القاهرة | يبدو جلياً أن العلاقات بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء قطر، تتطوّر على نحو متسارع، ليترجم ذلك في المجالات الاقتصادية والعسكرية، في وقت دفع فيه انفلات الأوضاع في اليمن والمخاوف المصرية من استمرار الفوضى في ليبيا إلى تثبيت تنسيق عسكري رفيع بين الطرفين.
وكانت وكالة «اسوشييتد برس» الأميركية قد نقلت عن مسؤولين مصريين وخليجيين، في تقرير نشرته في بداية الأسبوع الحالي، أن مصر والسعودية ودولة الإمارات والكويت تبحث في إقامة حلف عسكري لمواجهة «المتشددين» في المنطقة، وخاصة في ليبيا واليمن، وأن الدول الأربع تدرس إنشاء حلف عسكري، وأن هناك إمكانية لإنشاء قوة مشتركة للتدخل في المنطقة. وأوضحوا أن الحلف سيكون منفصلا عن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».
من المؤكد أن مكاسب تحالف كهذا متعددة، وخصوصاً بالنسبة إلى مصر. فالسعودية تمول صفقات تسليح مصرية، يقال إن من بينها تلك المبرمة مع موسكو، بينما تُعد باقي دول الخليج مستعدة للمساعدة في مجال تمويل صفقات عسكرية، وأخرى مرتبطة بالوقود، الذي تستورده مصر من الخارج.
حتى الآن لا إعلان رسميا واضحا عن صيغة التحالف أو عن طبيعته، ولكن تشير معطيات إلى أن الحديث عن إنشائه جاء على هامش لقاء قادة جيوش «التحالف الدولي» في واشنطن في منتصف شهر تشرين الأول الماضي.
وبرغم ضبابية المعلومات المتوافرة عن المشاركة المطلوبة من كل دولة، إلا أن رئيس أركان الجيش المصري، الفريق محمود حجازي، عرض الموضوع على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ودارت مناقشات عديدة حول جدواه، بحسب ما أكدت مصار مصرية.
وبحسب مصادر مصرية رئاسية، فإن «صيغة التحالف تعتمد على التوسع في التدريبات العسكرية المشتركة، وتدريب قوات سعودية وإماراتية في مصر، خلال الفترة المقبلة، ضمن برامج التعاون العسكري، على أن يجري اللجوء إلى بنية التحالف للتصدي لحركات التمرد في اليمن، أو تنفيذ ضربات عسكرية في الأراضي الليبية»، في وقت لم يخفِ فيه المصدر «المخاوف الخليجية من خطورة الأوضاع في اليمن والعراق».
وأضاف إن «دولة الإمارات والسعودية ستموّلان تكلفة العمليات بالكامل، فيما تتولّى مصر توفير مساعدات لوجستية»، إلا أنه استبعد خيار العمليات العسكرية البرية المباشرة خلال الأشهر الأولى من إنشاء الهيكلية المفترضة.
وتشير المعطيات إلى أنه «ستُستخدم المطارات العسكرية المصرية القائمة في الجانب الغربي من الأراضي المصرية، إذا ما كان هناك حاجة لاستهداف أي أهداف داخل الأراضي الليبية، على أن تنفذ العمليات طائرات مصرية وسعودية وإماراتية، بالتنسيق بين قيادات الجيوش الثلاثة».
عموماً في ما يتعلق بالشق الميداني، لا يستطيع الجيش المصري خلال الفترة الحالية المشاركة في أي قوات برية ترمي الى تنفيذ عمليات خارجية، باستثناء مشاركته في قوات حفظ السلام الدولية العاملة في عدة دول، ولا يتجاوز عددها المئات. وهو يواجه مشكلة أخرى مرتبطة بالصورة الذهنية السيئة التي خلّفتها في الشارع المصري مشاركته في «حرب تحرير الكويت» عام 1991، إضافة إلى تشتّت الجبهات الداخلية التي يعمل عليها. ويدرك الرئيس عبد الفتاح السيسي أبعاد المرحلة الخطيرة التي يمر بها الجيش المصري، لكن في الوقت ذاته لديه رغبة في فرض نفوذ مصري في المنطقة العربية.
وفي حديث إلى «الأخبار»، قال الخبير الأمني المصري، اللواء محمود عبدالعال، إن «الحديث عن تأسيس تحالف عسكري مصري ـ خليجي أمر طبيعي، وسط التحديات التي تواجه الدول العربية من قبل العناصر المتطرفة، وحالة الفوضى التي تسعى قوى خارجية لنشرها في عدة دول في المنطقة العربية، تحت مسمى الربيع العربي»، مشيراً إلى أن «التجربة الليبية في التغيير أدخلت البلاد في دوامة لن تتضح معالمها النهائية قبل سنوات».
أما الخبير العسكري اللواء أحمد عبد الحكيم، فقد أبدى اعتقاده بأن «الاستراتيجية العسكرية التي يتّبعها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا تسمح بتوريط قوات الجيش في أي معارك من شأنها إلحاق خسائر بالقوات المصرية»، مضيفاً أن «التحالف المصري الخليجي يأتي ضمن محاولة للسيطرة على قوات التطرف في المنطقة».