عكس الحراك السياسي الداخلي الإسرائيلي على الخط الأردني، بعد سحب عمان سفيرها احتجاجا على ما يجري في القدس، مستوى القلق الذي يسيطر على القيادة في تل أبيب. ويبدو من المواقف التي توالت أن تلك القيادة باتت مقتنعة بأنّ ثمّة خطّا أحمر عليها ألا تتجاوزه، وتحديدا ما يتصل بالمسجد الأقصى، وما جرى في أعقاب الهبة الفلسطينية.
ومن هنا، تمحور الحراك الإسرائيلي على خطين، الأول التشديد على عدم المسّ بالوضع الراهن في الحرم، والطلب من المسؤولين الإسرائيليين وقف الاستفزازات التي تتجسد باقتحام المسجد، أو الدعوة إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية عليه.
رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، لم يمر على قرار الأردن سحب سفيرها مرورا سريعا، بل بادر إلى العمل على احتواء القرار حتى لا تصل الأمور حد الأزمة السياسية بسبب ما يمثله الحراك الشعبي الفلسطيني من ضغط، لذلك تحادث نتنياهو، هاتفياً، مع الملك الأردني، عبد الله الثاني، مؤكداً له أنّ إسرائيل ستحافظ على «الوضع الراهن» في الحرم القدسي، إضافة إلى التذكير بالمكانة الخاصة للمملكة في هذا المكان بما يتلاءم واتفاق «السلام» بينهما. وذكر مكتب نتنياهو أن الأخير وعبد الله دعوَا إلى الإنهاء الفوري لكل نشاطات «العنف والتحريض».
داخل إسرائيل، يجري الحديث عن توصية تقدّمت بها الشرطة إلى نتنياهو بضرورة إصدار تعليمات تقضي بوقف التصريحات «المنفلتة» لحلفائه في اليمين المتطرف بشأن السيطرة على الحرم والدعوة إلى تقسيمه زمانياً ومكانياً كما حدث مع الحرم الإبراهيمي، وأيضا لفتت تقارير إعلامية عبرية إلى أنّ نتنياهو، والرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، يبدآن جهداً مشتركاً لتحقيق الهدوء في كلّ ما يتعلق بهذه القضية، وخاصة في أعقاب قرار الأردن.
موفاز يحذر من تحول القدس إلى مدينة مزروعة بالكتل الإسمنتية

وفي سبيل ذلك، تحادث الاثنان مع عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست الذين توجهوا الأسبوع الماضي إلى الحرم، وهم من الداعين إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية على القدس، وطلبوا منهم الامتناع عن إطلاق تصريحات مثيرة، أو أي أعمال يمكن أن تمسّ العلاقات الخارجية لإسرائيل. وهذا ما ظهر صداه لدى وزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، الذي دعا على غير عادة إلى التعقل حيال الوضع في القدس. وأكد ليبرمان لإذاعة «الجيش» أنه «يؤيد انتهاج سياسة حكيمة»، لافتاً إلى أنه وأعضاء حزبه في الكنيست لا يصعدون إلى «جبل الهيكل» ولا «نطلق دعوات إلى السيطرة عليه». وفي ما يمكن تصنيفه ضمن الحسابات الداخلية، قال الوزير: «المشكلة أنّ المحرضين في اليمين يستغلون النيران لغايات سياسية وحسب».
برغم ذلك، انضمّ ليبرمان إلى الأصوات التي هاجمت رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وقال إن الأخير انضمّ إلى «الجهات الإسلامية المتطرفة»، كما توقف عند رسالة التعزية من «أبو مازن» إلى عائلة الشهيد في «الجهاد الاسلامي» الذي استهدف الحاخام يهودا غليك، وعند منحها «جائزة مالية» ورأى أنهما خطوة لتشجيع «العنف» الفلسطيني.
من جهة أخرى، أقرّ وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نفتالي بينيت، وقف استيراد أنواع المفرقعات التي يستخدمها شبان فلسطينيون خلال المواجهات مع قوات الاحتلال شرقيّ القدس، ويأتي قرار بينيت لمدة مؤقتة تستمر مدة 60 يوماً، بناء على طلب تقدم به وزير الأمن الداخلي يتسحاق اهارونوفيتش. أما بشأن نصب كتل خرسانية في محطة القطار الخفيف، حيث تعرض المستوطنون لعملية دهس أول من أمس، فرأى رئيس حزب «كديما»، شاؤول موفاز، أن هذه الخطوة ليست حلا، لأنه لا يرغب في رؤية القدس مزروعة بالكتل الخرسانية (الإسمنتية)، وأضاف موفاز: «مواجهة الانتحاريين الجدد لن تكون بنصب الكتل الخرسانية في كل زاوية من زوايا الدولة، لأن من شأن ذلك أن يخيف الاسرائيليين ويردعهم عن استخدام وسائل النقل العمومية».
ميدانيا، شيع أهالي القدس جثمان الشهيد إبراهيم العكاري، فيما عم إضراب مرافق المدينة، وذلك بعدما شنت قوات الاحتلال فجر أمس وصباح اليوم حملة اعتقالات طاولت عشرة مقدسيين، من بينهم شقيق عكاري.