوم في القاهرة مع معاناة تتلخص في معاملة الأطباء المُعالجين، وتأخير المعاملات، ويتحمل المريض أيضاً أعباءً مالية أخرى من أجل الحصول على العلاج السريع.
وكل ما رصد من تصريحات وزارة الصحّة، حتى الآن، أن أزمة خانقة أدّت إلى التقشّف بسبب تقصير المانحين، وهو ما أدى بها إلى تأخير الإيفاء بالالتزامات المالية للمستشفيات العربية المتعاقدة معها، لكن ذلك لا يبرر التهرب من الرد أو رفض التحدث عبر الإعلام.