غزة | يكاد مقر وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة يتحول إلى ساحة اشتباك بين المواطنين المصطفين أمام مكتب توزيع الكابونات المخصصة لاستلام حصة الإسمنت المتعلقة بمتضرري الحرب. ولم ينفك المتضررون ينتقدون الحكومة داخل المقر، من جراء ما سموه سياسة التوزيع غير العادلة للإسمنت، كما اشتكت الغالبية من أنّ الكمية الممنوحة لإعادة إصلاح بيوتهم المدمرة جزئيا لا تكفي مقارنة بالحاجة الفعلية.
وخرج أبو سامر العجلة (45 عاما) من طابور امتد لأكثر من عشرين مترا داخل الوزارة متذمراً من صرف كابونة تحتوي على 10 أكياس من الإسمنت (500 كلغ)، فيما يحتاج إلى 40 كيسا (2 طن) لإصلاح منزله المكون من دورين، الذي تضرر بفعل الحرب الأخيرة. وبعدما أقسم العجلة، وهو من سكان حي الشجاعية شرق غزة، إن الكمية المسموح باستلامها لن تكفي لسد الفجوات التي خلفتها القذائف في جدران المنزل، ويتسرب منها ماء المطر، أخذ ينعت الحكومة بـ«الظالمة»، علماً بأن وزير «الأشغال والإسكان» في غزة يتبع لحكومة التوافق في رام الله، وهو واحد من خمسة وزراء غزيين في هذه الحكومة.
ويقول جل الواقفين إن الجهات المانحة رهنت مصيرهم بآليات معقدة، كما «وضعونا تحت سيف الابتزاز». وأضاف أحدهم، ويدعى خالد أحمد، متسائلا: «كيف لمن دمر سقف منزله مع الجدران أن يعيد ترميم البيت بهذه الكمية؟»، واستدرك: «لم يعد لدينا ثقة بالمسؤولين الذين يرفضون أصلا قبول اعتراضنا على آلية التوزيع».
لا يستلم النازحون
سوى ثلث الكمية المطلوبة لترميم منازلهم


ويوم أمس، نفى نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، موسى أبو مرزوق، في بيان صحافي أن يكون أي مسؤول في الحركة قد أعطى موافقته على خطة مبعوث الأمم المتحدة، روبرت سيري، لإدخال مواد الإعمار. وشرح أن «أخطاء خطة سيري» هي تضمينها نقاطا كاعتراض إسرائيل على المنتفعين في إعادة الإعمار، واعتراضها على الكميات المقرة، وكذلك قال إن الخطة ضمنت «اعتراض إسرائيل على إعادة البناء في بعض المناطق، فضلا عن الإجراءات الطويلة والمعقدة التي تعيق العملية.
من بين الواقفين في الطابور المواطن عمر لبد الذي جاء على عجل لاستلام كابونة الإسمنت التي كان يتوقع أن يستر بها أسرته المكونة من تسعة أفراد، داخل منزلها المدمر جزئيا، والواقع في حي الصبرة وسط غزة، قبل اشتداد تأثير المنخفض الجوي. وعاب المواطن لبد على «الأشغال» التناقض، فهي سجلت احتياجه إلى كمية تصل إلى خمسة أطنان، لكن ما صرف له طنان اثنان فقط. كما عانى التأخير، وظل يتردد ثلاثة أيام حتى يحصل على الكمية القليلة.
وتقول حكومة الوفاق إنها بدأت، منذ الخميس الماضي، تسليم متضرري الحرب الإسمنت، واستفاد حتى الآن نحو 894 مواطناً. وذكرت أن آلية التوزيع جرت بعدما حصرت الوزارة، بمساعدة (UNDB)، أضرار الحرب، ثم أرسلت أسماء المتضررين عبر الوكالة الدولية إلى الشؤون المدنية الفلسطينية التي ترسلها بدورها إلى الاحتلال حتى تتم الموافقة على توريد الكميات اللازمة بدقة، وكل ذلك وفق توصيات روبرت سيري.
وبينما لم يتسن الاستماع إلى وجهة نظر وزير الإسكان في غزة بشأن آلية التوزيع التي وصفها الناس بـ«غير العادلة»، على ضوء امتناعه عن الحديث لوسائل الإعلام، أكدت مصادر داخل الوزارة لـ«الأخبار» أنهم لا يملكون قدرة على تحديد كميات الإسمنت التي من المفترض تقديمها إلى المتضررين، «لأن الجانب الإسرائيلي والوكالة الدولية هما اللذان يقرران الكمية».
وتتقاطع هذه الإفادة مع ما قاله سابقا وزير العمل في «الوفاق»، مأمون أبو شهلا، الذي لمح إلى أن حكومته وافقت على آلية الإعمار «على مضض»، وهي تختلف تماماً عن الخطة الموضوع محليا لإعمار غزة. ولفت أبو شهلا، في تصريح تلقت «الأخبار» نسخة عنه، إلى أن موافقتهم على الخطة الدولية اضطرارية حتى ترمم البيوت المهدمة جزئياً ويُحمى ساكنوها من البرد القارص والأمطار.